الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تورال رضاييف.. سفير أذربيجان في القاهرة يكتب.. حيدر علييف زعيم قومي.. أحيا روابط الصداقة التقليدية بين أذربيجان ومصر

مؤسس أذربيجان الحديثة
مؤسس أذربيجان الحديثة حيدر علييف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن الشعب الأذربيجاني يحتفل اليوم بيوم ميلاد الزعيم القومي ومؤسس أذربيجان الحديثة حيدر علييف -المولود فى 10 مايو لعام 1923، والذى قاد بلاده من التفكك والتشرذم إلى الوحدة والاستقرار ومن الفقر إلى التقدم والازدهار، فاستحق عن جدارة واقتدار الاستحواذ على لقب الزعيم التاريخي، وبانى نهضة أذربيجان الحديثة من قبل أبناء شعبه الذين عايشوا تلك الفترة من تاريخ بلادهم، ولمسوا ما قدمه زعيمهم من إنجازات، حيث شكل صمام الأمان للوحدة الوطنية، وحال دون قيام حرب أهلية فى فترة من الفترات الصعبة من مسيرة الشعب الأذربيجانى.
وفى إطار من الأوهام القائمة تحت ضغط المشاكل المتأصلة فى الأيام الأولى لاستقلال أذربيجان، وبدرجة بدت معقولة للغاية، تبنى البعض وجهة النظر التى تشكك فى قدرة أذربيجان على تجاوز المشاكل الجيوبولوتيكية الإقليمية المعقدة بنجاح، وترسيخ الاستقرار الداخلى، وحل قضية الانكماش المالى والاقتصادى، وتجاوز عواقب العدوان الأرمينى.

ولكن مع عودة حيدر علييف للقيادة السياسية استجابةً للنداء الملح لشعبه استطاعت أذربيجان أن تثبت خطأ المشككين فى قدراتها، وأيضا تجاوزها لتحديات الأمن القومى الكبرى، والنجاح فى الحفاظ على الاستقلال الذى جرى نيله بصعوبة، وذلك من خلال ضمانات الاستقرار السياسى والتطور الديمقراطى وتحقيق الرفاهية والازدهار الاجتماعى، على الرغم من الفترة الزمنية القصيرة للغاية لتلك المرحلة، فإن أذربيجان بقيادة حيدر علييف قد مضت فى مسار من التطور الديمقراطى لا رجعة فيه وأخذت فى التكامل فى المحيط الأوروبى الشرقى.
وقام حيدر علييف حينئذ بالإصلاحات الديمقراطية، والسياسية والحريات العامة وحقوق الإنسان وضمان ممارستها وكذلك حرية دينية وحرية التعبير وحرية الصحافة وانضمام جمهورية أذربيجان إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وغيرها من الحريات العامة.
وبذل الزعيم القومى حيدر علييف مجهودات كبيرة للحصول على وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان عام 1994.
وكما تم قطع خطوات واسعة للتحول الاقتصادى الهائل نحو اقتصاد السوق، وتطوير السياسات الاستراتيجية النفطية الجديدة لأذربيجان.
وترتكز السياسات الاستراتيجية النفطية الجديدة إلى الشراكة المستدامة، والمصداقية، والتنوع، والشفافية والمصارحة، والتى بلغت ذروتها بالتوقيع على "عقد القرن" الذى بلغ قيمته 50 مليار دولار، وذلك بين جمهورية أذربيجان وشركات النفط العالمية عام 1994.
وحاليا، فإن أذربيجان بخطوط أنابيبها السبعة العاملة للنفط والغاز، تقدم إسهامها الملموس فى توفير الأمن والتنوع لأسواق الطاقة العالمية.
وطبقا لرؤية حيدر علييف الزعيم القومى لأذربيجان، والقائل بأن: "النفط باعتباره ثروة هائلة لأذربيجان، لا يعود إلى الأجيال الحالية فقط، بل للأجيال اللاحقة أيضا"، فقد أولت حكومة أذربيجان أهمية بالغة نحو الشفافية والإدارة الماهرة لعوائد النفط والغاز.
وفى سبيل تحقيق هذه الغاية، فقد تأسس صندوق النفط الحكومى لجمهورية أذربيجان لتوفير الشفافية حول عوائد النفط والمساواة فى المنفعة بين الأجيال فيما يتعلق بالثروة النفطية للبلاد، وذلك مع تحسين الرفاهية الاقتصادية للسكان فى الوقت الحالى بالتوازى مع حماية الأمن الاقتصادى للأجيال اللاحقة.
وفى إطار الاستمرار المنطقى لتطبيق هذه السياسة، فإن أذربيجان أيضا تدعم بفاعلية مبادرة شفافية الصناعات الاستخراجية ضمن منظمة الأمم المتحدة.
إن موقع أذربيجان الاستراتيجى عند تقاطع طرق التجارة الكبرى الممتدة بين الغرب والشرق، وممرات النقل والطاقة بين الشمال والجنوب توفر أصولا هامة لتحويل البلاد إلى محور للبنية التحتية للنقل والطاقة.
وفى هذا الإطار، وحين تصبح مشاركا فاعلا مع البلدان المجاورة، تقوم أذربيجان بتطوير مكونات الهواء والأرض، وطرق السكك الحديدية والبحرية الخاصة بطريق الحرير القديم.

