الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بوادر خلافات بين إيران وروسيا

إيران وروسيا
إيران وروسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا يزال التوتر الأمريكي الإيراني يُخيِّم على العلاقات بين البلدين، بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، اتفاقية لوزان لعام 2015 بين الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا، في الثامن من مايو لعام 2018، على خلفية التدخل الإيراني في المنطقة، وما أشارت إليه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى امتلاكها الأدلة لسعى طهران لحيازة السلاح النووي، على الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية عنها


ورأت الإدارة الأمريكية أن الاتفاق النووى لم يمنع إيران من مساعيها النووية، بل سيدفعها نحو مزيد من التدخل وإشاعة الزعزعة لأمن المنطقة، وتمخض عن التوتر مزيد من الانقسام بينهما فى الملف السوري، فأصبحت إيران وروسيا والنظام السورى من ناحية، وأمريكا وبريطانيا وتركيا من ناحية، إضافة إلى «إسرائيل» المتدخلة حديثًا لتوجيه ضربات انتقائية للمواقع الإيرانية.
وعلى صعيد الحلف الروسي، ظهرت بوادر خلاف بين إيران وميليشياتها من ناحية، والدب الروسى من ناحية أخرى، وتعددت الأسباب التى دعت إلى بروز الخلاف بينهما على الساحة السورية، تأتى أبرزها المراوحة الروسية مع كل القوى الإقليمية والمؤثرة فى سوريا، من ناحية تقاربها مع إسرائيل، وعلى الجانب الآخر التفاهم فيما بينهما وبين الجانب التركى فى الشمال السوري.

الحصار الأمريكى لإيران
تقوم السياسة الأمريكية على استراتيجية واضحة -استراتيجية الحصار- ضد التغلغل الإيرانى بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بعدما أحاط بترامب عدد من المستشارين الرافضين للنفوذ الإيرانى الإقليمي، بعد إقالة ريكس تيلرسون، وزير الخارجية، وهيربرت ريموند، مستشارة الأمن القومي، الداعمين لحفاظ الولايات المتحدة على الاتفاق النووى الإيراني، وتعيين مايك بومبيو للخارجية، وجون بولتون للأمن القومي، وكلاهما معادٍ لإيران، تَشجَّعَ ترامب للانسحاب من الاتفاق.
وأعلن الرئيس الأمريكى فى مايو ٢٠١٨، انسحاب الولايات المُتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة، معللًا أن الاتفاقية لم تحمِ مصالح الولايات المُتحدة وحلفائها، وقال ترامب: إن الاتفاقية وضعت قيودًا ضعيفة جدًّا على أنشطة النظام النووية، ولم تضع حدًّا على الإطلاق لسلوك إيران فى منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك أنشطتها المتوسعة فى سوريا، واليمن، وأماكن أخرى، مضيفًا أنه سيُعيد فرض عقوبات اقتصادية كانت الإدارة الأمريكيَّة تتجنبها منذ توقيع الاتفاق فى ٢٠١٥.
وجاء قرار «ترامب» بناءً على خرق إيران لبنود الاتفاقيَّة، وزعمه أن طهران رفضت تلبية مطالبه حول برنامج التجارب الصاروخيَّة الباليستيَّة، وخرقت قرار مجلس الأمن الدولى رقم ٢٢٣١، واستغلت الاتفاق للتوسع والتمدد الاستراتيجى فى الإقليم، وتمويل ودعم الجماعات المسلحة والانفصالية، إضافةً إلى الضغط الإسرائيلى المتواصل على الإدارة الأمريكية.

دلالات الخلاف بين حلفى «الأسد» وأسبابه
تعددت الأسباب التى أدت إلى بروز الخلاف بين روسيا وإيران، باعتبارهما حلفى النظام السورى والداعمين لبقاء الأسد فى مواجهة الولايات المتحدة وتركيا، ومنها التنسيق الروسي التركى فى الشمال السوري؛ إذ بدأ الخلاف الإيرانى الروسي، بعدما سمحت الأخيرة لتركيا بالدخول إلى عفرين، وجاء ذلك فى تصريح للرئيس الإيرانى حسن روحاني، لتأكيده على معارضة إيران لوجود أى قوات أجنبية، إشارة منه إلى العمليات العسكرية التركية فى عفرين فى الشمال السوري دون موافقة الرئيس بشار الأسد، وتطور الأمر إلى دخول قوافل عسكرية تركية لبعض المناطق، كبلدة العيس فى ريف حلب الغربى بسوريا بمباركة روسية.
