الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محاولات إصلاح التعليم المصري «5»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استمرارًا لحديثنا عن التعليم، وتناولنا فى المقال السابق مجانية التعليم والدروس الخصوصية، نخصص هذا المقال، وهو الأخير فى هذه المقالات لقضية تمويل التعليم، وهل يجب أن تظل الدولة هى الممول الوحيد للتعليم المصرى (حاليًا ٩٠٪) أم أن هناك حاجة إلى إشراك القطاع الخاص والأهلى فى تملك وإدارة المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات؟
وحسب تصريحات وزيرى التعليم والتعليم العالى فإن مصر بحاجة إلى بناء مئات المدارس وعشرات الجامعات خلال العشر سنوات المقبلة، وحتى عام ٢٠٣٠، وإن المخصص من موازنة الدولة للتعليم العالى يعادل ٢٪ من الدخل القومى وللتعليم قبل الجامعى هو ٤٪، وهى نسب لاتحقق النهضة المرجوة من تطوير التعليم وإنشاء مدارس وجامعات حكومية، فضلًا عن الظروف الاقتصادية والتحديات العظيمة التى تمر بها مصر داخل محيط شرق أوسطى مضطرب ومحاربة للارهاب وعدم استقرار فى كل الدول المحيطة بمصر، إذا ما الحل؟
الحلول المتاحة أمام الدولة هي؛ أولًا: الشراكة مع القطاع الخاص المعروفة باسمPPP) Public private partnership) وثانيًا: إنشاء جامعات أهلية تابعة للجامعات الحكومية وغير هادفة للربح، وثالثًا: السماح للقطاع الخاص بالتوسع فى إنشاء وتملك المدارس والجامعات، ووضع الضوابط والمراقبة على نشاطه، وضمان جودته والتزامه بأهداف التنمية المستدامة للدولة وسياستها العامة.
أولًا: الشراكة بين القطاعين العام والخاص، Public Private Partnership PPPsتهدف الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى إنشاء مشاركة يقوم بمقتضاها القطاع الخاص بمساعدة الحكومة فى إنشاء البنية الأساسية من مدارس وجامعات وخلافه، كما تهدف إلى الاستفادة من الكفاءات الإدارية والتقنيات الحديثة والقدرات المالية التى يمتلكها القطاع الخاص، على أن تقوم الحكومه بوضع القواعد والتعاقدات المنظمة لعمل القطاع الخاص والإشراف عليه.
وفكرة مشاركة القطاع الخاص للحكومة ليست حديثة، ومعلوماتى أن الحكومة المصرية تدرس الصيغة القانونية للشراكة حاليا، وإن كانت هناك أمثلة ناجحة فى كثير فى البلاد العربية مثل الإمارات العربية المتحدة، وفى العالم يمكن الاستعانة بها.
وفى كل الأحوال تقوم الدولة بتحديد نوع المهام التى سيتولاها القطاع الخاص لتنشأ بمقتضاها صورة تعاقدية، يمكن تنظيمها وفق العديد الأشكال التالية: البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT)، البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية (BOOT)، البناء والتملك والتشغيل (BOO) أو أى شكل آخر من التعاقد يرتضيه الطرفان.
ويحضرنى هنا تجربة بناء مستشفى سانت مارى فى مانشستر خلال الفترة ما بين سنة ٢٠٠٠-٢٠٠٥، والتى قام القطاع الخاص والبنوك ببنائها على أحدث طراز وتسليمها إلى الحكومة لإدارتها على أن يقوم القطاع الخاص بتملك بعض الخدمات مثل الكافتيريات ومحلات بيع الورود، والمطاعم وأماكن انتظار العربات، وغيرها من الخدمات الأخرى التى تحقق عائدًا ماديًا داخل المستشفى، وعلمت أن الحكومة ستقوم بالسداد على ٣٠ سنة وبفائدة محدودة للغاية.
