الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

الأزهر: داعش فقد 98% من معاقله الرئيسة

الأزهر الشريف
الأزهر الشريف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قالت وحدة الرصد التركي بمرصد الأزهر، إن تنظيم داعش قد فقَد 98% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في معاقله الرئيسة، حيث هناك الآن أنباءٌ قوية تؤكد أن التنظيم على وَشْك الانتهاء تمامًا في سوريا؛ وهذا يعني أن وجوده أصبح ضعيفًا للغاية مقارنة بالفترة بين عامي 2014 و2017، وليس كسابق عهده في سوريا والعراق التي سيطر فيهما على آبار بترولٍ، كان يبيع منها 60 ألف برميلٍ يوميًّا وَفقًا لبعض التقارير، وقد دَرَّت هذه الآبار على التنظيم ملياراتٍ من الدولارات، إضافةً إلى أموال بعض البنوك التي استولى عليها في البلدين، والضرائب التي كان يفرضها على السكان، وغيرها من الموارد الاقتصادية التي جعلت منه أقوى تنظيمٍ إرهابي في العالم، والتي فقدها كلها في وقتنا الراهن تقريبًا، وكذلك انهارت قوتُه العسكرية وسقطت أمام الغارات الجوية للتحالف الدولي، وضربات شركائه وحلفائه على الأرض، وأيضًا تناثرت قوته البشرية التي وَفقًا لبعض التقارير بلغت 100 ألف مقاتل، منهم 40 ألف مقاتل أجنبي.
وتابعت بالرغم من الأرقام التي تذكرها بعضُ التقارير حول عدد مقاتليه الذين ما يزالون موجودين في سوريا والعراق؛ فإن هذه الأرقام أقلُّ بكثيرٍ من ذي قبلُ؛ حيث تَفَرَّقَ هؤلاء المقاتلون في السيناريوهات الثلاثة التي سبق وذكرها "المرصد" في دراسة سابقة؛ إما الذهاب إلى أماكنَ لهم فيها موطئ قدم، أو العودة إلى بلادهم، أو الذوبان في الصحراء.
وأضافت الوحدة، أما إذا تحدثنا عن قوة التنظيم الناعمة من محبين ومؤيدين، انخدعوا بدعايته الضالة، وإعلامه المُغْرِض، واعتنقوا فكره المتطرف؛ فنستطيع القول: إن هذه القوة الناعمة موجودة وبأعدادٍ متفاوتة بين بلدٍ وآخَرَ، وهذا مرجعه إلى قوة الآلة الإعلامية لتنظيم داعش الإرهابي في وقتٍ من الأوقات، والتي ما زال التنظيم يستخدمها حتى الآنَ؛ محاولةً منه لإثبات وجوده ولو على الأقل أمام مقاتليه ومؤيديه، والحقيقة: أن بعض هذه القوة الناعمة لا تَقِلُّ خطورةً عن القوة العسكرية والاقتصادية للتنظيم كما سنوَضِّح.