وأوضحت بعض التقارير أن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران هى التى هاجمت القوافل التركية بالبلدة، وأن تزايد عدد الميليشيات الشيعية وقصفها لمنطقة الرتل التركي، جاء على خلفية رفض التنسيق التركى الروسى بشمال سوريا.
وفى هذا الإطار، تعاون الجانب التركى والروسى من أجل استغلال مكانة كل منهما داخل الصراع السوري، إذ تريد تركيا الاستفادة من الجانب الروسى فى إبعاد الأقلية الكردية، ومنع تنامى وجودها على الحدود «التركية - السورية»، بعد فقدان أملها فى التعاون الأمريكي، كما تريد أن تستغل القرب التركى لبعض فصائل المعارضة السورية على طاولة المفاوضات السورية المستقبلية.
ويأتى التنسيق الروسى الإسرائيلى أحد أبرز أسباب الخلاف بين موسكو وطهران، بعد تدخل إسرائيل فى سباق الصراع السورى على إثر تزايد النفوذ الإيرانى وميليشياتها، خاصة حزب الله فى سوريا، ما يُمثل تهديدًا لها فى الشمال الشرقى على الحدود السورية - الإسرائيلية، ومن ثم فقد جاءت ضرباتها الانتقائية ضد تحجيم التحركات الميدانية لإيران وحزب الله فى سوريا، ونفذت إسرائيل هجمات جوية على العديد من المواقع الإيرانية فى سوريا، وصرحت بأنها دمرت معظم البنى التحتية التابعة لفيلق القدس (الحرس الثورى الإيرانى بالخارج).
وجاء التنسيق الروسى الإسرائيلى بشأن التفاهم بين الطرفين حول طبيعة الدور الإسرائيلى بسوريا، وإبلاغ بوتين بالضربات الجوية الإسرائيلية فى الداخل السوري، وتحدث العديد من التقارير حول إعطاء روسيا لإسرائيل الضوء الأخضر داخل سوريا.
كما امتنعت روسيا عن إمداد الجانب السورى بمنظومة الدفاع الجوى «إس ٣٠٠»، التى اعتبرت تطورًا للتفاهم الروسى الإسرائيلي، جاء ذلك إثر زيارة رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو لموسكو؛ لأنها أتت متزامنة معها، وتشكل «إس ٣٠٠» نقلة نوعية كبيرة جدًّا لو امتلكتها الدفاعات الجوية السورية، التى تعتمد اليوم على منظومة امتلكتها إبان حقبة الاتحاد السوفييتى السابق.
وتختلف روسيا وإيران حول إعادة الإعمار فى سوريا؛ حيث تضاربت المصالح «الإيرانية - الروسية» حول مستقبل إعادة الإعمار، فمن ناحية تعمل روسيا على توقيع عقود مع النظام السورى لمنحها الامتياز الأول فى إعادة الإعمار، إذ يتنافس كل منهما فى الحصول على امتيازات مشروعات تنموية، فقد وقعت روسيا والنظام السورى اتفاقية لخارطة طريق لعام ٢٠١٨، اشتملت على عدة مشروعات وإنشاء منشآت للطاقة بسوريا.
كما أبدى النظام الإيرانى انزعاجه من احتكار روسيا لملف إعادة إعمار سوريا، معلنًا على لسان وزير خارجيته جواد ظريف، عن إمكانية روسيا وإيران أن تكمل إحداهما الأخرى فى عملية إعادة الإعمار، واعتبر أن حضور روسيا فى عملية الإعمار لا يعنى عدم حضور إيران.