إن البنية التحتية لطرق السكك الحديدية الإقليمية الممتدة بين أذربيجان وجورجيا وتركيا، والتى تم افتتاحها قريبا، بدأت توفر فرصا هائلة لتقديم كافة أنواع عمليات نقل البضائع بين آسيا وأوروبا.
ونتيجة لعملية الديمقراطية الثابتة والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة، والإدارة الحكيمة لعوائد النفط والغاز، فقد تحولت أذربيجان بعد مرور ثمان وعشرين عاما من الاستقلال من دولة متلقية للمعونات إلى دولة مانحة، كما تجاوز الاحتياطى النقدى الأجنبى 50 مليار دولار ومازال طامحا للزيادة، واستقر الاقتصاد الأذربيجانى فى المركز الـ35 حسب مؤشر التنافسية العالمية فى تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى.
وتضع الحكومة نصب أعينها الوصول إلى مرتبة الدول المتطورة فى منتصف عام 2020، باعتباره هدفا واقعيا لتحقيقه، ويكفى أن نذكر أنه خلال سنوات الاستقلال السابقة فقط استطاعت أذربيجان زيادة الناتج المحلى الإجمالى إلى ثلاثة أضعافه تقريبا، وتقليص معدلات الفقر من 49% عام 2003 إلى 5% عام 2012، كما بلغ حساب الميزان الاقتصادى الخارجى 75% من إجمالى اقتصاد منطقة القوقاز بأكملها.
الأمر الذى أدى إلى تقليل نسبة البطالة إلى 5٪ كما تم توفير أكثر من مليون وأربعمائة ألف فرصة عمل خلال السنوات الماضية.
وخلال الفترة السابقة، جرى استثمار أكثر من 200 مليار دولار فى الاقتصاد المحلى للبلاد، وكل هذه المؤشرات تدل على أن جمهورية أذربيجان تتطور رغم الأزمة الاقتصادية التى تعيشها العالم فى هذه السنوات.
وفيما يلي دور أذربيجان فى المحافل الدولية يمكن القول أن جمهورية أذربيجان عضو فعال فى العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، والتى تمتد من منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامى، إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادى، والمجلس الأوروبى وغيرها، ولها برنامج خاص بالشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبى وبرنامج فردى مع حلف الشمال الأطلسى.
وكان انتخاب أذربيجان فى المقعد غير الدائم لمجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة فى دورته لعامى 2012 - 2013 بتأييد 155 دولة، إنما يعود إلى مكانة أذربيجان العالية وتأثيرها المتنامى على الصعيد الدولى.
إن أذربيجان باعتبارها تاريخيا جزءا من العالم الإسلامى، وشريكا فى التراث التقدمى والقيم الروحية للحضارة الإسلامية، لا تدخر جهدا فى سبيل تعزيز العمل المشترك لأعضاء دول منظمة التعاون الإسلامى لتدعيم الحوار العالمى والتعاون من أجل سيادة التسامح والسلم والتفاهم الأفضل بين البلدان والثقافات والحضارات، والقضاء على عناصر "الإسلام فوبيا".
وبعيدا عن هذا الأمر، وعلى ضوء التغيرات الجارية فى المنطقة، فإن أواصر العلاقات التاريخية مع العالم العربى الإسلامى والتى تتمتع بطبيعة الحال بالأولوية فى إطار السياسة الخارجية لأذربيجان، تفتح أمامنا فرصا جديدة لتعزيز آليات الشراكة القوية مع بلدان المنطقة، ومع مصر على وجه الخصوص.

