الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نفحات الأدباء| طه حسين يكتب بين الشرق والغرب

طه حسين
طه حسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشر عميد الأدب العربى طه حسين، مقالا له فى العاشر من أبريل عام ١٩٢٥ بمجلة «الهلال» تحت عنوان «بين الشرق والغرب». قال طه حسين: إن الساميين فى بابل وآشور وغيرهما قد بسطوا سلطانا ضخما وأسسوا حركات قوية منظمة وانتهوا إلى ألوان من الفن والعلم التى لا تزال تبهرنا إلى الآن، وليس هناك شك فى أن الاتصال قد وجد واشتد بين الأمم الشرقية الراقية والأمة اليونانية وتأثرت الأمة اليونانية من غير شك بالحضارات الشرقية المختلفة، وأخذت عن الساميين فى آسيا والمصريين فى أفريقيا أشياء كثيرة ومختلفة، ولم تكن الأمة اليونانية جاحدة أو منكرة للجميل، وإنما كانت شديدة الاعتراف بالجميل، وربما بالغت فيه مبالغة شديدة أيضا فنسبت من الأشياء إلى الشرقيين، بل نسبت مدنا مختلفة إلى المصريين فى حين، وإلى الفينيقيين فى الحين الآخر، وعدت نفسها تلميذة للأمة المصرية وغيرها من الأمم الشرقية الآسيوية فى الحضارة وألوان الفن. 
وبين طه حسين: أن غيرنا من مؤرخى الفلسفة المحدثين يعتقد أيضا أنه لم يكن للشرق فى تكوين الفلسفة اليونانية والعقل اليونانى والسياسة اليونانية تأثير، وإنما كان تأثير الشرق فى اليونان تأثيرا علميا ماديا ليس غير، فقد أخذ اليونان عن الشرقيين أشياء كثيرة ولكنها علمية مادية، فأخذوا نظام النقد ونظام المقاييس، وتعلموا فنونا أخرى كالحساب والهندسة، ولكنهم لم يأخذوا عنهم شيئا عقليا يذكر، فلئن رصد البابليون النجوم ووصلوا من ذلك إلى نتائج قيمة لم يضعوا علم الفلك وإنما هذا العلم يونانى لم ينشأ عن النتائج البابلية، وإنما نشأ عن البحث أو الفلسفة اليونانية، ولئن كان المصريون قد وصلوا إلى نتائج قيمة من الهندسة العلمية والآلية، فليس المصريين هم من وضعوا علم الهندسة وإنما ابتكره اليونان.
وأوضح طه حسين: علينا أن نعلم أن العقل اليونانى يسلك فى فهم الطبيعة وتفسيرها هذا المسلك الفلسفى الخصب الذى نشأت عنه فلسفة سقراط وأفلاطون، ثم فلسفة ديكارت وكانط وهيجل، بينما العقل الشرقى يذهب مذهبا دينيا خالصا فى فهم الطبيعة وتفسيرها.