مستقبل الدور الإيرانى فى المنطقة
يبدو أن الملف السورى مقبلٌ على محطات مهمة، سيكون أبرزها مستقبل الدور الإيرانى وميليشياته فى سوريا، لاسيما مع بدء حديث الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن شرعية القوات الأجنبية فى سوريا، معلنًا أن الدور الروسي هو الوحيد مَنْ يملك شرعية التدخل فى الصراع السوري، إشارة لاستبعاد الميليشيات الشيعية والقوات الإيرانية بسوريا، فقد انزعجت روسيا من طهران لاستخدامها ميليشياتها لتصفية حسابات خارجية للنظام الإيرانى على الساحة السورية.

التنين الصينى يحمى إيران من أنياب ترامب
«الحزام والطريق».. أمل إيرانى لفرض الهيمنة الاقتصادية على الدول العربية
تعمل إيران على تخفيف خلافاتها مع الدول الآسيوية، أملًا فى خلق التوازن الدولى الذى يسمح لها بالفكاك من أثر العقوبات الدولية، ما دفعها أخيرًا إلى توقيع اتفاقية بحر قزوين مع دول القوقاز «روسيا، كازاخستان، أذربيجان، تركمنستان»؛ لتنظيم استغلال موارد بحر قزوين بين الدول، كما تحاول إيران أن تلعب دور المايسترو الاقتصادى فى آسيا للتوفيق بين معظم خطط التنمية، سواء طريق الحرير أو مشروع تطوير بحر قزوين.
يذكر أن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» أعلن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى مايو الماضى، بعد ٣ سنوات فقط من توقيعه. وترتب على الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى العديد من التبعات القاسية على الاقتصاد الإيراني؛ الأمر الذى فجر موجة من الغضب الشعبى بعد أقل من شهر من إلغاء الاتفاق النووي، ففى نهاية شهر يونيو ٢٠١٨ شهدت البلاد احتجاجات ما يعرف بالبازار؛ ما هدد استقرار نظام الولى الفقيه الذى بات يعانى من اختلالات هيكلية جسيمة، متمثلة فى العديد من الأزمات الأخرى كأزمة القيادة.
وفور انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بدأت تتخذ سياسات أكثر صرامة إزاء النظام الإيراني؛ وهدد «ترامب» بفرض عقوبات على بعض الدول التى تتعاون مع النظام الإيراني، ما دفع شركات النفط العالمية إلى الخروج من إيران، مثل شركة النفط الفرنسية «توتال»، التى أعلنت يوم ٢٠ أغسطس الماضى مغادرتها إيران، وتخليها عن مشروع تطوير المرحلة ١١ لحقل بارس، رغم أن حصة توتال فى المشروع ٥٠.١٪، فيما تمتلك شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) نحو ٣٠٪، أما شركة بتروباس الإيرانية فتمتلك ١٩.٩٪.
وإزاء العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني، لم تجد طهران بدًّا من إعادة تفعيل شراكتها مع محيطها الآسيوي، خاصةً شرق آسيا الذى يمثل قوى تنمويةً ضخمةً متمثلةً فى الصين والهند ودول القوقاز.
توجه السياسة الخارجية الإيرانية إزاء دول شرق آسيا ومنطقة القوقاز، لم يكن وليد العقوبات الأخيرة؛ حيث انتهجت إيران سياسة تعزيز علاقاتها مع الدول الآسيوية، كتعويض لأزماتها المتتالية مع الغرب وأمريكا والدول العربية على وجه الخصوص.
وأطر التعاون بين طهران وجيرانها متعددة ومتشابكة إلى أبعد الحدود، ما بين علاقات ثنائية واتفاقات شراكة واستثمارات انتهاء، بمحاولات ترتيبات إقليمية تضمن تحقيق أعلى معدلات التبادل السلعى بين دول المنطقة؛ خاصة دور إيران فى تشكيل ممرات الشحن والتبادل التجاري.
