الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قمة "فيلا لا جرانج" والوجه الآخر للسياسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت نتائج قمة الزعيمين العالميين " الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي "جو بادين" عن مدى الدور الذي تلعبه "الميديا" في إشعال الأزمات، وأن ما يجري وراء الستار في السياسة كثيرا ما يخالف الحقيقة، وان المصالح هي الأساس الذي يبني عليه الساسة قراراتهم، ومصالح دولهم أولا وأخيرا.
صحيح هناك حرب باردة جديدة بين القطبين الدوليين، ولكنها بشكل مختلف عن حرب القرن الماضي، وهو ما أكدته قمة "فيلا لا جرانج" على بحيرة جنيف في سويسرا، فالبيان الختامي المشترك، جسد أن مصالح البلدين هي الأساس في مفاوضات الزعيمين، فقد أقرا الطرفان بضرورة إجراء مشاورات بشأن الأمن الإلكتروني، بالإضافة إلى عودة سفيري بلديهم.
ونلاحظ بدقة عبارة مهمة جاءت على لسان كلا الرئيسين "بوتين وبايدي" فقد أقرا بأن "النقاشات كانت بنّاءة"، و"نجاح تام""، وأن بناء الثقة بين الطرفين هو معيار الأداء السياسي في العلاقات، فقد تشابهت أقوالهما حول تطبيق "اتفاق مينسك" بشأن الوضع يف أكروانيا، وربط كلا الزعيمين القضية بالتزام تطبيق الاتفاق بشرط أن يكون هناك جدية من كليهما.
وتظل قضية الأمن الإلكتروني مهمة للغاية في علاقة البلدين، بالرغم من أن بوتين أكد على أن أغلب الهجمات السيبرانية في العالم تنفذ من داخل الولايات المتحدة، لا يعني وجود خلاف في التنسيق، ولهذا اتفقا على ضرورة العمل على مشاورات بشأن الأمن الإلكتروني، والبدء في المشاورات على مستوى البلدين بشأن الهجمات الإلكترونية.
وفي العلاقات الدولية يستخدم الساسة العصا والجزرة وكل الأسلحة في كلماتهم، وفي هذا قال بوتين "إن الولايات المتحدة تجري تدريبات عسكرية على حدود روسيا"، في إشارة إلى الشراكات التي تقوم بها واشنطن، في شكل رسائل لموسكو بشأن مصالحها في النطاق الأوروبي، وهو ما يغضب روسيا، وبالرغم منذ لك سعت روسيا لإظهار سياسة "القياصرة" في استخدام كل الوسائل لحماية مصالحها، ولكن تعود وتؤكد أنه دولة ملتزمة بالقوانين الدولية ولم تعمل على انتهاكها في القطب الشمالي، ويعود "بوتين ليقول " نجري تدريبات عسكرية على أراضينا بعكس ما تقوم به الولايات المتحدة وحلف الناتو".
ومن الملاحظات المهمة أيضا في كلمات الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي أن القمة مع نظيره الأمريكي تناولت العلاقات التجارية والتعاون في القطب الشمالي وقضايا أخرى"، ثم الإعلان عن المفاجأة بشأن الإتفاق على عودة سفيري البلدين إلى عملهما، والمتوقع أن يتم قبل نهاية يونيو الجاري، بينما ما يتعلق بشأن أوكرانيا قال بوتين" لم يكن هناك ما يمكن مناقشته مع الرئيس الأمريكي بشأن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي".
وفي إطار التوافق في المصالح، عاد بوتين ليقول "هناك مسئولية كبيرة تقع على عاتق روسيا والولايات المتحدة لتعزيز الاستقرار الاستراتيجي في العالم"، وفي ذات الوقت يعود ويقول "إن روسيا والولايات المتحدة مختلفتان في عدة قضايا ولكن الطرفين أكدا نيتهما البحث عن مواقف مشتركة"، انطلاقا من أن اتفاق واشنطن وموسكوعلى عدم وجود أي فائز في الحروب النووية، وقدرة كليهما على إحراز تقدم في تحقيق الأهداف المشتركة والحد من مخاطر الصراعات المسلحة، وضرورة إطلاق حوار حول الاستقرار الاستراتيجي في أقرب وقت، وهنا يعود يوتين ليقول "لدينا التزام وحيد فيما يخص أوكرانيا وهو المساعدة في تنفيذ اتفاقات مينسك".
ولا يمكن أن أن نغفل مدى الخلاف بين موسكو وواشنطن وتدهور في العلاقات بين البلدين، وتحديدا بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا وتدخلها في سوريا في 2015 واتهامات الولايات المتحدة لها بالقرصنة والتجسس، وفيما يتعلق بإظهار التفريق بين ما هو شأن محلي وأخر دولي، ذكر بوتين حول قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني، إن " نافالني خالف القانون الروسي وكان يعرف أنه قد يتعرض للسجن حال عودته إلى البلاد".
وفي إطار المسافات المفتوحة لوحظ وفق التصريحات الرسمية، أن بايدن لم يدعو بايدين بوتين لزيارة واشنطن، وكذلك لم يدعو بوتين بادين لزيارة موسكو، فيما قال بوتين "لا يوجد تحديد قاطع لمفهوم "الخطوط الحمراء" بين روسيا والولايات المتحدة ولكننا نتبادل التفاهمات بشأنها"، بل وصل الأمرر للإقرار بتفاهمات حول المواطنين المسجونين في كلا البلدين والعمل على هذا الملف لإيجاد حلول وسط.
وفي اتجاه عكس ما روجت له الآلة الإعلامية، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، "إنه لم تكن هناك أي نبرة حديث عدائية خلال لقائي مع نظيري الروسي فلاديمير بوتين، مسئولية مشتركة لإدارة العلاقات بين واشنطن وموسكو، وكان اللقاء صريحا للغاية"، بل أكد أكثر أنه "ليس لدي أجندة ضد روسيا، ولكن أجندتي هي خدمة مصالح الشعب الأمريكي، ورد واشنطن سيكون قوي تجاه أي عمل يهدد مصالح الشعب الأمريكي".
ولأن المصالح هي الأغلب في إدارة السياسة " قال بايدين "سنعمل على الخطوات الواجب اتخاذها لمنع وقوع أي صراعات مسلحة، وقد تم الاتفاق على العمل معًا لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وإمكانه المساعدة في دفع إيران إلى العودة للالتزام بالاتفاق النووي.
القراءة الأولية لنتائج قمة قمة "فيلا لا جرانج" تكشف بوضوح الوجه الآخر للسياسة.