السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

يوم الأرض.. أبرز قصائد في تاريخ المقاومة الفلسطينية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثيرًا ما شهد مسرح الفن ذلك الصراع الشهير بين أولئك الذين يرون أن الفن عليه أن يتنكَّر للقيم الأخلاقية، والأهداف الأيديولوچية، ليظل وفيًّا للمتعة الفنيّة وحدها، وهؤلاء الذين يرون أن الفن دون التزام أخلاقي يتحوَّل إلى لغو.
شعراء المقاومة الفلسطينية، اللذين ندَّدوا، وجابهوا، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كانوا بلا شك أحد أفراد الخندق الثاني، الذى يرى في الفن وسيلة للمطالبة بالحقوق السياسية، والأخلاقيّة، المُغتصبة.
ليست تظاهرات ومسيرات "يوم الأرض"، التي ينظِّمها الفلسطينيون، بدايةً من اليوم، وعلى مدى ستة أسابيع، مطالبةً بعودة اللاجئين لبلدانهم التي هجروا منها قبل سبعين عامًا، هي الأولى من نوعها، وإنما جرت تلك المطالبات على ألسنة شعراء المقاومة، وفي قصائدهم، على مدى عقود عدّة مضت.
وصف شعراء المقاومة ليس وصفًا جديدًا من نوعه، وإنما هو وصف أطلق على مجموعة من الشعراء الفلسطينيين، وقد راج وانتشر بعد هزيمة 1967. 
من أشهر الأسماء في تلك المرحلة توفيق زياد، ومحمود درويش، وسميح القاسم. ومن أشهر القصائد التي حظت بصدى كبير في ذلك الحين "هنا باقون" لتوفيق زياد، و"سجِّل أنا عربي" لمحمود درويش، و"خطاب في سوق البطالة يا عدو الشمس" لسميح القاسم، و"المعركة" لمعين بسيسو، وفي ظل استعدادات الفلسطينيين ليوم الأرض.
فيما يلي ننشر تلك القصائد التي تعد الأبرز في تاريخ شعر المقاومة الفلسطينية.
"هنا باقون"
كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
هنا على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا على صدوركم باقون كالجدار
نجوع؛ نعرى؛ نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال جيلا ثائرا وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا.. ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل؛ لا نبخل؛ لا نبخل
هنا لنا ماض وحاضر ومستقبل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
يا جذرنا الحي تشبث
واضربي في القاع يا أصول
أفضل أن يراجع المضطهد الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل رد فعل: إقرأوا
ما جاء في الكتاب
"سجل، أنا عربي"
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانية
وتاسعهُم سيأتي بعدَ صيفْ
فهلْ تغضبْ؟
سجّلْ
أنا عربي
وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،
والأثوابَ والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ
ولا أصغرْ
أمامَ بلاطِ أعتابكْ
فهل تغضب؟
سجل
أنا عربي
أنا اسم بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
يعيشُ بفورةِ الغضبِ
جذوري
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي من أسرةِ المحراثِ
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحًا
بلا حسبٍ ولا نسبِ
يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ
منَ الأعوادِ والقصبِ
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا اسم بلا لقبِ
سجل
أنا عربي
ولونُ الشعر فحميٌّ
ولونُ العينِ بنيٌّ
وميزاتي:
على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه
وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
تخمشُ من يلامسَها
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
فهل تغضبْ؟
سجِّل
أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضًا كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ
فهل ستأخذُها
حكومتكمْ كما قيلا؟
إذن
سجّل برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ، حذارِ من جوعي
ومن غضبي
"خطاب في سوق البطالة يا عدو الشمس"
ربما أفقد –ما شئت- معاشي
ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي
ربما أعمل حجارًا، وعتالًا، وكناس شوارع
ربما أبحث، في روث المواشي، عن حبوب
ربما أخمد عريانا، وجائع
يا عدو الشمس لكن لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم
ربما تسلبني آخر شبر من ترابي
ربما تطعم للسجن شبابي
ربما تسطو على ميراث جدي
من أثاث وأوان وخواب
ربما تحرق أشعاري وكتبي
ربما تطعم لحمي للكلاب
ربما تبقى على قريتنا كابوس رعب
يا عدو الشمس لكن لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم
ربما تطفئ في ليلي شعلة
ربما أحرم من أمي قبلة
ربما يشتم شعبي، وأبي، طفل، وطفلة
ربما تغنم من ناطور أحلامي غفلة
ربما زيف تاريخي جبان، وخرافي مؤله
ربما تحرم أطفالي يوم العيد بدله
ربما تخدع أصحابي بوجه مستعار
ربما ترفع من حولي جدارًا وجدارًا وجدار
ربما تصلب أيامي على رؤيا مذلة
يا عدو الشمس لكن لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم
يا عدو الشمس
في الميناء زينات، وتلويح بشائر
وزغاريد، وبهجة
وهتافات، وضجة
والأناشيد الحماسية وهج في الحناجر
وعلى الأفق شراع
يتحدى الريح واللّجّ ويجتاز المخاطر
إنها عودة يوليسيّز من بحر الضياع
عودة الشمس، وإنساني المهاجر
ولعينيها، وعينيه: يمينًا، لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي
سأقاوم
سأقاوم
سأقاوم
"المعركة"
أنا إن سقطْتُ فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاحْ
واحمل سلاحي لا يخفكَ دمي يسـيل مـن السلاحْ
وانظر إلى شفتيّ أطبقتـا عـلى هـوج الريـاحْ
وانظر إلى عينيَّ أغمضتا عـلى نـور الصـبـاحْ
أنا لم أمت! أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراحْ
فاحملْ سلاحك يا رفيقـي واتجه نحـو القتـالْ
واقـرع طبـولك يستجـبْ لك كلّ شعبك للقتـالْ
وارعدْ بصوتك يا عبيـدَ الأرض هـبّوا للنضـالْ
يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد المـوت زالْ
ولتحملوا البركان تقذفه لنا حُمـر الجـبـالْ
هذا هو اليوم الذي قد حددته لنا الـحـيـاهْ
للثورة الكبرى على الغيلان أعداء الحـيـاهْ
فإذا سقطنا يا رفيقي فـي جحـيـم الـمعـركهْ
فانظر تجدْ علمًا يرفرف فـوق نـار الـمعـركهْ
ما زال يحمله رفـاقك يـا رفـيـق الـمعـركة