تعد منطقة آسيا الوسطى والصين والهند من أكثر المناطق فى العالم الواعدة اقتصاديًّا؛ نظرًا لما تمتلكه من مؤهلات تجعلها الرائدة عالميًّا فى مجالات التنمية، مثل الوفرة السكانية والموارد الطبيعية والخبرات التكنولوجية المتقدمة، فضلًا عن الموقع الجغرافى، وبناءً على المقومات السابقة انطلقت المبادرات الاقتصادية الكبرى؛ لتعزيز فرص التنمية فى دول المنطقة مثل «مشروع طريق الحرير الجديد»، ومشروع إنشاء ممر شحن دولى بين الهند وأفغانستان وإيران؛ لتعزيز أهمية ميناء تشابهار الإيراني.
وفيما يخص مشروع طريق الحرير الجديد، فقد أعلن الرئيس الصينى «شى جينبينغ» عام ٢٠١٣ عن مبادرة «الحزام والطريق» التى تهدف لإعادة إحياء طريق الحرير القديم، وتسهيل عملية التواصل والترابط بين دول الشرق ودول الغرب، من خلال إنشاء وتشييد شبكات الطرق الكبرى والسكك الحديدية وأنابيب النفط وخطوط الطاقة الكهربائية بين جميع الدول الواقعة فى نطاق المبادرة.
وتعد إيران من الدول الرئيسية والمحورية التى ستشملها المبادرة الصينية الجديدة؛ لذا تولى إيران عنايةً شديدةً بمبادرة «الحزام والطريق»؛ لاعتبارات عدة، أهمها: تطوير البنية التحتية الإيرانية وتشجيع فرص الاستثمار، خاصة فى مجالات الطاقة. وتحقيق الانفتاح الاقتصادى لإيران على العالم. والالتفاف على العقوبات الاقتصادية التى تفرضها أمريكا عليها من وقت لآخر تحت دعاوى مختلفة. وفرض الهيمنة الاقتصادية الإيرانية على دول المنطقة العربية باعتبارها المحطة الأكثر استراتيجية فى المبادرة.
ومن المؤكد أن ثمة سياسات بعينها ستتبعها طهران؛ لإنجاح دورها فى مشروع طريق الحرير الجديد، ومنها تخفيف حدة التوتر فى العلاقات مع دول الجوار، خاصةً باكستان التى يشملها الطريق الجديد، وتقليل حجم تدخلاتها فى بعض الدول. وأهم عقبتين تواجه الطريق حاليًّا هما التوترات السياسية بين دول المبادرة من ناحية، ومن ناحية أخرى الاضطرابات الأمنية فى بعض الدول، خاصةً الدول العربية مثل سوريا والعراق، المتسبب فيهما التدخلات الإيرانية.

طهران تلوِّح باستهداف «الملاحة البحرية» لتهديد جيرانها فى محاولة للردع
بين الحين والآخر تلوح إيران بعصا التهديد لخصومها؛ حيث اعتاد نظام الملالى التهديد باستهداف الملاحة البحرية فى مضيق هرمز حال تعرضها لأى هجوم عسكري.
التهديد الإيرانى يكشف مدى إدراك نظام الملالى لأهمية خطوط الملاحة البحرية فى إطار سياسة التمدد التى تنتهجها على حساب جيرانها من الفواعل الإقليميين، منذ قيام الثورة الإيرانية فى ١٩٧٩، وبصفة عامة، تسعى إيران لترسيخ وجود قوى فى خطوط الملاحة الرئيسية فى المنطقة، ليس فقط لأن هذا الوجود سيسهم فى تأمين تجارتها الخارجية، ولكن أيضًا لأن الوجود الإيرانى فى خطوط الملاحة البحرية يُمكنها من التلويح بتهديداتها البحرية من وقت لآخر، علاوة على تسهيل التهريب الإيرانى للسلاح نحو الميليشيات الموالية لها فى المنطقة، خاصة اليمن. 
فى السياق ذاته، تعى إيران أن وجودها القوى فى خريطة الملاحة البحرية الدوليَّة يضمن لها شريان الحياة، وعليه فقد انتهجت إيران خطة متعددة الأبعاد، احتل فيها الخليج العربى المكانة الأولى، ليس فقط لأنه يطل على حدود إيران الغربية، ولكن أيضًا لأن دول الخليج كافة تصدر النفط من خلاله، ما يعنى أن سيطرتها على هذا الممر الملاحى العام والمهم يضمن لها الضغط على القوى الدولية المعتمدة بشكل رئيسى على استقدام النفط من هذه الدول، ويفسر هذا الأمر التهديدات الإيرانية المستمرة بإغلاق مضيق هرمز لدى تعرضها لأى تهديد عسكرى من قبل دول الخليج أو غيرها من الدول الغربية. 
