السبت 15 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

أطماع أردوغان تطال عالم البحار

 أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تقتصر أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التوسع باليابسة فقط، مثلما فعل من قبل بالتوغل في سوريا والعراق، وإنما طالت طموحاته الواهية المياه أيضًا، محاولًا السيطرة على المزيد من الأميال البحرية؛ لضمان التنقيب الآمن عن نفط الغير والاستيلاء عليه، ومضايقة دول الجوار، فضلًا عن الحلم الرئيس، وهو إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية على دعائم إخوانية.


انتهاكات دولية
انتهاك صارخ للقانون والمواثيق الدولية، تم الاتفاق عليه بتوقيع كل من «أردوغان»، وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق في طرابلس الليبية، اتفاقية تحت مسمى ترسيم حدود مناطق النفوذ في المتوسط، نوفمبر 2019، والتي أثارت ردود فعل دولية غاضبة، بسبب ما اعتبرته الهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية تعديًا واضحًا على سيادة دول شرق المتوسط.
ورفضت مؤسسات ليبية وطنية، تلك الاتفاقية المثيرة للجدل، وهددت بأنها لن تسمح لأنقرة وغيرها بنهب ثروات الليبيين ومقدرات البلاد، تحت أي غطاء، فيما اعتبر قادة الاتحاد الأوروبي أن الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، انتهاكًا للقانون الدولي، خاصةً بعد دعم أردوغان اللوجستي للإرهاب، وإرساله الأسلحة إلى ليبيا، وإرسال المرتزقة لمساعدة «الوفاق».
وبعد أسابيع من إبرام أنقرة والوفاق اتفاقيتين بحرية وأمنية لترسيم الحدود في البحر المتوسط، دفع ذلك كل من اليونان وقبرص وإسرائيل إلى إتمام اتفاق «إيست ميد» في يناير 2020، التي تقضي على الطموح التركي في السيطرة على إمدادات الطاقة بالمنطقة.
وعلى الرغم من العقوبات الأوروبية التي فُرضت على أنقرة بالفعل، فقد أصرت على التنقيب عن الغاز في منطقة شرق المتوسط، زاعمةً أن اكتشافاته سيوفر لسياساتها الخارجية نوعًا من الاستقرار والاستقلالية السياسية.

الابتزاز التركي
استخدم الرئيس التركي قضية اللاجئين كورقة رابحة للضغط على الاتحاد الأوروبي، وتحقيق مكاسب ومساعدات مالية، وفي عام 2016 عقد اتفاق «إعادة القبول»، قضى بإنهاء تدفقات الهجرة غير الشرعية من تركيا إلى الدول الأوروبية، وضمان تحسين ظروف استقبال اللاجئين في تركيا؛ حيث يوجد على أراضيها 3.6 مليون لاجئ سوري، مقابل دعم بقيمة 6.7 مليار دولار.
وبموجب هذا الاتفاق تحصلت تركيا على مكاسب ومساعدات من الدول الأوروبية، وفي مقدمتها إنجلترا وفرنسا وألمانيا، تنعش الاقتصاد التركي المنهك، وتدفقت بالفعل 6.2 مليار دولار مساعدات من الاتحاد الأوروبي.
واستغلت تركيا أيضًا ورقة إعادة سجناء تنظيم «داعش» الإرهابي إلى بلدانهم الأصلية في الدول الأوروبية؛ ما يسبب صداعًا في رأس تلك الدول، ويضعهم في مأزق بالغ الخطورة أمام شعوبهم، خاصةً بعد تعرض العديد من تلك الدول لهجمات إرهابية عدة، لذلك لا يكون أمامها خيار سوى محاولة إرضاء تركيا ماليًّا لتسكينها عن فكرة إرسال الدواعش الأجانب إلى بلادهم.

المنطقة الآمنة في سوريا
ينضم التدخل التركي السافر على الأراضي السورية، إلى لائحة جرائم أردوغان، فقد أراد إنشاء منطقة آمنة على الحدود «السورية ــ التركية» في منطقة كوباني وعفرين مرورًا بجرابلس، في ريف حلب، والتوغل أكثر بداخل العمق السوري بمسافة 30 كيلومترًا، وبطول 68 ميلًا على الحدود، وتعد المنطقة الآمنة ذات طبيعة أمنية وعسكرية، وتم الاتفاق بين واشنطن وأنقرة على سحب الأسلحة الثقيلة لمسافة 20 كيلومترًا، إضافةً إلى خلو المنطقة من وحدات الشعب الكردية.
ويؤكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الرئيس التركي يسعى لتوجيه رسائل إلى الأطراف الإقليمية في شرق المتوسط، إذ يدعو إلى إمكانية الحوار مع دول المتوسط باستثناء قبرص، التي لا يعترف بها، وفي الوقت ذاته يتحدى المجتمع الدولي ويتجه إلى تبني خيارات انفرادية في دعم حكومة الوفاق؛ إذ إن أهدافه التوسعية تستهدف بالأساس الوجود في 400 ميل بحري، إضافةً إلى 12 ميلًا بحريًّا تخصه فقط وفقًا لاتفاقية أعالي البحار.
وأضاف أن أردوغان يدعو لعسكرة الإقليم من خلال خياره العسكري المعلن بدعم حكومة الوفاق لزيادة أمد الصراع، والوجود على الأرض في ليبيا للحصول على إمدادات النفط والغاز، إضافةً لحجز دور استباقي في نقل غاز المتوسط إلى أوروبا؛ حيث يسعى في تحييد روسيا ومغازلة الدول الأوروبية، والمؤكد أنه لن يفلت من العقوبات الدولية؛ خاصة الأوروبية والأمريكية بالأساس، إضافةً إلى المجتمع الدولي بعد أن بات يهدد الأمن والسلام الدولي.
وأردف «فهمي» أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه يجب مواجهة أردوغان وإرهابه دوليًّا؛ إذ إنه يقف في مواجهة القانون الدولي، الأمر الذي يتطلب التعامل معه بقوة وحذر؛ خاصةً أن تبعات تدخله في سوريا مازال قائمًا، ومسعاه لتهديد الأمن القومي العربي بات واضحًا، كما أن مخططه للالتفاف حول العالم العربي بترويج الخيار الإسلامي، كما بدأ في القمة الإسلامية المصغرة ظاهر للعيان، إضافة إلى مسعاه لفرض الهيمنة التركية على الإقليم، وتقسيم العالم العربي، والاقتراب من ثرواته، ومحاولته فرض النموذج التركي الهش والتوسعي على العالم العربي.