الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وأوغندا أيضا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعتبر دول حوض النيل من أهم الدول التي يجب أن نطور علاقاتنا بها في الوقت الحالي بعد أن تجاهلناها لعقود طويلة أدت إلى تدهور تلك العلاقات بما أدي إلى تهديد أمننا المائي والاستراتيجي والقومي.
ودولة أوغندا من دول حوض النيل المهمة، وهي بلد غير ساحلي تقع في شرق أفريقيا. وتعرف بأنها "لؤلؤة أفريقيا". يحدها من الشرق كينيا، ومن الشمال جنوب السودان، ومن الغرب جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن الجنوب الغربي رواندا، وتنزانيا من الجنوب. ويبلغ عدد سكانها نحو ٤٥ مليون نسمة.
وقد تردد اسم أوغندا في ظل أزمة الحرب الأهلية التي تدور رحاها في إثيوبيا الآن، وما تردد عن محاولتها القيام بوساطة لحل أزمة إقليم تيجراي الإثيوبي مع نظام آبي أحمد، الذي يشن حربا بالطائرات وكافة الأسلحة الثقيلة على الإقليم منذ أسبوعين.
وكانت إثيوبيا قد استطاعت أن تتغلغل إلى قلب بعض دول حوض النيل، وعلي رأسها أوغندا التي تمتلك المنابع الرئيسية للنيل الأبيض كما تمتلك أكثر من نصف بحيرة فيكتوريا، وتمتلك نصف بحيرة ادوارد، وتهطل على أوغندا الأمطار لما يقرب من ٨ شهور في العام، أي ثلثي العام موسم للأمطار بل أن جزءا من المياه التي تصل إلى نهر الكونغو تعبر من أراضيها أيضا.
وكعادة إثيوبيا في تسميم الأجواء الأفريقية في مجالنا الحيوي الإقليمي والاستراتيجي، استغلت حالة الانحسار المصري في علاقاته بجيرانه الأفارقة، وأوهمت دول حوض النيل ومن بينها أوغندا أن المصريين هم مجرد شياطين، يريدون نهب خيراتهم بدون وجه حق!.
ونتيجة لذلك قامت أوغندا بإقامة عدد من السدود، التي منعت كميات كبيرة من المياه إلى مصر، ببناء سدود على بحيرة فيكتوريا، لا تسمح سوي بمرور كميات قليلة جدا من المياه عبر توربينين فقط لتوليد الكهرباء، فضلا عن إقامة مصدات عديدة لعرقلة حركة المياه من البحيرة إلى نهر النيل مفضلة غرق أراضيها على تمرير المياه إلينا بدون أن تستفيد من ذلك!.
كما أقامت أوغندا مؤخرا سدا على بحيرة "كيوغا " للتحكم في المياه التي تصل إلى بحيرة "البرت" في محاولة جديدة لعرقلة تدفق المياه إلينا، في مكايدة لن تستفيد منها بشكل فعلي، وإنما هي مجرد مشروعات هدفها الإضرار بنا، والتضامن بشكل أو بآخر مع الجانب الإثيوبي، الذي يحاول الإضرار بمصر بشكل دائم.

وتأكيدا على موقفها الداعم لحكومة إثيوبيا، كانت أوغندا من أوائل الدول التي وقعت على اتفاق عنتيبي لإلغاء اتفاقية توزيع المياه، وإلغاء حق مصر في الاعتراض "الفيتو"، على إقامة أي مشاريع تقام على النهر، ومن شأنها الإضرار بحصة مصر في المياه.

فإذا كانت إثيوبيا قد استغلت الفوضي، التي وقعت في مصر عام ٢٠١١، لكي تبني سدها في غفلة من مصر والعالم، فيمكننا الآن أن نقيم جسورا من المحبة، عمادها المشروعات الحيوية بيننا وبين أشقائنا الأفارقة أبناء النيل، في منابعه الأولي خاصة في أوغندا التي كانت في قلب اهتمام مصر في عهد عبدالناصر، قبل أن تعاني من تجاهلنا فيما بعد.

فأوغندا بحاجة إلى مشاريع لتوليد الكهرباء، من خلال سدود تسمح بتمرير المياه، كما تسمح بتوليد الكهرباء في ذات الوقت، لا مجرد سدود للمكايدة، تمنع تدفق المياه لتغرق أصحاب الأر، وتعطش أهل النيل في مصبه.

أوغندا بحاجة إلى تنمية مشاريعها الحيوانية والزراعية، خاصة أنها دولة تغرق نصف مساحتها تقريبا بالبحيرات والمستنقعات، وكميات هائلة من المياه،التي تذهب هباء في البخر، ولا ينتفع منها إنسان أو حتى حيوان.

نحن بحاجة إلى أن ننظر تحت أقدامنا قليلا، ولا نجعل رؤوسنا معلقة دائما بالآخر، الذي يقبع على الشاطئ الآخر من البحر، دون أن نسوي تحت أقدامنا أرضا راسخة، من العلاقات مع أشقاء،تجمعنا بهم وحدة الأرض والماء والقارة البكر، التي تبحث عمن يعمرها ويستخرج كنوزها.