الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بنوك

الخبير العالمي محمد العريان يكشف.. ماذا يحدث عندما تتحكم نفقات الخزانة العامة في دفع الاقتصاد

خبير الاقتصادي العالمي
خبير الاقتصادي العالمي الدكتور محمد العريان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الخبير الاقتصادي العالمي الدكتور محمد العريان، إن الاقتصاد الأمريكي اعتمد خلال الـ15 عاما الماضية على مزيج من التمويل العام والخاص لزيادة معدلات السيولة بالأسواق المالية، وتعزيز أسعار الأصول ودفع النمو الاقتصادي.
وأضاف العريان في مقال نشرته صحيفة الفاينانشيال تايمز، اليوم الأحد، أن عملية إتاحة الائتمان بشكل واسع من قبل القطاع الخاص في الأوقات الجيدة، وضخ السيولة بأحجام هائلة من القطاع العام خلال الأوقات الأكثر صعوبة كانت تعد عملية متسلسلة ومتتابعة، ولكنها تطورت لتصبح متزامنة في وقت واحد، نتج عن ذلك زيادة ضخمة في مستوى الرافعة المالية / الديون وهو ما قوبل بالترحاب من قبل الأسواق شجعه معظم الاقتصاديين حتى الآن، لكنها ستصبح أكثر إشكالية إذا لم يتم التحقق من صحة الاقتصاد الذي تقوده إداراة المالية أو الخزانات العامة من خلال تحقيق النمو القوي الشامل والمستدام أيضا.
وأشار العريان، إلى أن الانفصال الكبير بين الأساسيات الاقتصادية والمؤسسية والشهية المرتفعة للمخاطرة، من جانب كل من مقدمي ومستخدمي تمويل الديون، وصلنا إليه في خضم الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حيث كان ائتمان القطاع الخاص يعمل بكامل قوته، إلى جانب ازدهار إصدار السندات، كما كان هناك ارتفاع سريع في إصدار السندات، والتي أوجدت طرقًا جديدة لزيادة الرافعة المالية/ مستويات الدين بميزانيات الشركات والأفراد مع تقليل الحواجز أمام دخول الدائنين، لكن الأمور اتخذت مجرىً خاطئا نتج عنه زيادة ضخمة بمستويات المخاطرة.
وأوضح، أنه عندما أصبح الوضع في القطاع الخاص غير منظم من أجل تخفيض المديونية، كان على القطاع العام أن يتدخل ويفعل كل ما بوسعه لتجنب الدخول في حالة من الكساد، حيث ارتفعت الديون الحكومية الأمريكية والميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي مصحوبة بتأكيدات من المسؤولين بأن معدلات النمو سوف تنعكس بمجرد انتعاش النمو الاقتصادي.
ولفت الدكتور محمد العريان، إلى أنه ثبت صعوبة الخروج من هذا النظام في سنوات ما بعد أزمة 2008، وبدأت الأوضاع السيئة في الظهور عندما بدأت إدارات المالية أو الخزانات العامة محاولة إدارة الاقتصاد للحد من عجز الحكومة الذي يقوض النمو، وهذا الأمر زاد من انعدام الأمن الاقتصادي للمواطنين خاصة مع وصول فوائد النمو الهزيل إلى الشرائح الميسورة من المجتمع فقط، وبدلًا من تقليل ميزانيته العمومية، لجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى توسيعها، في انتظار أن يتسلمها أولئك الذين لديهم قدرة أكبر على تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ودائم في سياسة اتسمت بالمراوغة.
ونبه الخبير الاقتصادي العالمي، إلى أن القطاع الخاص اتجه في هذا الوقت إلى الاقتراض، حيث لم تشجع أسعار الفائدة المتدنية التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي على تمويل التوسع التشغيلي ولكن أيضًا -وبصورة أكبر بكثير- على شراء الأسهم، وتوزيع أرباح مرتفعة للأسهم، إلى جانب السعي وراء عمليات الدمج والاستحواذ، ثم جاءت صدمة وباء كورونا للاقتصاد والأسواق.
وقال أنه في مواجهة تهديد جديد بالركود الاقتصادي، أصبح القطاع العام يميل إلى اتباع منهج "مهما كلف الأمر"، حيث انفجرت الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي بعد ان تضاعفت تقريبًا إلى ما يقرب من 7 تريليونات دولار في أقل من شهرين، كذلك الاقتراض الحكومي الأمريكي، الذي ارتفع بنسبة 15% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أن أبعاد وحجم هذه السياسات كان يعتبر في السابق غير قابل للتفكير فيه، ولكن للتغلب على مخاطر حدوث خلل في السوق وتجميد عمليات الائتمان، أصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن لا يقوم فقط بضمان مخاطر السيولة ومخاطر الائتمان للشركات عالية الجودة، بل أيضًا يضمن مخاطر التخلف عن السداد في سوق السندات غير المرغوب فيها.
وأشار الاقتصادي العالمي، إلى أن الإجراءات المالية لمواجهة آثار وباء كورونا تضمنت إرسال شيكات معونة نقدية إلى الأسر الأمريكية كجزء من جهود الإغاثة واسعة النطاق، واستفادت الأسواق المالية من التأثير الفوري لهذه الجهود، وسجل إصدار سندات الشركات أرقامًا قياسيةً جديدة، وكذلك تدفقات أموال المستثمرين إلى أسواق الائتمان، على الرغم من انخفاض العائدات بشكل كبير، وتضمن التأثير غير المباشر، إصدار السندات من الأسواق الناشئة بأكثر من 300 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام، متجاوزة المستويات المسجلة بنفس الفترات في عامي 2018 و2019.
وأكد أن هذا الارتفاع الكبير في مستويات الدين/ الرافعة المالية سيثبت جدواه وسيعد مستدامًا، فقط في حالة انتعاش النمو الاقتصادي بسرعة، وطبقا لهذا السيناريو، يمكن اعتبار استخدام الشركات والدول للديون في تعزيز الاحتياطيات النقدية وتعويض النقص الكبير في الإيرادات، طريقة حكيمة لتجنب مشكلات السيولة المؤقتة التي قد تتحول إلى مخاطر ملاءة مالية.
وأشار العريان، إلى أنه حال جاءت معدلات النمو مخيبة للآمال، فسوف يتعين على الاقتصاد والأسواق التعامل مع عبء الديون الكبير والذي سينتج عنه مشكلات أكبر للبنك المركزي في الأسواق، إلى جانب هبوط آفاق النمو.
ولفت إلى أنه بالنظر إلى أن الانتعاش الاقتصادي يعتبر ناشئًا ويخضع لحالة من عدم اليقين، فإن الحل ليس سرعة التخلص من الديون من قوائم الميزانية العمومية، ولكن عوضًا عن ذلك، تظهر الحاجة إلى التطور، بحيث يجب أن تضمن الحكومات وجود أساسًا أقوى للنمو المرتفع والمستدام الذي يفيد كل الطبقات وليس فقط الأغنياء في المجتمع، كما يجب أن يكون المستثمرون أكثر انضباطًا من حيث تقليل التعرض لمخاطر الإفلاس وخسائر رأس المال.
وختم قائلا: وأخيرًا، تحتاج الشركات إلى مقاومة إغراء استخدام الديون في زيادة التدابير المالية وارتفاع الأجور للوظائف التنفيذية.