الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

سيد حجاب.. صياد الكلمة

سيد حجاب
سيد حجاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يأتى معرض القاهرة الدولى للكتاب، حاملا في طياته ذكرى رحيل عملاق العامية المصرية الشاعر الراحل سيد حجاب، الذي غادر عالمنا في الشهر نفسه وقت الدورة الثامنة والأربعين للمعرض، بعدما أحب مصر فعشقه أبناؤها، وذاب فى ترابها فأحيت ذكراه لما استقر فى هذا التراب. 
فشل فى أن يفلت من هواها بينما هو شاعر لا يشق له غبار. مكّنته موهبته من أن يصنع لنفسه مكانا فى صدارة المشهد لا ينافسه فيه أحد؛ واتسعت رقعته على ساحة الغناء متسلحًا بالبساطة والتلقائية.
غادر حجاب الإسكندرية، واستقر فى القاهرة ليلتقى بكبار الشعراء كصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وفؤاد حداد، وزملاء جيله كعبدالرحمن الأبنودى، ويحيى الطاهر عبدالله.. وغيرهم، وارتبط ببعض تجمعات اليسار واعتقل لعدة شهور، فازداد عشقًا للبسطاء.
كانت قدرة حجاب على تطويع العامية المصرية فى تترات الكثير من الأعمال الدرامية والتليفزيونية أمر أحبه متابعوه ونقاده، الذين كانوا يستمعون لكلماته على ألحان الموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعى رفيق مشواره الدرامي؛ وتعاون كذلك مع بليغ حمدى ليصنعا أغنيات لعلى الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضي، وقدم معه الحجار «تجيش نعيش» وكتب لمحمد منير فى بداياته أغنية «آه يا بلاد يا غريبة» فى أول ألبوم له، ثم أربع أغنيات فى ألبومه الثاني، ثم كتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها، بجانب العديد من تترات المسلسلات التى عرض بعضها فى رمضان. تبدو أفكار سيد حجاب مغلفة بعادات المصريين، ممتزجة بروح المجتمع، بمواله، وشعره العربى القديم، بالبيئة، بالحكم والأقوال المأثورة، بالمثل الشعبى السائر، لقد استفاد حجاب من كل مكونات اللغة الشعبية للمجتمع المصرى، ونظم له أغانيه فى صورة تصاحب أحزانه وأفراحه وانتصاراته وثورته.
اهتم حجاب في قصائده بفكرة "البراءة والإثم"، فالإنسان يولد نقيا صافيا يملك فطرة طيبة للغاية تميل للخير، حالمة، تجنح للسلام ولقيم العدل، وروح المجتمع المصري المحبة، فالقارئ والمستمع لشعر "حجاب" يلمح تلك الفطرة النقية التى تقف صلبة فى مواجهة شرور العالم، وهو يؤمن بقدرية وجودنا للحياة «دوامة شدتنا... رجلينا جت فى الخية» فى هذا الوجود الصعب، والقادر على إغواء الطيبين.
احتمى حجاب أيضا بعدة جدران تحميه وتقف ضد هذه الصعاب، أولها: كون الحقيقة نار تحرق الباطل وتدمره، والحب داعم فى طريقنا فـ«المحبة تفجر الروح من الجماد» والحلم عنده نافذة تثب من خلالها الروح إلى الجنة فتشاهد القصور والبساتين، وليس بعيدًا عن الحلم نجد الخيال «يا للا بينا تعالوا نسيب اليوم فى حالة وكل واحد مننا يركب حصان خياله»، فالخيال كما الرؤى فى النوم متنفس عظيم، ويلوح الصراخ والكلام والبكاء فى وجه الدنيا، فى وجه الظلم، تلك متنفسات لكتمة الصدر، فلا يرضى باليأس طالما الغد يحمل فى طياته تفاريح البهجة والفرج.
يبرز اسم الراحل سيد حجاب، كذلك كواحد من أبرز وجوه 30 يونيو، فقد كان يرى أن مصر تدار بـ"زمبلك" من مكتب الإرشاد، حسب وصفه، وكان يقول: هذا الوزير هو مجرد أداة في يد حكومة تدار بزمبلك من مكتب الإرشاد؛ كما أنه شارك في خارطة الطريق التي أعقبت ذلك، فكان يعتقد أن التعثر في عدم تفعيل الدور المطلوب للمثقف المصري في المجتمع نابع في الأساس من أن الفكر القديم ما زال في موقع السلطة، وإلى تلك اللحظة لم تحكم الوزارة بفكر ثورتي يناير ويونيو؛ فكان له دور في ثورة الثلاثين من يونيو وكتابته لديباجة الدستور لا ينكره أحد.
وكان الشاعر الراحل يقول إن ثورة 30 يونيو مفتاحها شباب مصر الواعي المستنير، وكشف حجاب، في واحد من حواراته التليفزيونية أن المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، أرسل وفدًا من الجماعة في قبل ثورة 30 يونيو إلى بعض المجموعات من المصريين لعقد مصالحة بين الإخوان وبين القوى السياسية؛ وأشار إلى أنه كان أحد هؤلاء الذين التقوا مبعوثي الشاطر، بحكم علاقته الطيبة بالقوى السياسية، مضيفًا أنه سأل مبعوث الجماعة عن توقعاتهم لاندلاع ثورة، فأجاب أن التنظيم يرى أن "30 يونيو" ما هي إلا زوبعة في فنجان، وليس أكثر؛ كذلك روى حجاب أن مبعوث الإخوان سأله نفس السؤال، فرد عليه بأن المصريين سيخرجون في ثورة 30 يونيو أكثر من 25 يناير، وستنتشر في مصر موضة حلاقة الذقون، وسيهرب أعضاء الجماعة إلى الخارج.