كلما اشتد التوتر بين كل من إيران والقوى الغربية؛ فإن الأولى تلجأ إلى إجراء مناورات عسكرية فى منطقة الخليج العربى ومنطقة مضيق هرمز، لتبرهن على مدى جاهزيتها وقدرتها العسكرية على منع دول الخليج من تصدير النفط إلى الدول الغربية حال اندلاع حرب تكون طهران طرفًا فيها. 
فعلى سبيل المثال، لا الحصر، أجرى الأسطول الإيرانى فى بداية شهر أغسطس ٢٠١٨، مناورة عسكرية فى منطقة الخليج ردًا على اعتزام الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على إيران.
على صعيد حرب الموانئ الدولية، تحاول إيران استغلال الصراع الدائر بين كل من الصين والولايات المتحدة من أجل كسر العزلة الدولية المفروضة عليها. وفى سبيل تحقيق ذلك، قامت إيران بإجراء توسعات فى ميناء «تشابهار» المطل على خليج عمان بتكلفة ٣ مليارات دولار، ليكون جزءًا من طريق الحرير الذى تحاول الصين من خلاله تأمين صادراتها إلى دول العالم المختلفة. 
وتأمل إيران أن يكون هذا الميناء منافسًا لموانئ جوادر الباكستانى ودبى الإماراتى وصحارى العماني. وقد أسهمت الهند بمبلغ ٢٣٥ مليون دولار فى تطوير ميناء «تشابهار» الإيرانى من أجل الحد من الدور الذى يلعبه ميناء جوادر الباكستاني- يقع فى جنوب غرب باكستان- المدعوم من الصين، ما يبرهن المحاولة الإيرانية لخلق تفاعلات دوليَّة جديدة بهدف تجاوز العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. 
ورغم ما تعانيه الذراع الإيرانية المتمثلة فى «ميليشيات الحوثي»، من فشل فى بسط السيطرة التامة على المضيق الاستراتيجى، لكن إيران لا تيأس وتحاول بكل السبل إحكام سيطرتها على المضيق من خلال ميليشيا الحوثى الشيعية، بهدف خلق علاقة ترابطية بين كل من مضيق هرمز وباب المندب. وحال تَحقق ذلك المستحيل؛ فإن إيران سوف تتمكن من استهداف السفن المارة من المضيقين.
وقد أثبتت ميليشيا الحوثى الشيعية الموالية لإيران قدرتها على تمثيل إزعاج لا يرتقى إلى التهديد القوى للملاحة الدولية فى مضيق باب المندب، حينما قامت باستهداف ناقلتى نفط سعوديتين فى يوليو من العام الحالي، الأمر الذى دفع السعودية لإيقاف تصدير النفط من خلال مضيق باب المندب، قبل أن تعلن استكمال التصدير لاحقا فى أغسطس من العام الحالي. 

وبالنظر إلى الدور الإيرانى المشبوه فى منطقة القرن الإفريقي، يمكن القول إن إيران حضرت صراحة وبنفسها فى المشهد لا عن طريق أذرع أو وسطاء كما فعلت بالحوثيين واستغلتهم، ومن أجل السيطرة على باب المندب تقاربت طهران مع إريتريا، مستغلة العقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة كوسيلة لذلك التقارب البرجماتى البحت، ولخلق أرضية مشتركة تجسدت فى توقيع اتفاقية تعاون عسكرى فى ٢٠٠٩، أرسلت إيران بمقتضاها شحنات سلاح إلى أسمرة عاصمة إريتريا، وفى وقت من الأوقات كانت إريتريا محطة رئيسية لتهريب السلاح الإيرانى إلى ميليشيات الحوثيين فى اليمن.