فاتنة بكل تفاصيلها.. جمالها وسحرها لايقاوم .. عبق التاريخ يفوح منها فيجعلك تهيم فيها عشقا .. إنها بلدي ومسقط رأسي محافظة المنيا الملقبة بـ "عروس الصعيد" والتي لم يحالفني الحظ في صغري لزيارتها بزعم أنني "قاهرية" وولادتي لم تكن على أراضيها، حالي كحال الكثير من العائلات التي تنشغل بهموم الحياة وسط ضجيج وصخب المدن.
الآن وأنا في العقد الثالث من العمر تتوق نفسي إلى الهدوء والسكينة والابتعاد قليلا عن صخب المدينة لأرتمي بين أحضانها وأستنشق عبيرها فهي "عروس الصعيد" آراها كفتاة خمرية اللون تتمتع بالجاذبية ترتدي فستانا من التراث ناصع البياض ومرصع بالماس .. تلك العروس سحرتني بجمالها وأحيتني نسائمها ها أنا أزورها بنفسي وأتنفس هوائها وأتمتع بمناظرها الطبيعية الخلابة.
لم يكن في مخيلتي أن المنيا بلدي ومسقط رأسي تتمتع بهذا الجمال والتطور الكبير، حيث تنفرد المحافظة بالعديد من المميزات والمعالم السياحية نظرا لموقعها المتميز بين محافظات مصر ، فتقع مدينة المنيا على الضفة الغربية للنيل على مسافة 245 كيلو مترا جنوبي القاهرة.
حينما تزور "عروس الصعيد" تتجه خطواتك تلقائيا تجاه كورنيش النيل لتتمتع بما يحويه من مسطحات خضراء ومناظر طبيعية ساحرة ، هذا بالإضافة إلى النظافة العالية والملحوظة نتيجة الحرص والهمة من الجميع قيادة وشعب للحفاظ على جماله ، كما تتجه خطواتك إلى زيارة شارع مصر ومكتبة مصر العامة ناهيك عن مجهودات الهيئة العامة لقصور الثقافة بالمحافظة والفعاليات المستمرة بها التي تحاكي التراث المنياوي.
ويبدو أن التنوع الفريد في الآثار بهذه المحافظة في العصور المختلفة تجذبك نحو زيارتها فتجد آثار منذ العصر الفرعوني واليوناني الروماني والقبطي والإسلامي تتوزع بمراكز المنيا بكل مركز على حده، وهي من الشمال إلى الجنوب مغاغة وبني مزار ومطاي وسمالوط والمنيا وأبو قرقاص وملوي ودير مواس.
ومن أهم الأماكن التي تجذبك زيارتها أيضا هي "تونا الجبل" بملوي فهي أحد أغنى المناطق الأثرية ارتبط اسمها بعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذي اختارها ليشيد بها استراحته الخاصة والتي ألهمته أجواؤها بقصة أروع وأشهر رواياته ، وكذا ارتبط اسم القرية بـ"إيزادورا"، تلك الفتاة اليونانية التي ضحت بحياتها لتحتفظ بارتباطها بحبيبها، ومن ثم لقبت بشهيدة الحب، وتحظى بواحدة من أشهر المرثيات الشعرية في التاريخ.
ولا تخلو زيارة المنيا من جولة نيلية ممتعة للوصول إلى منطقة بني حسن الشروق بأبو قرقاص وهي من أهم المناطق الأثرية والسياحية بعروس الصعيد تحتوي على جبانة مصرية قديمة، ويوجد بها ما يقرب من 39 مقبرة من المقابر القديمة تنتمى لعهد الدولة الوسطي.
وأخيرا لن تستطيع أن تغادر المنيا قبل أن تزور قرية بهنسا أو كما يطلق عليها بالقرية المبروكة وهي التي سقط على أرضها عدد كبير من الصحابة شهداء، وتم دفنهم بالمنطقة، والبعض منهم عاش واستقر بها، وانحدرت من نسله قبائل عربية مثل قبيلة غفار التي تنتمي إلى أبي ذر الغفاري، وقبيلة بني الزبير من نسل أبناء الزبير بن العوام...
نعم ياسادة تلك هي مسقط رأسى باختصار شديد تتمتع بتاريخ عريق وحكايات مثيرة تحتاج للكثير من المجلدات .. حقا إنها عروس الصعيد الفاتنة.
