الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

|| حكايات مجهولة|| الشدة المستنصرية.. عندما باع الناس الحارة بطبق الخبز

تمثال الخليفة المستنصر
تمثال الخليفة المستنصر بالله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بلغت مدة حكم الخليفة المستنصر بالله الفاطمى قرابة الستين عامًا ذلك بعدما وصل للحكم صغيرا بعد وفاة أبيه، وشهدت الفترة الأولى من حكمه رخاء رضى عنه الناس، لكن تشاء الأقدار أن يجف النيل وأن يمتنع عن الفيضان لسبع سنوات متتالية فتحدث مجاعة كبيرة عرفت باسم "الشدة العظمى" أو "الشدة المستنصرية"، وصلت الأمور فيها إلى ذروتها حيث لم يكن للذهب والفضة والثروة أى قيمة وتدنى مستواها أمام لقمة من الخبز أو حفنة من دقيق. 
يروى المقريزى في كتابه "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء" أحداث المجاعة التى يؤرخ نهايتها في العام ٤٦٤ للهجرة النبوية.
قبل ذلك يقول المقريزي: "عظم الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفساد، وأكل الناس الجيفة والميتات، ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به؛ وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط، وبلغت رواية الماء دينارا، وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارا اشترى بها دون تليس دقيق. وعم مع الغلاء وباء شديد؛ وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد. فانقطعت الطرقات برًا وبحرًا إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر. وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف؛ وبيع أردب قمح بثمانين دينارًا. ثم عدم ذلك كله، وأكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير. وبيعت حارة بمصر بطبق خبز، حسابًا عن كل دار رغيف، فعرفت تلك الحارة بعد ذلك بحارة طبق، وما زالت تعرف بذلك حتى دثرت فيما دثر من خطط مصر. وأكل الناس نحاتة النخل.
ووقف مرة بعض المياسير بباب القصر وصرح إلى أن أحضر المستنصر، فلما وقف بين يديه قال: يا مولانا هذه سبعون قمحة وقفت على بسبعين دينارًا كل حبة قمح بدينار، في أيامك، وهو، أنى اشتريت إردبًا بسبعين دينارًا فنهب منى ولم يبق في منه سوى ما وقع بيدى وانتهابى منه مع من نهب، فعددت ما في يدى فجاء سبعين حبةً من قمح، وإذا كل حبة بدينار. فقال المستنصر: الآن فرج الله على الناس فإن أيامى حكم لها أنه يباع فيها القمحة بدينار.