الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فلاسفة مسلمون.. "أبو حامد الغزالي" "5 - 30"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لولا إعوجاج القوس لما رمى" تلك هي العبارة التي عبَّر بها الفيلسوف الإسلامي "أبو حامد الغزالي" عن رؤيته الأخلاقية لما يسمّى في الفلسفة بمعضلة الشر الطبيعي، مشيرًا إلى أن الشر والخير كوجهي العملة اللذين لا يمكن أن ينفصما، وهو في نظرته تلك إنما يعد امتدادًا لنظرة الفكر الصيني القديم لتلك المسألة، ذلك الذي رأى أن "اليانج"، أو قوى الوجود الموجبة، و"الين"، أو قوى الوجود السالبة، هما في تواشج لا يمكن أن ينحل، ودون ذلك التواشج ليس ثمة وجود.
ولد الغزالي بمدينة طوس في عام 450 الموافق 1058 ميلادية، توفي والده وهو صغير، فعاش يتيمًا تحت رعاية أخيه الأكبر، وكان أبوه قد لاحظ عليه الفطنة والذكاء قبل وفاته، فأوصى قبل رحيله أن يرعاه ويتكفله في التعليم صديقًا لوالده، وكان صوفي المذهب، فتلقى أبو حامد تعاليم الإسلام بين يديه حتى بدأ يتشرب النزعة الصوفية تدريجيًا، ولما كبر، وأصبح يعتمد على نفسه، سافر إلى نيسابور ليتلقى تعاليمه على يد إمام الحرمين أبو المعالي الجويني حتى بات من أشهر تلامذته، وبدأ يناظر العلماء وهو لا زال شابًا، فابتهج بذلك شيخه أبو المعالي، وشجَّعه على مواصلة تعليمه.
بعد وفاة الإمام الجويني في عام 478 الهجري، سافر الغزالي إلى بغداد، وبحكم قربه من نظام الملك الوزير حينئذٍ، فقد ابتدأ الغزالي بالتدريس في المدارس النظامية ببغداد، كان يدرِّس الفقه وأصوله وسائر تعاليم الشريعة الإسلامية، وظلَّ في التدريس مدّة أربعة سنوات، حتى اشتهر بين الناس وصار مقصدًا لطلاب العلم من شتى البلاد الإسلامية، وقال الإمام أبو بكر بن العربي: "رأيت الغزالي ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم".
بعد تلك المدّة عكف الإمام الغزالي على دراسة وقراءة كتب التصوف، وصحب الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي، ذلك الذي كان مقصدًا للصوفية آنذاك في نيسابور، ما أثَّر به وأدّى لاحقًا إلى انعزاله عن الآخرين والاتجاه إلى التصوف والخوض في مرحلة جديدة في حياته، فقد رحل عن بغداد سرًا تاركًا وراءه كل المناصب والجاه الذي حصل له، وكان ذلك في عام 488 الهجري، ذاهبًا في رحلة مدّتها 11 سنة قضاها بين القدس، والخليل، ودمشق، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة، أنجز خلالها كتابه المعروف "إحياء علوم الدين" كخلاصة لتجربته.
من أبرز مؤلفات الغزالي "الاقتصاد في الاعتقاد"، و"بغية المريد في مسائل التوحيد"، و"إلجام العوام عن علم الكلام"، و"المقصد الأسنى"، و"شرح أسماء الله الحسنى"، و"تهافت الفلاسفة"، و"ميزان العمل"، و"إحياء علوم الدين"، وقد توفي الغزالي في 49 ديسمبر عام 1111.