الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

موسم المتاجرين بالأوطان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدأ يناير، ومعه يبدأ موسم المتاجرين بالأوطان، يطلون علينا فتزكم رائحتهم أنوفنا، وتؤذى صورهم أبصارنا، يعزفون نفس سيمفونية النفاق، مع تغيير فى اللحن.. تقتضيه مصالحهم الشخصية. فى يناير ٢٠١١ عزفوا سيمفونية أطلقوا عليها (ثوار الميدان) ضاربين بمصلحة الدولة عرض الحائط، وواضعين نصب أعينهم الاستمرار فى جمع الغنائم، رقصوا على أشلاء نظام طالما رقصوا له، وغيروا جلدتهم كالحرباء ليتعايشوا مع البيئة الجديدة، خرجوا من مخابئهم عندما اطمأنوا لرحيل النظام، نزلوا الميدان، وعزفوا بصاجاتهم لرواده، وطبلوا للشباب الطاهر وورد الجناين اللى فتح فى ميادين مصر، أغدقوا على أصحاب الصوت العالى بالمال، واستقطبوهم ليحتموا بهم، تركوا فنادق الخمس نجوم.. واتخذوا من مقاهى وسط القاهرة مستقرًا لهم، منهم من افترى على نظام ولى، ومنهم من شكى وجيعته منه، ومنهم من أعلن توبته، هتفوا مع ثوارهم ضد الجيش والشرطة والقضاء، ثم هتفوا لجماعة الإخوان، وجعلوا من مرشدها المهدى المنتظر، ومن قياداتها قادة للوطن، هكذا كان حال تجار الأوطان فى عصر مبارك والإخوان، والغريب.. أن هذا هو حالهم الآن، نفس آلات العزف.. مع تغيير اللحن.
بدأ تجار الأوطان يطلون علينا فى ذكرى يناير، ليقولوا ما قلناه منذ بداية الأحداث، وليؤكدوا ما أكدناه وعاقبونا وقتها عليه، إما بصمت مطبق على ما تروجه كتائب الإخوان الإلكترونية.. أو بتوجيه الاتهامات لأننا سرنا عكس اتجاه التخريب وتدمير الأوطان. لقد تحول الثوار فى سيمفونيتهم الجديدة التى بدأت مع انتهاء عصر الإخوان إلى مارقين ومخربين، وأصبح من غنوا لهم وتغنوا بهم قادة للإرهاب، وتناسوا أرشيفًا حافلًا بتقبيل الرءوس والأيادى وجلسات فيها من الحميمية ما يضمن لهم البقاء.
ما زال تجار الأوطان فى صدارة المشهد، وهذا هو الخطر الحقيقي؛ لأن بقاءهم إذا كان غصة فى حلوق المصريين.. فهو تهمة لمن سمح لهم بعزف نفس السيمفونية، بعد أن غيروا الهتاف للجيش والشرطة والقضاء لا ضدهم، هؤلاء هم الأخطر على مصر من الإرهاب، وإبعادهم عن المشهد واجب إذا كنا جادين فى بناء الإنسان، فمن يسعون إلى نجومية ومال قد يتخذونهم قدوة، فيستخدمون الأدوات نفسها، ويعزفون السيمفونية نفسها.
قد نتفهم أن احتواء هذا النوع من البشر ربما يكون ضرورة فى وقت ما، لكن استمرارهم حتى الآن لا يثلج إلا صدورهم، ولا يحقق إلا مصالحهم، وفى المقابل.. يسىء إلى النظام، ويعوق أى إنجاز.
امنعوا هؤلاء من الظهور فى ذكرى أحداث يناير، واجهوهم بحقيقتهم، انشروا تسجيلاتهم الموجودة على «اليوتيوب» حتى لا يظنوا أنهم الأذكى، أو يعتقدوا أنهم الأبقى حتى لو كان الثمن الرقص بالصاجات على أطلال الوطن، فمن ضحى بنظام واثنين قادر على التضحية بثالث، ومن باع ضميره لا يضيره بيع شرفه، ومن يبيع شرفه.. يبيع وطنه.