رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الرئيس ورجال الأعمال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل يحب رجال الأعمال الرئيس السيسى؟ هذا السؤال يلح على خاطرى كلما استمعت للرئيس وهو يتحدث عن الدور المنوط بهم تجاه المجتمع، خاصة فى هذا التوقيت الحرج الذى تمر به مصر، وطالما انشغلت بالتركيز فى وجوه بعضهم وهم يستمعون للرئيس فى لقاء يجمعهم به، ثم أتساءل: هل هم مرتاحون لما يقول؟ وهل يوافقونه الرأى فى المسئولية المجتمعية لرأس المال؟ وهل وجدوا ضالتهم فى هذا الرجل الذى خلصهم من تآمر خيرت الشاطر وحسن مالك على مصانعهم وشركاتهم؟ وسرعان ما تستدعى ذاكرتى تلك المقارنة بين علاقة رجال الأعمال بنظام الرئيس الأسبق مبارك والنظام الحالي، هل عصر مبارك كان الأزهى بالنسبة لهم؟ ولماذا يبكيه بعضهم حتى الآن؟ هل لأنهم حققوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة فى عهده؟ أم لأنه لم يكن يطالبهم بدور تجاه المجتمع؟ تتوارى تساؤلاتى بسبب تلاحق الأحداث، ثم تعود لتتصدر أولوياتى حينما تنعش ذاكرتى مناسبة ما، وها هى مدينة العلمين الجديدة التى افتتحها الرئيس الخميس الماضى مع مشروعات أخرى، لتكون المناسبة التى يجدد فيها السيسى الحديث عن دور أكثر إيجابية يتمناه من رجال الأعمال، فعاد السؤال الملح: هل يحب رجال الأعمال الرئيس؟
الجزم بأن كل رجال الأعمال لا يحبون الرئيس أو يحبونه ينأى بنا عن المنطق، لكن الجزم بأن كثيرًا منهم لا يحبونه هو الأقرب للمنطق، لماذا؟ لأنه طالبهم بدور تجاه المجتمع فى ظل ظروف استثنائية تمر بها مصر، وهو نوع من رد الجميل للوطن الذى أعطاهم الكثير، وهنا يصعب الفصل بين السيسى ومصر، لأن مطلبه ليس شخصيًا، هو يطلب لمصر، لأنه مهموم بمواطن يعانى بسبب إصلاحات اقتصادية، ودولة يعاد بناؤها فى الوقت نفسه الذى تحارب فيه الإرهاب. ولأن كثيرًا من رجال الأعمال حققوا ثرواتهم فى عصر مبارك بطرق ملتوية، ولأنهم لم يكونوا مطالبين بدور تجاه المجتمع، ولأن السيسى طالبهم بهذا الدور أكثر من مرة.. فكان من الطبيعى أن يستمروا فى التباكى على مبارك وكراهية السيسي.
أثناء أحداث يناير وانتشار الفوضى.. طلب منى أحد رجال الأعمال عدم عرض المشاهد التى تبرز الفقر فى المناطق العشوائية على الشاشة، حتى لا يزداد احتقان الفقراء وتمتد أياديهم إلى أصحاب الثروات، هذا الرجل يسكن فى قصره المجاور لمنطقة شعبية، وكان يخشى من اقتحام الفقراء للقصر، وأتذكر أنه لجأ إلى صاحب القناة ليمنعنى من عرض مثل هذه المشاهد، وغيره لجأ إلى تهريب أمواله إلى الخارج، حالة من الرعب انتابت رجال الأعمال أثناء أحداث يناير، ثم جاء من يحمى ثرواتهم ويهيئ لهم المناخ الذى يعملون فيه، بعد أن أعاد الأمن واستعادت مؤسسات الدولة عافيتها، ألا يستوجب ذلك مد أياديهم للدولة التى تحارب الإرهاب لتحمى استثماراتهم؟ 
كثير من رجال الأعمال تنفسوا الصعداء بعد أحداث يناير، ثم جاء الإخوان ليبتزوا بعضهم، ويقبلوا رشوة البعض الآخر، وعندما زادت أطماع قيادات الجماعة فى ثرواتهم، وبدأت المساومات على التنازل عن بعض ممتلكاتهم، وجد رجال الأعمال ضالتهم فى السيسي، معتقدين أنه امتداد لنظام مبارك، لكنهم اكتشفوا أنهم أمام رجل مختلف، حلمه لشعبه، وانحيازه للفقير، لن يخضع لكلمة نفاق، ولن تثنيه فهلوة البعض عن تطبيق القانون على الجميع، أما الفساد الذى كان طريق بعضهم للثراء.. فأصبحت مكافحته هى الشغل الشاغل له.
بعض رجال الأعمال يتحدثون عن الوطنية وهم الأبعد عنها، وبعضهم ينفق على مجونه ومتعته فى الليلة الواحدة ما يكفى لإنشاء مشروع لعشرات الشباب، وبعضهم يبغض الفقراء ويكره النظر إليهم، وكثير منهم يوجعه اهتمام السيسى بهم، فى أثناء افتتاحه لمدينة العلمين الجديدة.. طالب الرئيس بضرورة التأمين على العمالة المؤقتة، وأنا على يقين أن ما طالب به الرئيس يؤرق الكثير من رجال الأعمال، وهناك نماذج صارخة من العمال الذين يعملون لسنوات طويلة طالما كان التهديد بالفصل هو السلاح المستخدم لإسكاتهم، لذلك أتمنى أن تقوم مكاتب العمل بزيارات مفاجئة للشركات والمصانع لإجبار رجال الأعمال على دفع التأمينات الخاصة بالموظفين حتى يشعروا بالأمان.
لا بد أن يدرك رجال الأعمال أن الوضع تغير، وأن عليهم مسئولية كبيرة تجاه المجتمع، وأن الرئيس يسعى إلى تحقيق السلام الاجتماعي، لحماية الاثنين.. الفقير ورجل الأعمال.