وهذا الشكل الأخير من التعاقد من الممكن أن يحل مشاكل كثيرة للحكومة المصرية فى التمويل لبناء الجامعات والمستشفيات وحتى المدارس دون إلقاء أعباء جديدة على كاهل الموازنة العامة للدولة.
ثانيا: إنشاء الجامعات والمؤسسات التعليمية الأهلية، المؤسسات الأهلية هى مؤسسات غير حكومية وغير هادفة للربح، بخلاف القطاع الخاص، ويسدد الطلاب فيها رسومًا دراسية غير مبالغ فيها، مقابل الخدمات التعليمية التى يحددها ويديرها مجلس أمناء من شخصيات عامة وأكاديمية مرمرقة، ولها أمثلة ناجحة فى العالم من أشهرها جامعة هارفارد الأمريكية والجامعة الأهلية فى سنغافورة.
وهناك اتجاه إلى توسع الحكومة المصرية فى إنشاء الجامعات الأهلية حسب تصريحات الأستاذ الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، حيث أكد رغبة الحكومة فى التوسع فى إنشاء الجامعات الأهلية ليصل عددها إلى ٣٢ جامعة بحلول عام ٢٠٣٠.
وأضاف سيادته أن هناك دراسات حول إنشاء جامعات أهلية تابعة للجامعات الحكومية فى كل من جامعات الإسكندرية، وقناة السويس، وبنها، وعين شمس والزقازيق وغيرها من المحافظات والمناطق النائية، ومنها جامعة الجلالة للعلوم والتكنولوجيا وجامعة العلمين الدولية للعلوم والتكنولوجيا وكذلك جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز، فى ثلاث مدن هى رأس سدر، وطور سيناء، وشرم الشيخ.
ولقد قامت جامعة المنصورة بالتقدم بالأوراق المطلوبة لإنشاء جامعة اهلية تابعة لجامعة المنصورة فى مدينة المنصورة الجديدة بجمصة وفى الأرض المخصصة للجامعة وفى انتظار الموافقة للبدء فى المشروع.
ثالثًا: الجامعات والمدارس الخاصة، توجد فى مصر مدارس وجامعات دولية وخاصة منذ عشرات السنين، وهذه توفر تعليم راقٍ برسوم باهظة للطبقة الغنية من الشعب المصرى، وبعض الأجانب المقيمين فى مصر وبعض الطلاب الوافدين. وهناك تخطيط بأن تصبح العاصمة الإدارية الجديدة مركزًا للجامعات الخاصة، وهو ما طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى من إنشاء فروع لجامعات أجنبية متميزة ومصنفة عالميًا. وهذا ما أعلنه الدكتور خالد عبدالغفار أن الدراسة سوف تبدأ بهذه الجامعات فى سبتمبر المقبل، بعدما تم الانتهاء من إصدار القانون المنظم لها ولائحته التنفيذية، ويتم حاليًا الانتهاء من مراجعة الأوراق الرسمية الخاصة ببعض هذه الجامعات تمهيدًا لإصدار القرار الجمهورى الخاص بكل جامعة على حدة.
وبالرغم من محاولات الحكومة المستمرة لإيجاد السبل الممكنة لإنشاء مدارس وجامعات جديدة وإقامة شراكة مع القطاع الخاص، ومحاولات اجتذاب الجامعات الدولية المرموقة لإنشاء فروع لها فى مصر، تبقى الحقيقة أن مصر بحاجة إلى بناء قرابة ألف مدرسة جديدة وقرابة مائة جامعة جديدة حتى عام ٢٠٣٠. ويجب أن تظل أبواب كل الوزراء مفتوحة لكل من يريد الاستثمار فى التعليم.
كما نناشد أهل الخير من المصريين بضرورة التبرع لبناء المدارس والجامعات، وأن يظل هاجس تطوير التعليم هو الهاجس الأول لكل الحكومات المصرية من الآن وحتى ٢٠٣٠ وما بعدها، وأن تزداد ميزانية التعليم فى السنوات المقبلة، وأن يكون التعليم الجيد هو شعار السنوات المقبلة.