الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"لاهارا نحن واحد".. رحلة للبحث عن توأم الروح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تأخذنا رواية "لاهارا نحن واحد" للكاتبة النيوزلندية نزهت جاهان لأماكن بعيدة وأجواء صوفية وروحانية مشبعة بالرؤى والأحلام، حيث تتنقل بنا الكاتبة من خلال بطلة الرواية "لاهارا" بين نيودلهي ولندن وأوكلاند والقدس وبالي ونيسابور وبيرو ومكة والعديد من الأماكن حيث تسحرنا بحواراتها ونقاشاتها الساخنة حول مواضيع صعبة بين لاهارا التي تحتفظ بدفتر خاص تدون فيه رؤاها،و لديها قدرة عجيبة على تفسير الأحلام وغالبا ما تتحقق رؤاها وبين باقي شخصيات الرواية.
بطلة الرواية "لاهارا" شابة في نهاية العقد الثالث، لم تتزوج بعد وتبحث عن توأم روحها لكنها مشغولة بكتابة "كتاب" لتنجز وعد وعدته لصديقتها "إيما" التي ماتت منتحرة في شقتها في نيو يورك.
موضوعات الرواية متنوعة فهناك قضايا السكان الأصليين في نيوزلاندة وضرورة الحفاظ على ثقافتهم حيث تأخذنا الكاتبة في رحلتها إلى برلمان "الماوري" في واحدة من أجمل صفحات الرواية عندما تحدثت "لاهارا" إلى أعضاء برلمان الماوري وحوارها مع زعيمهم الروحي والسياسي.
الأطفال الكونييون هم الأطفال الذين يولدون من آباء وأمهات من ثقافات وديانات مختلفة ويتحدثون أكثر من لغة ويعيشون متنقلين بين أكثر من مدينة ويتميزون بميزة قد يعدها البعض أمرا غير جيد ألا وهو "عدم الانتماء" فهؤلاء الأطفال غالبا لا يشعرون بالانتماء لبلد معين أو مدينة معينة أو مسقط رأس، وتقريبا كل أبطال رواية "لاهارا نحن واحد" من هذه الفئة. فالبطلة والدها باكستاني مسلم ينتمي لعائلة عريقة ولها نفوذ ديني في حين أن أمها هندوسية اعتنقت الإسلام وبالتالي البطلة موزعة بين ثقافتين ودينين مختلفين بسبب ارتباطها بأجدادها وثقافتهم، وتعيش متنقلة بين عدد من الدول.
نلحظ التأثر الديني لكاتبة الرواية من خلال استخدمها لأسماء الله الحسنى كعناوين لبعض فصول الرواية في الجزء الأول، ورغم محالة الكاتبة البحث عن إجابات لأسئلة وجودية صعبة فهي تقول:
"ما يعطي للحياة بريقها بأن لا نملك الإجابات، وهذا أفضل"
البطل أزاريا " من أب مصري وأم لبنانية ويعمل في دبي، متحدث لبق ولديه القدرة على الإيقاع بالفتيات بطريقته في الكلام التي لا تخلو من غزل ولطف. وهناك ذكر في عدة مشاهد في الرواية لمصر وللحضارة المصرية في فصول الرواية، ورغم أن "أزاريا" مصري وأبوه شيخ صوفي مصري " نظام الدين" إلا أن أسمائهما لا توحي بذلك.
إيما صديقة لاهارا المعذبة وهي من أصول صومالية، فارق أبوها وأمها الحياة لتتبناها "تيريسا" صديقة أم لاهارا، لكن "ويرو" زوج تيريسا لم يمنح إيما الحب الذي احتاجته وكان دائم الاعتداء عليها.
حبكة الرواية رسمتها الكاتبة بدقة وجاءت مليئة بالمفاجآت خصوصا قرب النهاية ولن نعرف كيف ستكون النهاية ومن الصعب التكهن بها. بعض مشاهد الرواية نشعر أن الكاتبة أنهتها على عجل كمن يريد إنجاز العمل في وقت محدد لكنها جاءت في الجزء الثاني أكثر رصانة وعمقا.
ورغم أن هذه الرواية هي العمل الأول للكاتبة التي عملت كمحامية في عدة شركات عالمية قبل أن تحترف الكتابة إلا أنها تظهر قدرة كبيرة على التمكن من أدواتها في بناء عمل روائي جميل واظهرت مقدرة عالية في السرد والحوار بين الشخصيات للكشف عن مكنوناتها.
ولأن الكاتبة تنتمي لجيل الألفية فقد جاءت موضوعات معاصرة في صلب الرواية مثل الحب عن بعد ووجود علاقات حب لأشخاص يعيشون في أماكن بعيدة فهل تنجح هذه العلاقات؟ هل ستجد لاهارا توأم روحها؟ هل ستنجح في نشر التسامح بين البشر؟
في الختام نذكر أن الرواية متوسطة الحجم وتقع في 205 صفحة ويمكن الانتهاء من قراءتها في ست ساعات أو أقل حسب سرعتك في القراءة.