السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

صاحب محاولة اغتيال محفوظ: لم أقرأ حرفا من أعماله

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
روى الأديب فتحى هاشم، الصديق الحميم لأديب نوبل نجيب محفوظ، والذي كان ملازمًا له لحظة محاولة اغتياله على أيدي المتطرفين، في 14 أكتوبر عام 1995، تلك اللحظة التي كاد الأدب العربي يفقد فيها صاحب الإنجاز الأكبر. قال "كنت يوم الاعتداء عليه أنتظره بسيارتي أمام منزله في العجوزة في الصباح الباكر كعادتى اليومية تنفيذًا لاقتراحي بأن أصحبه متطوعًا كل يوم.. كعادته خرج الأديب الكبير من شقته بالدور الأرضي، وركب السيارة في المقعد الخلفي، وكان دائمًا يفتح زجاج السيارة حتى يرى مصر من خلال نظره لما يحيط بنا؛ وأنا متجه إلى السيارة للركوب سمعت صرخة عالية من محفوظ فنظرت إليه سريعًا، ورأيت شابًا يجري، فأسرعت إلى الأديب العالمي لأخرج سن السكين من رقبته وهو يصرخ، ولم يُعرف حينها من الذي اعتدى عليه، وأسرعت به إلى مستشفى الشرطة، وتم إسعافه وإجراء الإسعافات السريعة، ولولا عناية الله ولطفه لكانت هذه الحادثة أودت بحياته في الحال".
وأكمل هاشم روايته "علمنا بعد ذلك أن الشخص الذي اعتدى على نجيب محفوظ هو من دعاة الظلام وكان ينتظره عند باب منزله، وكان من المقرر حضور ثلاثة معه ومعهم عبوة ديناميت ناسفة كان مقررًا وضعها أسفل السيارة، وبمجرد أن تدور السيارة تنفجر العبوة وتنسف من في السيارة، لكن عناية الله جعلتنا نبدأ الحركة قبل موعدنا المعتاد، فوجد الجاني أن شركاءه لم يحضروا وأنه أصبح وحيدًا، فقرر إنهاء العملية وأخرج سكينًا من جيبه ونفّذ الاعتداء بنفسه دون انتظارهم، وتم القبض على الجناة بعد ذلك وقدموا إلى المحاكمة".
أشعل خيط القنبلة التي كادت تُطيح بمحفوظ شيوخ كانوا ينتمون إلى الأزهر -والذين عادة ما يوصفون تلقائيا بالاعتدال- عندما قرروا منع روايته "أولاد حارتنا"، وضغطوا من أجل وقف نشرها مسلسلة في جريدة الأهرام في خمسينيات القرن الماضي، كان منهم القيادي الإخواني سيد قطب، الذي بدأ حياته أديبًا وناقدًا -وهو بلا شك أحد الآباء الروحيين للشاب الذي نفذ محاولة الاغتيال بتكليف من الجماعة الإسلامية- ومن تلك الشخصيات أيضا الشيخ عبد الحميد كشك والشيخ محمد الغزالي والشيخ عمر عبد الرحمن، الذين أقاموا الدنيا ضد رواية محفوظ.
أما الشاب الذي نفّذ محاولة الاغتيال فقد كان جاهلًا، قيل له إن نجيب محفوظ مرتد ومن ثم يستحق القتل، لم يقرأ حرفًا واحدًا من أعماله كما أقر في التحقيقات التي أجرتها النيابة، ولكنه مع ذلك قام بتنفيذ ما طُلب منه، وكان تأثير شيوخ الجهل قويًا، حتى أنه لم يندم على ما فعل لا هو ولا شركاؤه في تنفيذ الجريمة التي جعلت محفوظ غير قادر على استخدام يده في الكتابة.
في كتابه "في حضرة نجيب محفوظ"، روى الكاتب محمد سلماوي حوارًا غير مباشر أداره بين أديب نوبل وقاتله الذي يُدعى محمد ناجي محمد مصطفى -وكان يعمل فني إصلاح أجهزة إلكترونية وحصل على شهادة متوسطة- حيث قال أنه "اتجه إلى الله"، حسب قوله، قبل حادثة الاغتيال بأربع سنوات "وقرأت كتبًا كثيرة خاصة بالجماعة الإسلامية إلى أن قابلوني"؛ واعترف الشاب لسلماوي بأنه لم يقرأ شيئا لمحفوظ وعقب قائلا "استغفر الله"، وشدد أنه لم يكن يحتاج إلى قراءة أعمال محفوظ، وأنه حاول اغتيال محفوظ لأنه "ينفذ أوامر أمير الجماعة، والتي صدرت بناء على فتاوى الشيخ عمر عبد الرحمن"؛ وذكر سلماوي أنه أبلغ الشاب بأن محفوظ سامحه على جريمته فقال "هذا لا يعنيني ولا يغير من الأمر شيئًا، لقد هاجم نجيب محفوظ الإسلام في كتبه لذا أهدر دمه، وقد شرفتني الجماعة بأن عهدت إلى بتنفيذ الحكم فيه فأطعت الأمر".