الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

سرقة البراءة بـ"لقمة العيش".. اليوم العالمي لمناهضة عمالة الأطفال

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوافق، اليوم السبت، 12 يونيو من كل عام، اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، الذي تم تدشينه من قبل منظمة العمل الدولية في عام 2002، لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال على مستوى العالم، والقضاء عليها، ويأتي ذلك في ضوء إعلان الأمم المتحدة عام 2021 السنة الدولية للقضاء على عمل الأطفال، لما تشكله هذه الظاهرة خطورة كبيرة، حيث تهدد طفلا واحدا من بين كل عشرة أطفال على مستوى العالم، وفقًا للتقارير الدولية. وتشمل أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدها قادة العالم في عام 2015، تجديد الالتزام العالمي بإنهاء عمالة الأطفال، حيث تدعو هذه الأهداف المجتمع العالمي إلى اتخاذ تدابير فعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025.
١٦٠ مليون طفل عامل في العالم
أصدرت منظمة العمل الدولية، تقريرًا جديدًا حول عمالة الأطفال، مشيرة إلى أن عدد الأطفال العاملين زاد بصورة غير مسبوقة خلال السنوات الأربع الماضية، ليصل إلى ١٦٠ مليون طفل، وفقًا لإحصائيات عام ٢٠٢٠، حيث زاد عدد عمالة الأطفال لـ ٨.٤ مليون طفل، مقارنةً بالإحصائيات السابقة.
وأوضح التقرير، أن الفئة العمرية من ٥ إلى ١١ عاما تمثل نحو نصف عدد الأطفال العاملين في العالم، كما ارتفع عدد العاملين منهم في أعمال خطرة بمقدار ٦.٥ مليون طفل منذ عام ٢٠١٦، وشهدت القارة الأفريقية زيادة كبيرة في عدد الأطفال العاملين، خاصةً في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، وسجلت عمالة الأطفال في زيادة بمقدار ١٦.٦ مليون طفل، في ذات الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمة في مناطق أخرى بسبب جائحة فيروس "كورونا" المستجد.
وحذر التقرير من أن ٩ ملايين طفل قد يضطرون للعمل خلال الفترة المقبلة حتى ٢٠٢٢ بسبب جائحة فيروس "كورونا"، بينما تشير إحصائيات إلى أن هذا الرقم قد يرتفع إلى ٤٦ مليون طفل إذا تفاقمت الأزمة، وتمثل نسبة الأطفال العاملين في الزراعة ٧٠٪ من عمالة الأطفال في العالم بمقدار ١١٢ مليونا، يلي ذلك العاملين في قطاعات الخدمات بعدد ٣١.٤ مليون ثم الصناعة بـ ١٦.٥ مليون، وتمثل الفئة العمرية من ٥ إلى ١١ عاما نسبة ٢٨٪ من الأطفال العاملين، بينما تمثل الفئة العمرية من ١٢ إلى ١٤ عاما نسبة ٣٥٪، ويكونون في الغالب خارج التعليم.
٣٩.٢ مليون طفل في مصر
وفقا لتقديرات السكان عام ٢٠٢٠، سجل عدد الأطفال أقل من ١٨ سنة في مصر نحو ٣٩.٢ مليـون طفل (٢٠.٣ مليون طفل بنسبة ٥١.٧٪، ١٨.٩ مليون طفلة بنسبة ٤٨.٣٪)، وبلغت نسبة الأطفال في الفئة العمرية (من ٠ – ٤ سنوات) ٣١.٩٪، بينما الأطفال في الفئة العمــرية (١٥-١٧ سنة) بلغت نسبهم ١٣.٥٪ من إجمالي الأطفال الأقل من ١٨ سنة.
١.٦ مليون طفل عامل في مصر
وكشف المسح القومي لعمل الأطفال في مصر، الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء والبرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال، عن وجود ١.٦ مليون طفل أعمارهم بين الـ ١٢ و١٧ سنة، يعملون، ويمثلون ٩.٣٪ من الأطفال "أي طفل من كل ١٠ أطفال" مدفوع إلى العمل.
