الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

عبدالله غيث.. عملاق الأداء التمثيلي

عبدالله غيث
عبدالله غيث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هو أستاذ الأداء التمثيلي وعملاق المسرح وابن العمدة وملك الفيديو وأنتوني كوين العرب، وألقاب أخرى كثيرة ظلت ملاصقة للفنان الراحل عبد الله غيث حتى بعد رحيله.
اليوم توافق الذكرى الـ 26 لرحيل لهذا الفنان العملاق، الذي أثرى الحياة الفنية بأعمال عديدة ناجحة، سواء على خشبة المسرح أو على الشاشتين "السينما والتليفزيون". 
كان لهذا الفنان القدير عالمه الخاص الذي أسهم بقدر كبير في تنوع أدواره وظهوره أمام الكاميرا "متقمصًا"" شخصياته بحرفية شديدة، فقد ولد غيث لأسرة ثرية تمتلك مئات الأفدنة، وكان والده يجيد الإنجليزية إلى جانب أنه درس الطب في لندن، حتى قامت أسرته باستدعاء "الأب" ليتولى العمودية بقريته مع بوادر الحرب العالمية الأولى، فتزوج وأنجب خمسة أبناء وكان عبد الله غيث أصغر أبنائه.
كما يذكر الحسيني ابن عبدالله غيث أن والده كان يتنكر فى زى ضابط تموين، ويذهب إلى مخازن التجار الذين يحتكرون المواد التموينية فيخافون، ويلقون ببضاعتهم فوق الأسطح، واشترك هو وشقيقه فى العديد من المقالب فترة الطفولة والصبا.
وتابع: "أبى كان مرشحًا للعمودية، وطلب منه أهل قريته أن يتولاها، لكنه لم يستطع نظرا لانشغالاته الفنية، وتولى العمودية شقيقه الأكبر أحمد، ولكن ظل عبدالله بمثابة العمدة الشرفى، يشارك فى حل مشكلات أهل قريته، وفى الجلسات العرفية لفض المنازعات".
كما تزوج عبدالله غيث في سن 18 عاما من ابنة خالته التى أحبها منذ الطفولة، وأقيمت له الأفراح فى قريته لمدة أسبوع كامل، ولم يكن يحلم بأن يكون مهندسًا أو محاميًا وانحصر حلمه في شيئين: الفلاحة أو الفن، فقد كان يعشق الريف ولا يجد نفسه على حقيقتها إلا في قريته وهو يرتدي الجلباب ويجلس على المصطبة تحت الجميزة في الغيط على شاطئ الترعة بعيدًا عن المظاهر والشكليات.
تلك المواقف سواء نشأته في بيئة زراعية وحبه للتمثيل منذ صغره واستقراره الأسري في مرحلة مبكرة من حياته ساهمت بقدر كبير في تكوين ورسم شخصية "عبدالله غيث" الذي توفي والده وهو لا يزال صغيرًا فاستمر في دراسته بالقرية، وكان يعشق الذهاب إلى السينما والمسارح والحفلات الصباحية منذ أن كان طالبًا بالمدرسة، وبدأ يعمل بالزراعة ويشرف على أرضه بعد حصوله علي الثانوية، لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بمعهد الفنون المسرحية بإشراف أخيه حمدي غيث الذي عمل أستاذًا بالمعهد بعد رجوعه من بعثته بباريس.
هذه الخطوة كانت الأولى ضمن مشوار طويل رسمه لنفسه، حيث التحق عبد الله غيث بالمسرح القومي وهو لا يزال طالبًا في المعهد، وحصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1955، ثم تتلمذ على يد شقيقه حمدي غيث.
بدأ الفنان عبد الله غيث مشواره السينمائي في العام 1962 في فيلم "لا وقت للحب"، والعام 1963 "رابعة العدوية"، والعام 1964 "ثمن الحرية"، و"أدهم الشرقاوي"، بينما كانت بداية عمله في المسرح القومي عن طريق الأعمال الكلاسيكية المترجمة ووصل عدد هذه الاعمال إلى مئات المسرحيات منها: "وراء الأفق" و"حبيبتي شامينا" و"الخال فانيا" و"دنشواي الحمراء" و"كفاح شعب" و"مأساة جميلة" و" تحت الرماد" و"الدخان" و"الكراسي" و"الوزير العاشق" و"مرتفعات وذرنج" و"ملك القطن" و"آه يا غجر" و"الزير سالم" وكثيرًا ما كانوا يرشحونه للأدوار الصعبة.
ثم انتقل بعدها الي تجسيد أدوار البطولة في معظم المسرحيات الشعرية فاستحق عن جدارة لقب النجم الأول على مستوى الوطن العربي للمسرح الذي يؤدي شعرًا. 
وفي السينما شارك عبد الله غيث في عدد قليل من الأفلام أشهرها: "أدهم الشرقاوي" عام 1964م و"حكاية من بلدنا" و"السمان والخريف" و"جفت الأمطار" و"الحرام" وكان لفيلم "الرسالة" العالمي وضع خاص. ويرجع سبب قلة أفلامه إلى عدم استعداده لتقديم أي تنازلات وكان يدقق في ما يختاره ويناسبه من الناحية الفنية فظل يمارس الفن بروح الهواية ولم يستطع أحد منافسته خاصة في نوعية الأدوار التي يختارها.
وفي عام 1976 وقع اختيار المنتج والمخرج السوري مصطفى العقاد على عبد الله غيث للقيام بدور حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم في فيلم الرسالة، والذي صورت معظم مشاهده ما بين أرض ليبيا والمغرب وتم إنتاج نسختين منه عربية وإنجليزية بنفس الديكور والمناظر مع تغيير في المجاميع والأبطال وفي المقابل قام الممثل العالمي أنتوني كوين بدور حمزة في النسخة الإنجليزية، الذي قال عنه: " لو كان عبد الله غيث في أوروبا أو أمريكا لكان له شأن آخر ".
أما في عالم الدراما التليفزيونية فقد اشتهر في العديد من المسلسلات الناجحة أولها مسلسل "هارب من الأيام" عام 1963م ولقب بعده بملك الفيديو "الصبر" و"الثعلب" و"المال والبنون" و"محمد رسول الله" و"الحرية" و"الكبرياء تليق بالفرسان" وآخرها "ذئاب الجبل".
لم يستطع عبدالله إستكمال أربعة مشاهد من مسلسل "ذئاب الجبل" وأثناء وجوده بالمستشفى فوجئ بوفد ليبي ينوب عن الرئيس العقيد معمر القذافي يبلغه بأن هناك طائرة طبية خاصة تنتظره لنقله إلى أي بلد في العالم للعلاج أخبرهم طبيبه الخاص بأنه قد فات الأوان، ليرحل عبد الله غيث عن الدنيا في يوم الأربعاء 13 مارس 1993.
وحصل الفنان عبدالله غيث على العديد من الجوائز منها جائزة أحسن ممثل في التلفزيون لأعوام 1963م، 1978م وحصل علي جائزة عن دوره في فيلم "ثمن الحرية" عام 1964م، كما حصل علي شهادة تقدير من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1976م، وفي عام 1983م حصل علي درع دولة الإمارات العربية المتحدة، وحصل أيضا علي جائزة عن دوره في مسرحية "الوزير العاشق".