الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الجاحظ.. أسطورة البلاغة والفكر

 الجاحظ
الجاحظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتمتع أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، بمكانة متميزة فى تاريخ الفكر العربى والإسلامي، كان رمزا للتفكير العقلى الحر، نشأ فى بيئة تهتم فيها السلطة بالجدل والمعرفة العقلية، وتلقى علومه على يد فلاسفة المعتزلة الأوائل، أبرزهم إبراهيم النظام، فكان يحبه وينقل عنه كثيرا، فإلى جانب دوره فى الأدب والبلاغة فقد كان للرجل دور لا يقل أهمية فى مجال الفكر الدينى الذى انحاز فيه لدور العقل وأهميته فى قراءة النص الدينى بعيدا عن الخرافات والتسليم للتقليد. 
ترك العديد من المؤلفات التى أثرت الحياة العربية الثقافية، منها كتاب «البيان والتبيين» وهو أحد أعمدة البلاغة العربية القديمة، كما ترك كتاب «الحيوان»، وهو ما يبين نزعة الجاحظ التجريبية فى العلوم، وكتاب البخلاء الذى عكس فيه أوضاعا اجتماعية شاهدها فى شخصيات عاصرها، وغير ذلك كتاب «المحاسن والأضداد»، وألف كتاب «فضائل المعتزلة» للرد على خصومه الذين حاولوا النيل والتقليل من أهمية تلك الفرقة الكلامية. 
عُرف أبو عثمان بلقب «الجاحظ»، وذلك لصفة خلقية فى عينيه، وعنها يقول الدكتور رشيد الخيون فى كتابه «معتزلة البصرة وبغداد»: إن عبقرية الجاحظ غدت ظاهرة ما زالت تستهوى المستكشفين، ونصائحه للكتاب والمؤلفين والمترجمين ما زالت حيوية، وهذا اللقب الذى احتكره أبو عثمان، ويشير إلى دمامة المحيا وحدق العينين، أصبح فى خيال الأجيال طيفا من المعرفة والرقة، ناهيك عما تدخله كلماته من مسرة فى النفوس».
ويؤكد الخيون أن الأجيال اللاحقة على الجاحظ استفادت منه بدرجة كبيرة، جعلته يقول إن البعض نحل كتبه، فيقول مؤلف «معتزلة البصرة وبغداد»: لقد نحل من الجاحظ معظم الذين ألفوا فى كتب السمر والمعلومات العامة، مثل مؤلفى «العقد الفريد» و«المستظرف» و«الكشكول» و«الإمتاع والمؤانسة».
ومثلما نقل الجاحظ عن أدباء وأمراء وولاة عصره الكثير من القصص الطريفة، فإنه لم يعدم من ينقل عنه قصة ساخرة للغاية، تقول: إن الجاحظ كان واقفًا أمام بيته ذات يوم، فمرت به امرأة حسناء، فابتسمت له وقالت: لى إليك حاجة. فقال الجاحظ: وما حاجتك؟ قالت: أريدك أن تذهب معي. قال: إلى أين؟ قالت: اتبعنى دون سؤال. فتبعها الجاحظ إلى أن وصلا دكان صائغ. وهناك قالت المرأة للصائغ:
مثل هذا.. وانصرفت. عندئذ سأل الجاحظ الصائغ عن قصد ما قالته المرأة! فقال له: معذرة يا سيدى.. لقد أتتنى المرأة بخاتم وطلبت منى أن أنقش عليه صورة شيطان!!