يرتفع معدل عمل الأطفال، كثيرًا في المناطق الريفية عنه في "الحضر"، ويبلغ ذروته في ريف صعيد مصر، ثم ريف الوجه البحري، ثم المحافظات الريفية الواقعة على الحدود، وعن الحرف التي يمارسوها، فيأتي العمل بالزراعة، على رأسها، رغم خطورته، بنسبة ٦٣٪، ثم العمل في المواقع الصناعية كالتعدين والتشييد والصناعات التحويلية بنسبة ١٨.٩٪..
إجراءات الدولة لحماية الأطفال
أكدت المادة ٨٠ من دستور ٢٠١٤، على حق الطفل في الرعاية الصحية والأسرية وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، والحق في التعليم، وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر، لذا فقد أصدرت مصر القوانين والقرارات الوزارية التي تنظم عمالة الأطفال.
كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائي خاص بالأطفال المجني عليهم، والشهود، ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه، وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه في أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين، وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله.
كما نص قانون الطفل المصري رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨، في مادته "٦٤" على أنه يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم ١٥ سنة ميلادية كاملة، وفي المادة "٦٥" يحظر تشغيل الطفل في أي من أنواع الأعمال التي يمكن بحكم طبيعتها أو ظروف القيام بها، أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الطفل للخطر، ويحظر بشكل خاص تشغيل أي طفل في أسوأ أشكال عمل الأطفال المعرفة في الاتفاقية رقم ١٨٢ لسنة ١٩٩٩.
أصدرت وزارة القوى العاملة قرار رقم ١١٨ لسنة ٢٠٠٣، محددا الأعمال والمهن والصناعات التي لا يجوز تشغيل الأطفال فيها، إذا قل سنهم عن ١٨ عامًا، وينص تحديدا على ٤٤ عملا ومهنة وصناعة لا يجوز تشغيل الأطفال بها، والتي تتضمن جميع الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والأحجار، وصهر المواد المعدنية، وصناعة المفرقعات، وإذابة الزجاج وإنضاجه، وصنع الكحول، والدهان، وجميع المهن التي يتم استخدام الزئبق بها.
وفي عام ٢٠١٨، أطلق وزير القوى العاملة، محمد سعفان، الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال في مصر ودعم الأسرة (٢٠١٨-٢٠٢٥)، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، والتي حددت أسوأ أشكال عمل الأطفال بصرف النظر عن الوضع الاقتصادى للبلد في ٤ أشكال، وهى كافة أشكال الرق والممارسات الشبيهة بالرق كبيع الأطفال والعمل القسرى أو الإجبارى، واستخدام أو تشغيل أو عرض طفل لأغراض الدعارة أو إنتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية، استخدام أو تشغيل طفل لمزاولة أنشطة غير مشروعة كإنتاج المخدرات، فضلًا عن الأعمال التى تسبب الأضرار بصحة الأطفال ونفسيتهم.
كما تهدف الخطة أيضًا الإسهام الفعال في القضاء على عمل الأطفال بكافة أشكاله بحلول عام ٢٠٢٥، وتوفير الحماية الاجتماعية الشاملة للأطفال المستهدفين وأسرهم، وحددت إستراتيجية عمل للقضاء على عمل الأطفال، وترتكز إستراتيجية تنفيذ خطة العمل الوطنية على عدة نقاط مهمة تتمثل في إنشاء قاعدة بيانات موثقة ومستدامة عن عمل الأطفال وأسوأ أشكاله، وإنشاء أجهزة تنسيق وطنية وإقليمية لمكافحة عمل الأطفال، وتحديث قائمة المهن الخطرة.
خط نجدة الطفل
أطلق المجلس القومي للطفولة والأمومة خط نجدة الطفل ١٦٠٠٠، آلية لتلقي الشكاوى تتصل بانتهاكات حقوق الطفل ورفع الوعي المجتمعي بحقوق الأطفال وإلقاء الضوء على مشكلات الطفل، وذلك على مدى ٢٤ ساعة طوال الأسبوع.
