السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

السيد يسين.. رائد "علم اجتماع الأدب"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاد الكاتب والمفكر السيد يسين، المولود بمحافظة الإسكندرية والذي تخرج في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية.
حصل "يسين" على درجة الماجستير من جامعة القاهرة في علم الاجتماع والعلوم السياسية، عمل بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قبل أن يسافر إلى فرنسا ليدرس القانون والعلوم الاجتماعية، في جامعتي ديجون من عام 1964 وحتى 1966.
اهتم السيد يسين خلال تلك الفترة بعلم الاجتماع الأدبي الذي كان لايزال ناشئا وقتها، وكذلك علم الاجتماع السياسي، له مجموعة من المؤلفات أبرزها "التحليل الاجتماعي للأدب، موقع الوطن العربي على خريطة القرن الحادي والعشرين".
وكتاب التحليل الاجتماعي للأدب، واحد من أهم الكتب الرائدة في هذا الحقل الذي يتحرك في مجال بيني، بين علم الاجتماع من ناحية، والنقد الأدبي من ناحية أخرى. هو كتاب رائد، لأنه صدر عام 1970، وكُتِبَت دراساته في سنوات سابقة، لهذا التاريخ.
يضم الكتاب، الذي نشرت طبعات عدة لاحقة له، عددًا من الدراسات النظرية والتطبيقية المتنوعة؛ فيتوقف نظريًا عند قضايا منهجية عديدة، تتصل بموقع الدراسات الأدبية بين النقد الأدبي والعلوم الاجتماعية، والتحليل السوسيولوجي (الاجتماعي) للأدب، والمشكلات المنهجية والتطبيقية التى يطرحها علم الاجتماع الأدبي، وما يرتبط بالدراسة الاجتماعية للظواهر الأدبية.
كما أن الكتاب يتوقف ليحلل على المستوى التطبيقي، أعمالًا لنجيب محفوظ ويوسف إدريس وجمال الغيطاني. أهدى يسين كتابه إلى الدكتور مصطفى سويف، وفي مقدمة طبعته الثالثة حيَّا نجيب محفوظ "الروائي" الذي رآه السيد يسين "ناقدًا اجتماعيًا".
قدم السيد يسين استخلاصات لتجربته التي انشغل فيها بالبحث العلمي وعلاقته خلالها بالأدب، وتباعد المسافة بينه وبين الأعمال الأدبية، ثم اجتيازه هذه المسافة خلال اهتمامه بالدراسات التي أولى فيها بعض العلماء عناية بدرس الأدب، وبالظواهر التي تحيط به، من منظور اجتماعي، وتركيزهم من بين هذه الظواهر على منهج ثلاثي يركز على: المؤلف، العمل الأدبي، والجمهور الذي يتلقَّى الأدب.
خلص السيد يسين، في هذه الوجهة، وفي ذلك الوقت المبكر، إلى أن "المحاولة لسد الفجوة بين الخطاب العلمي والخطاب الأدبي ما زالت في مراحلها الأولى".
عقب صدور هذا الكتاب، توالت الكتابات والاجتهادات في دائرة علم اجتماع الأدب، وسدت الكثير من الثغرات التي استكشفها، واستبصر أبعادها يسين في زمن مبكر، في توقفه عند دراسة الأعمال الأدبية بين النقد الأدبي والعلوم الاجتماعية.
رصد ياسين، أهم الإشكالات فيما يتصل بحدود وتصنيف "علم اجتماع الأدب" الذي يتحرك بين دائرة العلم، بما لها من شروط موضوعية، وأدوات منهجية صارمة ودقيقة من ناحية، ودائرة النقد الذي يتعامل مع مادة أدبية مراوغة، تستدعي الاهتمام بجوانب جمالية وذاتية يصعب وضع قوانين ثابتة ونهائية لها من ناحية أخرى.
يتوقف السيد يسين، عند المعارك التي ارتبطت باتجاه مدرسة "النقد الجديد" و"النقد القديم" في فرنسا خلال الستينيات، والنقد الذي وجه إلى "مدرسة التحليل النفسي. وتحت عنوان "التحليل السوسيولوجي" للأدب يتوقف عند مدرسة البنيوية التوليدية، التي أسسها لوسيان جولدمان، وتابعها بعض شارحيه، واجتهاداتها في الربط بين الأدب والمجتمع ربطا يتجاوز الأفكار السطحية حول فكرة "الانعكاس"، التي ترى أن الأدب مجرد مرآة تعكس صورة المجتمع.
اهتم يسين، بالعلاقة بين النقد الأدبي والفلسفة، ويطرح عددًا من القضايا التي تثيرها هذه العلاقة، ويتوقف عند اجتهادات عدد من النقاد المهمين (الذين سيكون لهم حضور كبير في النقد العربي الأكاديمي فيما بعد)، كما يعرض للأجنحة المتعددة، الجناح النفسي، والجناح السوسيولوجي، والجناح الفلسفي في النقد الأدبي الجديد الفرنسي، والتصورات التي ارتبطت بهذه الاتجاهات النقدية، وتجربة رولان بارت، وعلاقة النقد الأدبي بالعلوم الاجتماعية، والقضايا المنهجية الإشكالية التي تتصل بهذا، والاقتراحات التي قدمت على سبيل حل هذه القضايا الإشكالية.
كما يعرض يسين للمشكلات التطبيقية التي تقترن بعلم الاجتماع الأدبي حول المؤلف وحول طبقته وحول انتمائه وحول الأجيال الأدبية، وحول العمل الأدبي وحول جهود هذا العمل وحول الأجناس والأشكال الأدبية.
يتوقف الكتاب في حيز كبير، ليقارب من منظور اجتماعي أعمالًا مهمة، منها رواية "العيب" ليوسف إدريس، ويحلل مجموعة شهادات قدمها أدباء "كانوا شبانًا آنذاك"، وأغلبهم ينتمي إلى كتاب الستينيات في مصر، كما يقدم تحليلًا اجتماعيًا للأدب غير المنشور "الذي لم ينشره أصحابه" ومشكلات هذا الأدب، ويتوقف عند قضايا وأسباب عدة تحيط بهذا الأدب، مثل نقد السلطة، ونقد المحرمات في المجتمع، ونقد الدين، ثم ينتهي إلى تحليل رواية جمال الغيطاني "الزيني بركات" من حيث ما يسميه "التجريب الشكلي" و"الصدق المضموني، فاستطاع أن يستكشف مسيرة قادمة في دراسة الأدب من منظور اجتماعي، وفي سياقه المحدود، استطاع أن يُطلَّ على قضايا وأفكار وتصورات غير محدودة.