السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب المتأسلم (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع الكاتب والمفكر اليسارى المصرى الراحل الدكتور رفعت السعيد في كتاب «الإرهاب المتأسلم.. حسن البنا وتلاميذه.. من سيد قطب إلى داعش» والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والذى يفتتحه بقوله: لكن إعدام سيد قطب لم يطفئ لهيب الإرهاب المتأسلم بعد لعله زاده اشتعالا، فقد أصبح سيد قطب، ولم يزل، وسيظل إماما ومعلما وأستاذًا لكل الإرهابيين المتأسلمين الذين قرأوا ما كتب، والذين سمعوا فقط ولم يقرأوا، والذين فهموا والذين لم يفهموا التحقوا جميعا بعباءة سيد قطب ولم يزالوا. أما تلاميذه المباشرون فيحتاجون منا متابعة أفكارهم التى هى مجرد تكرار غير متبصر وربما غير متعقل لأفكار سيد قطب، فالجميع يشربون من ذات البئر الذى اشتقها حسن البنا مع بدء دعوته. 
فهل تلد الثعابين إلا ثعابين؟ هذا هو السؤال الذى يحلق في ساحة الكتابة عن جماعات التأسلم الإرهابية التى تتوالد من أفكار سيد قطب، ولأن الإرهاب يبدأ فكرا فإننا نبحث انعكاسات هذا الفكر في أداء وأفكار وإرهاب الآتين من ساحته. وفى عام 1965 وفيما كانت حملات تمشيط أمنية ضد فلول جماعة الإخوان في إطار قضية سيد قطب قبض على طالب صغير السن، اتهم بالانتماء لجماعة الإخوان، الطالب هو شكرى مصطفى.. والكلية: زراعة أسيوط.. والسجن: مزرعة سجن طرة، وقضى شكرى مصطفى ست سنوات في سجون ناصرية شديدة القسوة ولمدد تمتد بلا نهاية ولا أمل لدى المعتقلين والسجناء في نهايتها وهكذا بدأت همسات التردد والتراجع في صفوف بعض الكوادر الإخوانية فطائفة ترى ضرورة إعلان تأييدهم لعبد الناصر ولو على سبيل «التقية» كسبيل للخروج من سجن بلا نهاية، والآخرون ظلوا متمسكين بالعداء الصارم لعبدالناصر ونظامه، وفى إطار هذا الخلاف لجأ المتشددون أو بعض منهم إلى أفكار سيد قطب التكفيرية. 
وتصاعدت الخلافات بين الإخوان في المعتقل المؤيدين لعبد الناصر والمعارضين له، ثم انقسم المعارضون إلى تكفيريين ومعارضين للتكفير، وتصاعدت الخلافات ووصلت أحيانا إلى تصادمات كما حدث سجن جناح بالواحات «وفى هذا المناخ واصل شكرى مصطفى المشحون دوما بمواقف عصبية، الأمر الذى أدى بإدارة السجون إلى ترحيله بين عدة سجون، وكانت هذه فرصة سانحة كى ينشر أفكاره بين جموع المعتقلين».
وبعد وفاه عبدالناصر تغيرت الأوضاع فقد أتى السادات بموقف مختلف، فقد كان في السجن من أعضاء الجماعة الإسلامية 118 شخصا مصنفين «خطر جدا» من أمثال التلمسانى ومحمد قطب ومشهور وقرر السادات الإفراج عن الجميع. وخرج الجميع من السجون والمعتقلات فازدادت المواقف تمايزًا.. عمر التلمسانى ومعه قيادات الإخوان توجهوا إلى قصر عابدين ليدونوا في سجل التشريفات شكرهم للرئيس، بينما اتجه شكرى مصطفى إلى أسيوط ليبدأ في تحقيق حلمة بإقامة الدولة الإسلامية.
ويضيف الدكتور رفعت السعيد بقوله، ولعله من الواجب أن أشير إلى أن كل طرف قد استفاد من قرار السادات بالتودد للقوى المتأسلمة، فقيادات جماعة الإخوان ما لبثوا أن التفوا حول السادات معيدين تعليمات حسن البنا باستخدام «لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت» فالسادات يريد استخدام المتأسلمين لمواجهة تصاعد المد اليسارى، وخاصة في الجامعات وهم ضد اليسار ويريدون امتطاء الرغبة الساداتية لتحقيق انتشار واسع في الجامعات وإعادة بنائها، أما شكرى مصطفى فقد استفاد من تودد السادات بإقامة نقاط ارتكاز وخاصة في المنيا وأسيوط وبدأ في تدريب أتباعه على الأعمال العسكرية في منطقة جبلية بالبر الغربى بمحافظة المنيا. 
وتشكل تنظيم الوليد، فاسمه «الجماعة المسلمة» والمعنى الكامن في هذا الاسم أنها جماعة المسلمين وليست مجرد جماعة من المسلمين «جماعة المسلمين» بمعنى أن من تبعها فقد أصبح مسلمًا ومن لم يتبعها فهو ليس بمسلم وأن مخالفها مخالف للإسلام ويستحق لقب كافر، لكن السادات الماكر اكتشف خطر الانتشار الإعلامى لهذه التسمية فتجاهلها إعلامه تمامًا وأطلق عليها اسم «التكفير والهجرة» وكذلك فعل إعلام السادات مع تنظيم صالح سرية الذى أسماه «شباب محمد» فأطلق عليه الإعلام اسم «تنظيم الفنية العسكرية» لأن أغلب أعضائه كانوا من طلبة الفنية العسكرية وأن خطة الانقلاب بنيت عليهم. 
ويتضح هذا الحرص الساداتى من خطر استخدام أسماء هذه الجماعات ذلك أن الاسم بذاته يصبح تكراره دعاية مجانية للتنظيم، كما نرى الآن في إصرار الغرب المعادى على تسمية داعش بالدولة الإسلامية فيكفى ارتباط الوحشية الداعشية باسم «الدولة الإسلامية» ليمنح الإسلام بمجمله والمسلمين بمجملهم سمه وحشية. 
ويدعو شكرى مصطفى إلى اعتزال المجتمع الجاهلى عندما يشتد البلاء وتزهق الأرواح وهنا تكون الهجرة إلى أرض تحفظ على المسلمين إيمانهم وما من رسول إلا وهاجر.. وهكذا تتحقق «التخلية» التى يسلط فيها – سبحانه وتعالى – الكافرين على بعضهم بعضا، وينزل عليهم المصائب ما قد يدفع بهم إلى الإفاقة من جاهليتهم، ومن ثم يعود المسلمون من هجرتهم وهم أقوياء وينتصرون حتمًا على جند الشيطان. 
أما من لا يستطيع الهجرة بعيدا عن أرض الكفر فوجب عليه أن يهاجر بنفسه عن المجتمع الكافر، فيترك مدرسته وعمله وأسرته ويهاجر إلى الجماعة ليقيم مع مجموعة من أعضائها في واحدة من الشقق العديدة التى شكلت شبكة لا بأس بها لإيواء الأعضاء حيث يتم تزويجهم من عضوات في الجماعة بما يحقق ارتباطا بين العضو والجماعة، ونلاحظ أن داعش توفر أيضا لأعضائها علاقات نسائية حتى تضمن ولاءهم. 
وللحديث بقية.