الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

كنيسة الست "مريم".. أيقونات تحكي أسرار التاريخ

كنيسة السيدة العذراء
كنيسة السيدة العذراء الدمشيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى شارع البطاركة، بالملك الصالح، تقع كنيسة «السيدة» والتى تعرف بـ«كنيسة السيدة العذراء الدمشيرية» التى تمتلئ بالأيقونات الأثرية، فلكل أيقونة بداخل الكنيسة لها «حكاية» فى تاريخها، فجدرانها تذخر بالحكايات التى عاشت فى فكر وقلب الكنيسة وأبنائها وتوارثوها من جيل إلى جيل.
الكنيسة التى تحمل رقم أثرى ٥٧٧، أنشئت فى القرن السابع الميلادى ضمن مجموعة كنائس دير أبى سيفين، وذلك بعد الطرح الأول لنهر النيل، أى بعد تحرك نهر النيل تجاه الغرب وظهور أرض جديدة، وكان ذلك بعد عام ٦٨٨ حسب ما أثبتته الأبحاث الجيولوجية، والذى أظهر أرض تلك المنطقة بالكامل بعدما كانت تقع فى مجرى نهر النيل، وسميت بكنيسة «الست مريم العذراء» تمييزًا لها عن كنيسة السيدة العذراء المعلقة الموجودة بحصن بابليون، وكنيسة السيدة العذراء بزقاق بنى حصين «قصرية الريحان».
وكانت تطل مباشرة على النيل فى وضعه الجديد، وكان ذلك الموضع يسمى وقت ظهوره «ساحل الشعير»، حيث كثر تخزين محصول الشعير بهذه المنطقة بينما انحصرت باقى المحاصيل، مثل البلح والقصب والتجارات المختلفة فى الساحل المواجه لمنطقة بابليون الدرج - أثر النبى حاليًا ثم تغير إسمها إلى كنيسة الست مريم بحارة البطرك، وبعد ذلك تغير اسمها كنيسة الست مريم بدرب البحر عام ١٦٠٠.
وتأخذ مبانى الكنيسة الطابع البازليكى الذى يتكون من بهو كبير مقسم بالأعمدة إلى خوارس على شكل الصليب المقدس والخورس الأوسط يكون أطول نسبيًا من الخوارس الجانبية، ويقسم صحن الكنيسة ستة أعمدة ثلاثة فى كل صف، وهى مجلوبة من المعابد القديمة الرومانية، وهى رخامية وارتفاعها بارتفاع الدور الواحد للممشى الجانبى، وكان بها رسوم ملائكة وعليها أيقونات للقديسين.
وكنيسة العذراء الدمشيرية كانت تذخر بالعديد من المقتنيات الأثرية التى أثرت التبرع بها لدعم المتحف القبطى وقت إنشائه، ويضم المتحف القبطى بعض المقتنيات التى تعود ملكيتها إلى كنيسة العذراء الدمشيرية مثل المخطوطه رقم ١١٨٠ - ١٧١ مخطوطة: «القراءات الخاصة بأسبوع البسخة المقدسة».
مراحل تاريخية للكنيسة
تعرضت الكنيسة للهدم والترميم عدة مرات خلال تاريخها القديم، فقد أمر الوالى على بن سليمان بن عبدالله بن عباس والى مصر من قبل أمير المؤمنين الخليفة العباسى الهادى ابن عم أبوالعباس عبدالله مؤسس الدولة العباسية بهدم هذه الكنيسة لأن منظرها يؤذى مشاعر الخارجين من الصلاة فى مسجد عمرو القريب، كما يذكر ساويرس ابن المقفع فى كتابه تاريخ البطاركة.
الكنيسة أعيد بناؤها فى عصر الخليفة هارون الرشيد، وجددت على يد الوالى موسى بن نصير، حيث ذكر هذه الكنيسة فى كتاب المقريزي؛ ويروى أن كنيسة الست مريم المجاورة لكنيسة الأنبا شنودة فى مصر قد هدمت عام ٧٨٥م على يد والى مصر على بن سليمان بن عبدالله بن عباس، (من قبل أمير المؤمنين الهادي)، وقد أعيد بناؤها فى عصر الخليفة هارون الرشيد.
وقد صرح الوالى (موسى بن نصير) بتجديد الكنائس التى هدمها الوالى السابق وتم ذلك فى ٧٨٦م - ٨٠٩م، ما يعنى أن هذه الكنيسة كانت قائمة قبل القرن الثامن.
وأعيد ترميم الكنيسة ضمن أعمال الترميم التى قام بها البابا إبرام بن زرعة فى عهد حكم المعز لدين الله الفاطمى بعد معجزة نقل الجبل المقطم والتى أعيد فيها بناء كنيسة أبى سيفين وترميم كنيستى الست مريم والأنبا شنودة 
كما دمرت هذه المجموعة الديرية بكاملها فى الحريق الذى اضرمه شاور بن مجير السعدى فى نهاية الدولة الفاطمية، وأتت على كل الكنائس بالمنطقة ثم أعيد بناؤها فى زمن الدولة الأيوبية بعد انتصار صلاح الدين على الفرنجة. 