الأعداد الحقيقية غير معروفة
ويقول أحمد حنفي، مسئول خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة سابقًا، إن ظاهرة عمالة الأطفال خطيرة جدًا، حيث إن الأعداد الحقيقية هي أكثر من الأعداد المعلنة سواء عن طريق وزارة القوى العاملة أو مسح خط نجدة الطفل، حيث تعتمد على الحالات التي يتم الإبلاغ عنها أو المرصودة داخل الورش والكيانات الصناعية.
ولفت إلى أنه أعداد أخرى كبرى غير معلن عنها مثل فئة خدم المنازل، وهي الفئة التي لا يمكن رصدها والإقبال فيها يكون على تشغيل الإناث للخدمة وتلبية طلبات أصحاب المنازل، ويتعرضن للإساءة النفسية والجنسية أيضًا، فضلًا عن فئة عمال حمل الطوب أو جني المحصول وأراضي الاستصلاح في المحافظات المختلفة.
ويواصل حنفي، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن الدولة اتخذت خطوات عديدة خلال الفترة الأخيرة لمواجهة عمالة الأطفال، ويتواجد في وزارة القوى العاملة والتضامن الاجتماعي وحدات للطفل العامل، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في التدخلات الفنية حيث إنها لم تقدم الحل الأمثل لهذه الظاهرة.
مشيرًا إلى أن منظومة التعليم تعاني من حالة ضعف وأصبحت طاردة للأطفال من التعليم وليست جاذبة، ويسرب الأطفال منها من أجل العمالة وتوفير التكلفة المالية التي أصبحت مرتفعة، الأمر الذي يساهم في زيادة مشكلات الأطفال سواء التوجه إلى العمالة أو تعاطي المخدرات والتسول في الشوارع وغيرها.
إستراتيجية للقضاء على عمالة الأطفال
كما يقول أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الأطفال، إن ظاهرة عمالة الأطفال من أخطر الظواهر، لما لها من آثار نفسية واجتماعية سلبية، ومن أهم هذه الآثار هو أن الطفل العامل عندما يكون مواطنا لا ينتمى لهذا المجتمع، ولا يحب المشاركة في التنمية أو العمل أو أي طريقة لنهضة المجتمع، موضحًا أنه في القانون الطفل أقل من ١٣ عامًا لا يجوز أن يعمل، وشروط العمل بعد سن الـ ١٨ من قبل المحافظ قاسية جدًا لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، والتي تشترط ألا يؤثر على الصحة أو البيئة أو التنشئة، فلا بد من حماية الأسرة لاحتياجها لمصدر رزق أو دخل، والتي توفرها وزارة التضامن الاجتماعي من الأساس، كما أن الدستور حظر عمالة الأطفال أقل من ١٥ عامًا.
ويستكمل مصيلحي، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن ما يحدث في الواقع عكس ما هو مذكور في القانون، كما أن تدني الحالة الاقتصادية عالميًا بسبب جائحة فيروس "كورونا" المستجد يزيد من عمالة الأطفال لتوفير لقمة العيش، ومصر تتأثر بالجائحة مثل دول العالم.
وطالب بوجود إستراتيجية للقضاء على عمالة الأطفال، وهي سياسة تخرج من الدولة ممثلة في المجلس القومي للطفولة والأمومة، لحماية الطفل من أي اعتداء حتى إذا كان من أسرته، ولابد أن يشارك فيها كافة الوزارات، مثل وزارة التضامن الاجتماعي والشباب والرياضة والثقافة والداخلية لوقف عمالة الطفل وسجن من يخالف الأمر، بجانب تعاون منظمات المجتمع المدني وتوعية وسائل الإعلام بخطورة عمل الطفل.
وأضاف أنه تقريبًا كافة أطفال الريف يعملون مع أسرهم في الأراضي الزراعية، والتي تؤثر سلبًا على صحتهم من حالات وفاة أو تسمم من الكيماوي، كما لا بد من توقف الفتيات أقل من ١٨ عامًا تعمل في المنازل.