الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ذئاب بشرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مجتمعنا العربى المحافظ الذى يعلى من القيم الاخلاقية، ويرفض الشذوذ الفكرى والاخلاقى، يتعرض لهجمة شرسة ممن يعملون على هدم قيمنا وبناء إنسان مصرى هش.
واذا كنت قد طالبت بمقالى بالأسبوع الماضى ضحايا التحرش بالإبلاغ عن المجرمين الذين تحرشوا بهم فإننى اليوم أطالب المشرع المصرى والحكومة بفرض عقوبات أكثر صرامة وردعا على المتحرشين والمتحرشات ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه فعل أو سلوك هذا المسلك الدنئ.
فلا يعقل أن يقتل حدث طفلين تحرش بهما ثم اغتصبهما ثم تكون عقوبته إيداعه دور الأحداث، وهنا أستذكر مطالبات البعض فيما مضى بإخصاء المتحرشين بشتى الأعمار لدرء شرورهم والآمن من خطرهم.
ولاشك أن هناك أيادى قذرة خارجية وداخلية تعمل في الخفاء على هذا التغيير السلبى بمجتمعنا مستخدمة كل أدوات الشر لتحقيق مآربها ويأتى في مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية المأجورة والاثنان في قفص الاتهام باعتبارهما المحرض الأساسى على إشاعة الفسق والشذوذ وثقافة العنف وخداع الشباب والشابات بالثراء السريع بأقل جهد.
إننا في صدمة من بعض قضايا التحرش التى شهدناها ومن بينها تحرش طالب بمعيدة جامعية بأسوان وقيام ذئب بشرى عمره 17 عامًا باغتصاب وقتل طفلين عمرهما 6 و4 سنوات ذبحهما بمنجل ثم جريمة حدثين عمرهما 12 و13 سنه قتلا زميلة لهما بالدرس استدرجاها بسكة المزاريطة وتعديا عليها جنسيًا وللأسف سيكون عقاب القاتلين الصغيرين إيداعهما إحدى دور الأحداث.
الأمر بجد خطير والأجيال الجديدة التى هى عماد مصر في خطر ونوعية الحوادث الأخلاقية التى نشهدها تجعلنا نستشعر الخطر ومن بينها ما حدث لمعلمة فاضلة عمرها 50 سنه تعرضت للتحرش من قبل مجموعة من التلاميذ بإحدى لجان امتحانات المرحلة الإعدادية عندما حاولت منعهم من الغش فانقضوا عليها كالذئاب الجائعة بلمس أجزاء حساسة من جسدها بصراحة أمر مقزز ومشين.
وهنا لا بد من وقفة تقدير واحترام لقضائنا الشامخ الذى أنصف المعلمة الفاضلة، وأدان المتحرشين والمتقاعسين محذرا من التراجع التربوى لدور المدرسة والبيت منبها لخطورة الفن الهابط وخطر مطربى ومطربات المهرجانات والأغاني السوقية.
ودعونا هنا نحيى المحكمة الإدارية العليا، ونتوقف عند نص حكمها الذى يجب أن يدرس بمدارسنا وجامعاتنا، وأكد فيه أن المعلمة لم تجد الدعم الكافى من رؤسائها بوزارة التعليم وتخلى عنها مدير الإدارة التعليمية رغم تحرش الطلاب بها وملامسة أجزاء من جسدها بشكل عنيف وغوغائي فناضلت وحدها حتى حاكمت الصبية جنائيا وعانت قهرًا نطقت الأوراق به، والمحكمة تسجل في صفحات حكمها نضالها نموذج للمرأة المثابرة فتعيد إليها كرامتها التى اُهدرت، وأن تحرش طلاب الإعدادية على معلمتهم وعمرها 50 عامًا أحلك أشكال العنف ضد المرأة وأشد فتكا بالمجتمع، ولها آثار خطيرة على البناء الاجتماعي والنسق القيمي.
وأكدت المحكمة أنها من منصتها العالية تدق ناقوس الخطر لمواجهة ظاهرة التحرش قبل أن تخرج عن السيطرة مشيرة إلى أن قصر التنشئة الأسرية على البيت دون ربطها بالمدرسة أول أسباب الفشل فيجب استعادة ثقافة التكامل بين المدرسة والبيت، فنفاذ المسئولية التربوية بين الأسرة والمدرسة أظهر جيلا مشوها لا نعرفه ولا يعرفنا، مما يقتضى من الجميع التعاون لإعادة هذه الأجيال التى تفلت عقالها إلى مرابضها الحقيقية ومشاربها النقية.

ووضعت المحكمة كما نقول يدها على الجرح عندما أكدت في حكمها أنها تسجل الدور السلبى للفن ووسائل الإعلام في أفلام البطل الفوضوي وأقوال الفُحش والرذيلة وكلمات الإيحاءات الخارجة لأغانى المهرجانات والحفلات التى عززت من انتشار التحرش الجنسي حتى وصل تحرش تلاميذ الإعدادية بمعلمتهم وهو ثمرة تشويه فكري وأخلاقي وديني واستنهضت المحكمة همم الأجهزة الفنية الرقابية للقيام بدورها تجاه الأفلام الهابطة وأغانى المهرجانات والحفلات الساقطة تصريحا وتلميحا وتعد معولا لهدم القيم ونصلًا لخدش الحياء وسهما مصوبا لقتل الفضائل ومكارم الأخلاق مشيرة إلى أننا نحتاج مصنفات فنية تخاطب النشء بالقيم الإنسانية والإبداع والحق والجمال والشجاعة والتسامح الدينى والصدق والمحبة والرحمة وإعلاء الانتماء والولاء لمصر.
وناشدت المحكمة المشرع بتعديل العقوبات للمصنفات الفنية المشجعة للانحراف الواردة في قانون الطفل دون 18 عامًا رغم مرور ربع قرن ! (غرامة 50 جنيهًا وأخرى 100 جنيه).