وأشارت إلي أنه يمكن تقسيم القوى الناعمة لتنظيم داعش الإرهابي إلى عدة أقسام: أفراد اقتنعوا بفكر التنظيم، وتواصلوا مع أفراده، وتفاعلوا معهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وسافروا بعد ذلك إلى سوريا أو العراق أثناء سيطرة التنظيم عليهما، وانضموا إلى الميليشيات، وهؤلاء تحوّلوا من قوة ناعمة إلى قوة فاعلة ومؤثرة على الأرض، وكان سفر هؤلاء يتمّ بسهولة ويُسر -إلى حَدٍّ ما- في بداية ظهور التنظيم، بعد ذلك أدركت الدول هذا الأمر وحرَصت على تأمين مواطنيها وعدم انضمامهم إلى التنظيم، وهنا ظهر النوع الثاني من المؤيدين والمتعاطفين وهم: أفراد اقتنعوا بالفكر المتطرف عن طريق الإنترنت، وتشبّعوا به، وصاروا مستعدين للسفر والانضمام إليه، لكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب الاجراءات الأمنية المُشَدَّدة في بلادهم، وهنا أراد التنظيم الاستفادة من هذا النوع؛ فبدأ يُعِدُّ لهم خطابًا خاصًّا حتى يضمنَ ولاءهم له؛ كان الخطاب الأول لـ "أبو محمد العدناني"، المتحدث باسم التنظيم (الذي قُتل في أغسطس 2016)، حيث شجّع في تسجيل صوتي له عام 2014 محبّي التنظيم على القيام بعمليات "ذئابٍ منفردة"، دون أخْذ إذن أو موافقة من التنظيم، مؤكدًا أنهم سيعترفون ويَتَبَنَّوْنَ أيّ هجومٍ ولو صغيرًا، ولقد كان هذا النداء من "العدناني" بمنزلة آليّة جديدة للتحريض على الإرهاب والقيام بعمليات إرهابية عن طريق المؤيدين والمتعاطفين، ولقد وصلت هذه الدعاية الدموية إلى كتلة جماهيرية واسعة في العالم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، والشرط الوحيد الذي اشترطه "العدناني" من أجل تَبَنّي التنظيم للعمليات التي يقوم بها المحبون له: هو أن يُقسِموا يمينَ الارتباط بالتنظيم بشكل واضح أمام الرأي العامّ.
ولفتت الي أن النوع الثالث من المؤيدين للتنظيم؛ فهم أفراد تأثّروا بفكره المتطرف، لكنهم لا يُفَضِّلون الانضمام؛ نظرًا لبعض سِماتهم الشخصية؛ فمنهم من لا يحب المغامرة، ومنهم من يريد أن يظل في دَور المؤيِّد فقط، وهؤلاء تتفاوت خطورتهم قوّةً وضعفًا، لكن في المجمل: هم أقلُّ المتعاطفين خطورة.
وقد أكد بعض المتحدثين في "مؤتمر ميونخ للأمن"، الذي عُقد في الثاني من فبراير الماضي؛ أنه بالرغم من اقتراب لحظة الإعلان عن القضاء العسكري التام على تنظيم داعش الإرهابي؛ فإن هذا لا يعني القضاء على الإرهاب والفكر المتطرف؛ لذلك لا يجب الإفراط في فرحة القضاء العسكري على هذا التنظيم الذي استطاع في فترة وجيزة السيطرة على ملايين الكيلو مترات.
وشددت في نهاية التقرير أن قوة أي تنظيم ليست كامنة في القوة العسكرية والاقتصادية فقط؛ بل أيضًا في القوة الناعمة التي تُعَدُّ من أهم مظاهر قوة التنظيم، ونؤكد أن التغلُّب عليها ليس أمرًا سهلًا، كما يمكننا القول أيضًا: إن الانهيار الذي حدث لتنظيم داعش عسكريًّا أقوى بكثير من الانهيار الذي حدث في قوته الناعمة، وهذا يدل على أن المكافحة الفكرية صعبة للغاية، وتتطلّب نَفَسًا طويلًا، ولكن بالرغم من ذلك لم تَلْقَ هذه المكافحةُ الفكرية الدعمَ الكافيَ الذي لقيته الحرب العسكرية؛ لذلك ينبغي على أهل الفكر أن يتكاتفوا في وقتنا الحاليّ لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي والانتصار عليه، وعلى التطرف بصفةٍ عامّة، حيث يجب أن يكون التطرف عدوًّا مشتركًا لجميع فئات المجتمع، وينبغي تكوين تحالف دولي فكري يستطيع الانتصار على الفكر المتطرف، ولقد رأينا في الحرب العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي اتّحادًا وتَحالُفًا بين دولٍ لم يكن يَخطِر ببالنا أن يأتيَ يومٌ ونرى فيه اتّحادها على هدفٍ واحد، ولو اتّحد أهل الدين والعلم، وأهل الإعلام والفن، وأهل الثقافة والشِّعر، والرياضيون، واتّخذوا لهم عدوًّا مشتركًا واحدًا، وهو التطرف؛ لاستطعنا بسهولة التخلص من هذا الفيروس الخطير، الذي يحاول أن يَستشريَ في عُروق الأمم وشبابها.