ثم أعاد تجديدها الأرخن ميخائيل منقريوس خير الله الذى حصل على اذن قاضى القضاة سنة ١٧٤٩ وهدم مبانيها بالكامل ونظف أرضيتها وحفر أساساتها واعاد بناؤها بتكلفة باهظة بلغت ٥٣٤٤٨ نصف فضة (عملة ذلك الوقت)، وانتهت أعمال البناء سنة ١٧٥٢ أى استغرق البناء نحو ثلاث سنوات فى زمن معاصر للأرخن الكبير إبراهيم وجرجس الجوهرى، وقد كلف هذا الأرخن الكبير فنان عصره يوحنا الأرمنى بتجميل وتزيين هذه الكنيسة.
وفى حوالى عام ١٩٣٠ استطاع كاهن الكنيسة إثناسيوس تادرس بطرس القيام بعدة أعمال ترميم تحت إشراف وزارة المعارف، كانت مصلحة الآثار تابعة لوزارة المعارف، منها توسيع الكنيسة من الناحية الغربية والقبلية. 
وفى حبرية البابا شنودة الثالث وإشراف نيافة الأنبا متاؤوس أول أسقف عام لكنائس مصر القديمة وتبعه فى المسئولية الأنبا يوحنا ثم الأنبا سلوانس الذى حملوا المسئولية بعده، وفى عهد رعوية القمص المتنيح مينا شنودة والقمص يوحنا فؤاد، الذى أمكن الحصول على تصاريح وأذون بترميم الكنيسة على نفقة الكنيسة الكاملة وتحت إشراف وزارة الآثار فأمكن إحياء مبانيها قبيل الانهيار.
سر تسمية الدمشيرية
خلال محاولات ترميم الكنيسة، كان الكهنوت فى ذلك الوقت يورث عائليًا، وقد آل الكهنوت فى ذلك الوقت إلى إحدى الأسر التى تنتسب إلى بلدة دمشير بمحافظة المنيا، أدعى الكاهن أن تلك الكنيسة قد آلت إليه بالميراث شراء من آبائه، وإمعانًا فى حبك قصته المختلقة أزال من عليها اسم السيدة العذراء وأطلق عليها اسم (الدمشيرية) نسبة إلى عائلته.
وقد رفض مغادرة الكنيسة أو حتى السماح لهذا الأرخن بترميم الكنيسة بل أطلق على الكنيسة اسم العذراء الدمشيرية نسبة إلى عائلته، واستمر هذا الأمر سجالًا بينهم سنوات إلى أن بدأت الكنيسة بالانهيار فعليًا، ما اضطر المعلم ميخائيل إلى التفاوض لشراء تلك الكنيسة من ذلك الكاهن، وقد أمكن له ذلك بعد عناء طويل، وبعدها بدأ استخراج ترخيص الهدم والبناء.
أيقونة السيدة العذراء 
وهى من أروع ما رسمه الفنان القبطى المصرى فى هذه الكنيسة، وقد أصبحت شعارًا لها لتميزها وانفرادها دون غيرها من الأيقونات فقد رسمها مرتدية وشاحًا أزرق اللون فخمًا ممن كن يرتدينه ملكات ذلك الوقت مرصعًا بأوراق الزهور الصفراء الذهبية.
ويغطى رأسها فيزيدها وقارًا وينسدل شعرها الأسود على كتفها الأيسر، وترتدى هى وابنها الطفل يسوع المسيح ثوبًا أحمر، وتنطق ملامحها بالبراءة الطفولية، ويفتر فمها الرقيق عن ابتسامة رقيقة تزيد وجهها إشراقًا، بينما يضع ملاكان منطلقان من السحاب تاجًا ملكيًا على رأسها، وتشير إلى ابنها بيدها اليمنى بإصبع السبابة. 
وبينما تحمل ابنها على يدها اليسرى حافى القدمين، وهو يرفع يده اليمنى بعلامة البركة، ويمسك الكرة الأرضية بيده اليسرى وملامحه الطفولية تفيض بشرًا وفرحًا، وخلفية الأيقونة باللياقة الذهبية وغير معروف اسم الفنان المنفذ لها. والأيقونة تفيض بالحيوية والفرح.
أيقونات أثرية بالكنيسة
الملاك رافائيل
ورُسم فيها واقفًا بكل ثبات كرئيس جند للرب، لابسًا رداء كهنوتيًا ذهبى اللون عبارة عن ثوب أزرق سماوى لامع يعلوه تونية بلون أبيض برتقالى ويتدلى بطرشيل أبيض مزين برسوم الصليب محيط بجسمه وينسدل شعرة مسترسلًا إلى كتفيه وهالة من النور المقدس تحيط برأسه وقد نشر جناحيه علامة استعداده الدائم لتنفيذ مشيئة الله، ويمسك بيده اليمنى صليبًا طويلًا ذهبى، بينما يمسك بيده اليسرى ميدالية فيها رسم نصفى للمسيح ومكتوب باللغة القبطية رئيس الملائكة روفائيل والأيقونة تعانى من آثار الزمن والتقادم، وتحتاج الترميم. 
