رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

آلهة مصر القديمة || "نفتيس" سيدة البيت.. الموت والخفاء والظلام

نفتيس
نفتيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعددت المظاهر المعبرة عن الحضارة المصرية في أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعي والطبيعى، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار. وقد تخطى عدد المعبودات في الحضارة المصرية القديمة الألف معبود التى كانت تمثل جوانب الحياة المختلفة، كالنمو، والشمس، والخصوبة، والفنون، والحياة والموت، وغيرها، إضافة إلى أن العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أسماء بعض الآلهة دون الإشارة إلى طابعها أو دورها. «البوابة» تصطحبكم خلال أيام الشهر الفضيل في جولة لتاريخ مصر القديم، فحينما كانت أغلب دول العالم تنام في العراء، وتقتات من الترحال في دروب الصحارى، وتلتحف السماء غطاء لها، كانت مصر قوة ضاربة على كل المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله ووحدته وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة في الطبيعة أو في الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإله «نفتيس».
يعنى اسمها باللغة المصرية القديمة، «نبت هوت» أى ربة القصر، ولقبت أيضًا بـ«سيدة البيت، وربة السماء سيدة الآلهة»، و«نفتيس» هى أحد الآلهة المصرية القديمة، وعضو في تاسوع هليوبوليس وأخت كل من إيزيس أوزيريس، ست، وابنة كل من نوت إلهة السماء وجب إله الأرض، وطبقًا للأساطير، فإنها كانت أما لأنوبيس، رب التحنيط، من أخيها أوزوريس، وتشتهر بدورها الهام في الأسطورة الأوزيرية، حيث تمثل الموت والخفاء والظلام شأنها شأن إيزيس، كما أنها واحدة من الإلهات الحاميات «إيزيس، نفتيس، سرقت، نيت» للأوانى الكانوبية التى تحتوى على أحشاء المتوفى والمعروفون بأبناء حورس، وتظهر «نفتيس» على شكل أنثى كاملة تعلو رأسها العلامة الدالة عليها، والمميزة لها، والتى لا يحملها سواها وهو مجسم مستطيل يعلوه نصف دائرة.
لم يُعرف لنفتيس مهام محددة على وجه الدقة، ولم يرد الكثير عن مركز ديانتها أو معبدها؛ رغم وجود أسماء معروفة لكهنة معابد نفتيس، وكانت نفتيس تعبد عادة مع ربا آخر؛ مثل «ست» في عصر الدولة الحديثة، وأنتايوس في العصر المتأخر، وإلى جانب عدم وجود معلومات عن ديانة نفتيس؛ فإن اسمها الذى يعنى «سيدة البيت» لا يعطى الكثير عن مهامها، وتظهر نفتيس عادة في صحبة شقيقتها إيزيس؛ لكنها تظل بغير هوية، ولعل ظهورها كان بسبب الحاجة المصرية إلى ضرورة تواجد الازدواجات؛ كما هو الحال مع ربات أخريات، مثل «تفنوت» وغيرها من الربات في مجمع أرباب هيرموبوليس، وكثيرًا ما تظهر نفتيس مع إيزيس كندابتين بجوار المتوفى؛ أحيانا في صورة بشرية، أو كطائرين، وتصور الاثنتان معا كثيرًا في مشهد وزن القلب في كتاب الموتى؛ كما أنها قامت بمهمة حماية أحد أبناء حورس الأربعة، وهو «حبى» المكلف بحفظ رئتى المتوفى، وفى العصر المتأخر ارتبطت نفتيس بالمعبودة «أنوقيت- عنقت» وكانت تعبد معها في جنوب مصر.
وجود الربة «نفتيس» في تاسوع «هليوبوليس» ودخولها في أسطورة «أوزير» كان له الأثر في أن دخلت هذه الربة في علاقة مع العديد من الأرباب والربات، فقد مثلت أحد أفراد الجيل الثانى للتاسوع مع كل من «أوزير» و«إيزيس» و«ست»، كما أنها كانت ابنة «جب» و«نوت»، وأُشير إليها وإلى «إيزيس» بالأختين وعملت على هذا الأساس في العديد من النصوص، وعادة ما كانت الربتان تصوران بنفس الشكل في المناظر، وتؤديان نفس الدور؛ كما أنهما اشتركتا حتى في الزواج من «أوزير» فالربتان تعبران على فكرة الازدواجية الإيجابية، وتُشير إحدى فقرات الفصل «١٧» من «كتاب الموتى» إليهما بأنهما: «الريشتان، والعينان، والحيتان» كما أنهما تظهران معًا وهما تنعيان «أوزير» أو الملك المتوفى، وتحيطان بجسده أثناء التحنيط، أو تقفان من حول التابوت وصندوق الأوانى الكانوبية للحماية.
ورغم هذا التقارب الشديد إلا أن كلًا من الربتين كان لها دور مختلف نسبيًا فالربة «إيزيس» قد تمثل الشرق والجنوب بينما تمثل «نفتيس» الغرب والشمال وتمثل «نفتيس» مركب الليل في حين تمثل «إيزيس» مركب الرحلة النهارية وتُشير النصوص إلى أن «نفتيس» كانت زوجة لأوزير أو أنها قد خدعته ليقيم معها علاقةً نتج عنها المعبود «أنوبيس» ولعل هذا الأمر كان السبب في حدوث نوع من الشقاق بينها وبين أختها «إيزيس» زوجة «أوزير»، أما عن علاقتها بالمعبود «ست» فقد كان أخاها ورفيقًا لها وفقًا لنصوص الأهرام وتاسوع «عين شمس» غير أنها عرفت أيضًا كزوجة للمعبود «ست»، إلا أن هذا الزواج لم ينتج عنه أبناء، ولقد مالت «نفتيس» إلى جانب أختها «إيزيس» في العداء لأخيهما «ست» لما ارتكبه من خطأ بقتل أخيهما «أوزير».