الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهيل سعود يكتب: لا تستسلم للفشل.. لأن فيه سر النجاح

القس سهيل سعود
القس سهيل سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أكثر العوائق التى تقف فى وجه نمو وتطور الأفراد والكنائس والمجتمعات، الاستسلام للفشل. فعدد كبير من الناس خسروا الكثير من الفرص المُتاحة أمامهم مع أنهم كانوا على عتبة النجاح بسبب استسلامهم للفشل. لكننا نسأل: ما الفشل؟ الفشل هو الإخفاق وعدم إتمام خدمةٍ ما، أو مهمة ما أو مشروع ما. إلاَّ أن الأمر الخطير هو ليس فى الإخفاق بحد ذاته، لكن فى نتائج هذا الإخفاق على حياة الإنسان على الصعيد الروحى والنفسى والفكرى والاجتماعي، إذا استسلم للفشل.
يقول الرسول بولس لتيموثاوس: «لأنَّ الله لَمْ يُعْطنا روح الفشَل، بل روح القوة والمحبة والنُّصح» (٢ تيموثاوس١: ٧). الكلمة العربية المترجمة «فشل» لها عدَّة معانٍ فى اللغة اليونانية الأصلية «Dilia»، فهى تعنى «الخوف، الجبن، الخجل» الذى ينجم عن الفشل وما يرافقه من مشاعر شلل روحى يتمثَّل فى فقدان الثقة بالله، ونفسى يتمثل فى اليأس والإحباط، وفكرى يتمثل فى فقدان القدرة على التفكير السليم لاتخاذ القرار الصحيح.
قد عرَّف أحدهم كلمة «Dilia» بأنها حالة مُخزية من الخوف والاضطراب الناجم عن فقدان الشجاعة، هذه الحالة المخزية تشبه إلى حدٍّ كبير الحالة المخزية التى مرَّ بها التلاميذ أثناء هبوب ريح عاصفة عليهم عندما كانوا فى السفينة وسط البحر (مرقس ٤: ٣٥-٤١). فبينما كان المسيح نائمًا على وسادة فى السفينة، هبَّت ريح عاصفة وضربت أمواج كبيرة السفينة فصارت تمتلئ، وأصبحت على شفير الغرق، عندها ساد التلاميذ مشاعر الـ«Dilia» فشعروا بفقدان الثقة بالله، وبالذُّعر والخوف الشديد والاضطراب والجبن وغياب الشجاعة. 
فماذا قصد بولس بقوله لتلميذه تيموثاوس: «لأنَّ الله لَمْ يُعْطنا روح الفشَل، بل روح القوة والمحبة والنُّصح» (٢ تيموثاوس ١: ٧). حتى نفهم قصده؟ لا بد أن نتوقف عند الظروف الدقيقة التى كان يمر فيها تيموثاوس. بعد أن خدم بأمانة إلى جانب بولس فى رحلاته التبشيرية. فقد سلمه بولس مسئولية خدمة كنيسة أفسس وهو لا يزال شابًا فتيًا خجولًا يحتاج إلى خبرة أكبر فى القيادة. هذا الأمر تمَّ فى مرحلة دقيقة، فبولس كان يقبع فى السجن محكومًا عليه بالموت. والاضطهاد قد بدأ يشتدّ على كنيسة المسيح. وبالتالي، كل هذه الضغوطات الاجتماعية والسياسية والنفسية والفكرية أثرت فلى تيموثاوس الشاب، ممّا أدى إلى تسلُّل مشاعر الفشَل والإحباط إليه. 
نصح بولس تلميذه تيموثاوس، بنصيحة عدم الاستسلام للفشل؛ لأن الاستسلام للفشل ليس من الله. قال الرسول بطرس لأعضاء الكنيسة، «فقدرته الإلهية وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى» (٢ بطرس ١: ٣). وليس ما هو للفشل كما يقول الرسول بطرس. فعندما نستسلم للفشل؛ فإننا ننشغل فى ذواتنا ونركز أنظارنا على مشاعرنا ومخاوفنا وإحباطاتنا ونندب حظنا، وننسى أن الله ينتظرنا لكى يهدئ اضطرابنا وخوفنا ويخرجنا من فشلنا. فلا أحد منا لم يفشل مرَّة فى مرحلة ما من حياته، إلاَّ أنّ الفشل الحقيقى هو فى عدم محاولة الخروج من الفشل، والبقاء أسرى لمخاوفنا وإحباطاتنا التى يحاول الفشل فرضها علينا. قال أحدهم: «إن شكوك ومخاوف الإنسان هى ألدّ أعدائه». أما «أبراهام لينكولن» محرِّر العبيد؛ فقد قال: «لا أهتم كثيرًا عندما تفشل، لكن خوفى الكبير عليك هو استسلامك وخضوعك لفشلك». هناك عدد كبير من الناس لا يعرفون كيف يتغلبون على فشلهم، ولا يعرفون كيف يتعلمون من فشلهم. هناك درسان أساسيان نتعلمهما من الفشل: الأول، عندما نفشل؛ فإننا نكتشف العوائق والضعف والأخطاء التى وقعنا فيها وأدَّت إلى فشلنا. والثاني، عندما نفشل؛ فإن فشلنا يمنحنا فرصًا جديدة لنجرّب طرقًا وأساليب جديدة للنجاح. 
يبيِّن تاريخ الأشخاص الذين حققوا نجاحات كبيرة فى حياتهم أنهم مروا بمراحل متعددة من الفشل. فالمُخترع «توماس أديسون»، فشل آلاف المرات، قبل أن يكمل اختراعه للمصباح الكهربائي. ولاعب كرة السلة المعاصر «مايكل جوردن» أخبرنا عن تاريخه من الفشل المُتكرر قبل وصوله إلى النجومية فى كرة السلة، فقال: «لقد أخطأت ٩٠٠٠ هدف، وخسرت ٣٠٠ مباراة، و٢٩ مرة اعتُمِدَ عليَّ لأُسجل الهدف النهائى فى المباراة فلم أنجح. لقد فشلت مرارًا كثيرة فى الحياة، ولم أستسلم، لهذا نجحت».