وفي المرحلة الحالية فتحت جمهورية أذربيجان صفحة جديدة لتعاونها مع جمهورية مصر العربية، بحيث الإمكانيات متوفرة لدى الطرفين لتوسيع التعاون الثنائى فى مجالات الاقتصاد والتخنولوجيا والطاقة ولاسيما مجال السياحة.

ويمكننا القول هنا أن التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين شهد تطورات إيجابية، حيث سجَّل التبادل التجارى الثنائى ما يقرب من 5 مليارات دولار خلال السنوات السبع الماضية، وهى تشمل النفط والمشتقات النفطية والسجادة وغيرها من الجانب الأذربيجانى، وهناك تصدير للجانب المصرى إلى أذربيجان، والذى يشمل الأدوية والرخام والفكهة وغيرها.

وعلى الصعيد الدولى، فإن أذربيجان تتبنى مواقف مماثلة إزاء كافة القضايا الدولية الرئيسية، مثل الموقف من الإرهاب الدولى، والنزاع فى الشرق الأوسط ونزع السلاح، والإصلاح فى الأمم المتحدة وغيرها من القضايا الأخرى للعالم العربى الإسلامى.

ومن خلال الآليات الجديدة لتعزيز التعاون، والحوار الاستراتيجى بين جامعة الدول العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان، وفى إطار عملية تشكيل محددة، سوف نصبح قادرين على الارتقاء نوعيا إلى مستوى جديد من التعاون السياسى والاقتصادى والإنسانى.

إن أذربيجان بوصفها دولة عانت احتلال أراضيها، وتهجير مئات الآلاف من مواطنيها بالقوة، لا يمكنها التراجع عن مواقفها الثابتة إزاء الانتهاكات الممنهجة للمعايير الأساسية لقواعد القانون الدولى.

وفى هذا الصدد، فإن النزاع بين أرمينيا وأذربيجان مازال مستمرا، ويمثل تهديدا وتحديا خطيرا للسلم والأمن على الصعيدين الإقليمى والدولى، كما يعيق تحقيق التطور الإقليمى بكامل قدراته فى جنوب القوقاز.

وقد أسفر النزاع عن احتلال حوالى 20% من أراضى أذربيجان، وتحول أكثر من مليون فرد فى البلاد إلى نازح داخلى أو لاجئ.

ولم يسلم أثر تاريخى أو ثقافى أذربيجانى، بما فيها المواقع الإسلامية التراثية من التخريب أو الدمار، كما لم يسلم موقع مقدس من التدنيس فى الأراضى سواء فى الأراضى التى احتلتها أرمينيا أو فى الأراضى الأرمينية نفسها.

فإن جمهورية أرمينيا لا تنفذ إلى الآن القرارات الأربع الصادرة عن مجلس الأمن ( القرار رقم 822 فى 30 أبريل 1993، والقرار رقم 853 فى 29 يوليو 1993، والقرار رقم 874 فى 14 أكتوبر 1993، والقرار رقم 884 فى 12 نوفمبر 1993، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 243 / 62 فى 14 مارس 2008)، وقد دعت تلك القرارات جميعا جمهورية أرمينيا إلى الانسحاب الفورى ودون قيد أو شرط من أراضى أذربيجان التى تحتلها، وأن تتحمل تبعات ونتائج ذلك الاحتلال من تعويضات للسكان الذين تم تدمير بيوتهم وأراضيهم، وعودة السكان المشردين والذين نزحوا من أرضهم وبيوتهم هربا من القتل ونيران الحرب والترويع.

إن جمهورية أذربيجان ترى بأنه لا يوجد بديل عن السلم والاستقرار والتعاون الإقليمى ذو المنفعة المتبادلة، ذلك دون المساس بالحقوق المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة، لا سيما تلك المنصوص عليها فى المادة 51، فإن أذربيجان كانت ومازالت ملتزمة بإيجاد تسوية إزاء عملية النزاع، وهى على ثقة بأن هدفها هو وضع حد للاحتلال الأرمينى غير الشرعى واستعادة سيادة ووحدة أراضى أذربيجان.

وينبغى أن تدرك أرمينيا أخيرا أن السياسة الاستفزازية غير المسئولة التى تنتهجها لتحقيق أغراضها التوسعية، وإبداء مشاعر العداء والكراهية إزاء الدول والشعوب المجاورة لها، والقائمة على أساس التعصب التاريخى والثقافى والعرقى والدينى، لا يمكن لها النجاح.