العذراء الزرقاء
أيقونة للسيدة العذراء ترتدى ثوبًا أزرق سماويًا يعلوه وشاح أحمر يغطى رأسها وتحمل ابنها الإلهى الحبيب وتحتضنه بيدها اليسرى، بينما تشير إليه بيدها اليمنى، وابنها يسوع يرتدى ثوبًا أبيض مرصعًا بالزهور وعليه رداء ذهبى ويشير بيده اليمنى بعلامة البركة ويمسك بيده اليسرى قرطاسًا ملفوفًا ويكلل وجهيهما هالة من النور المقدس وخلفية الأيقونة باللون السماوى الفاتح والأيقونة يغلب عليها خطوط الفنان يوحنا الأرمنى والأيقونة تعانى من آثار الزمن والتقادم، وتحتاج الترميم. 
العذراء السمراء 
أيقونة رائعة للسيدة العذراء ذات بشرة سمراء، وهى مرتدية رداء أزرق اللون يعلوه وشاح أحمر محلاة أطرافه بإشغال القصب الذهبى الملكى موشى بنجمة عند كلتا الكتفين ومعقود عند الصدر بزر، وهى تسند ظهر الطفل يسوع بيدها اليسرى وتحمى رجليه العاريتين بيدها اليمنى ويرتدى ابنها يسوع ثوبا أحمر وتنطق ملامحها بالبراءة الطفولية، ويفتر فمها الرقيق عن ابتسامة رقيقة. 
العذراء الآسيوية 
أيقونة فريدة تمثل السيدة العذراء وابنها يسوع المسيح بملامح آسيوية وهو ما لا يتكرر فى الأيقونات المشابهة فى كل الكنائس الأثرية بمصر القديمة، حيث نرى السيدة العذراء بوضع جانبى، وهى ترتدى ثوبًا برتقاليًا لامعًا من نوع البولقلمون الفاخر وتضع رداء سماويًا يغطى قدميها، بينما تتشح بوشاح أبيض ناصع يغطى رأسها، بينما يظهر شعرها منسدلًا إلى كتفيها، وهى تضع ابنها الطفل يسوع على منكبيها. 
عارى القدمين وهو يرتدى ثوبًا ناصع البياض، وترفع ببيدها اليسرى زهرة لتشمها، بينما الطفل جالسًا مستسلمًا لأمه وخلفية الأيقونة باللون الأزرق السماوى ومكتوب عوض يارب من له تعب والفنان غير معروف.
العذراء على كرسى الملك 
أيقونة رائعة أخرى تمثل السيدة العذراء تجلس على كرسى الملك المزين بالزخارف، وهى ترتدى ثوبًا أحمر وعليه وشاح أسود مرصع برسوم أوراق الشجر الذهبية، وتحتضن الطفل يسوع بيدها اليسرى، وتشير إليه بيدها اليمنى والسيد المسيح جالسًا على قدمها اليسرى يرتدى ثوبًا أبيض وعليه رداء أحمر، وينظر إليها نظرة طفولية رائعة تنطق بالبراءة رافعًا يده اليمنى.
القديس العظيم مارجرجس 
وتحكى قصة معجزة الغلام الساقى ونرى القديس مارجرجس يمتطى صهوة حصان مطهمًا أبيض متحفزًا للقتال بكل ثبات وشجاعة وهالة من النور المقدس تنير رأسه، أما هو فيرتدى ثياب الحرب الملكية كاملة يعلوها وشاح أحمر مرصع بالنجوم.
رئيس الملائكة ميخائيل 
أيقونة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل وهو يمسك بيده اليسرى ميزان القبانى وينتهى بصليب وبيده اليمنى يمسك صليبًا طويلًا، وعند قدمه اليمنى يركع شخص مكتوب فوقه دورثاؤس وعند قدمه اليسرى تركع زوجته ثاؤبستى وقد ضمت يدًا إلى صدرها على شكل الصليب ومكتوب عند قدميه اذكر يا رب عبدك المهتم - برسم العذرى بالدمشيرية، وهى إحدى عجائب رئيس الملائكة ميخائيل حيث تروى الأيقونة قصة المعجزة. 
العذراء الأم
أيقونة رائعة للسيدة العذراء وهى تحمل الطفل يسوع على يدها اليسرى مرتديًا ثوبًا أبيض نقيًا ورداء أصفر ذهبيًا ورافعًا إصبع السبابة اليمين (ضابط الكل)، وفى يده اليمنى يمسك قرطاسًا ملفوفًا ومكتوبًا خلفية بالقبطية ما ترجمته يسوع المسيح.