السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عمارات الموت.. "مباني مصر" آيلة للسقوط.. 90 % من الثروة العقارية مخالفة للبناء.. و50% تفتقد لأعمال الصيانة والترميم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انهيار العقارات.. أزمة مزمنة تلاحق الثروة العقارية فى مصر من أقصاها إلى أقصاها، تكررت خلال السنوات الماضية بشكل مخيف، وأصبحت سمة عصر تداخل فيه كل شيء، حتى تاريخ المصريين المشهود فى فن العمارة انطوت صفحاته، لتحل محلها هذه المبانى التى قلما يتعدى عمرها عدد أصابع اليد الواحدة، لتسقط على رأس قاطنيها، دون سابق إنذار. الواقع الحالى يؤكد أن هناك أزمة حقيقية تعانيها ثروة مصر العقارية، فحسب إحصائيات رسمية، فإن حجم المبانى الآيلة للسقوط يقترب من 12 % من مبانى مصر ويبقى غياب القانون وتساهل بعض موظفى المحليات أزمة تضع مصر على المحك أمام قنبلة قابلة للانفجار فى أى لحظة. 
خلال الأشهر الماضية ضجت وسائل الإعلام بتفاصيل انهيار عقارات فى مدن مصر المختلفة.. وأرجع جهاز التفتيش الفنى بوزارة الإسكان أسباب تلك الانهيارات إلى وجود كم ليس بقليل من المبانى غير المرخصة التى تسترت وراء شبكة من مافيا أجهزة المحليات بالمحافظات.
اختلف الخبراء فى تقدير حجم المبانى الآيلة للسقوط، ولكنّ تقريرا لوزارة الإسكان يؤكد أنها تقترب من الـ ١٠٠ ألف مبنى، بينما قدرها خبراء بنحو ١٢٪ من حجم المبانى فى مصر.
من جانبه أكد المهندس عبدالمنعم صالح رئيس جهاز التفتيش الفنى السابق على أعمال البناء بوزارة الإسكان، أن هناك نوعين من الانهيارات تتعرض لها المبانى فى مصر، الأول انهيار المبانى القديمة والثانى انهيار المبانى الجديدة، ولكل نوع سبب خاص، متابعًا أن سبب انهيار النوع الأول قِدم المبانى وعدم وجود ترميم أو صيانة أو تدعيم أو إصلاحات لها من أى نوع، والتى من شأنها أن تجعل المبنى صالحًا للاستخدام، وأبرز الأمثلة على ذلك بعض الانهيارات فى محافظتى الإسكندرية والقاهرة.
ويضيف، أن النوع الثانى من الانهيارات ترجع أسبابه إلى عدم مطابقته للمواصفات التى صدرت على أساسها رخصة البناء، وإضافة طوابق غير مصرح بها فى الرخصة «أدوار دون تراخيص»، وهذه تسبب زيادة فى الأحمال سواء الأعمدة الحوامل أو الأساسات، مما يسبب انهيارات.
وتابع صالح، أن هناك سببًا آخر للانهيارات غالبًا ما يكون «مُجَهل»، ذلك أن يتم الحفر بجوار العقار لبدء بناء عقار آخر، ومن ثم يقوم بسحب للمياه الجوفية كالعادة، وهذا يتسبب فى سحب بعض طبقات وحبيبات التربة من العقار المقابل له، مما يحدث ما يمكن وصفه بـ «الخلخلة»، وعليه يحدث انهيار للمبنى حتى ولو كان سليمًا كليةً، ويسمى علميًا «فرق هبوط»، وأبرز الأمثلة الدالة على ذلك «عمارة فى شارع فيصل وعمارة الإسكندرية المائلة». 
كما أن تراخيص البناء غالبًا ما يتم تجاهلها تمامًا، ولا تحدث متابعة من جانب الأجهزة المحلية بالمحافظات، مما يشى بوجود تساهل من جانبها، وهذا غالبًا ما يستغله بعض أصحاب العقارات لبناء طوابق إضافية، وأبرز الأمثلة على ذلك «عمارة الإسكندرية المائلة» التى كانت رخصتها لدور واحد وأرضي، إلا أن صاحبها أضاف ١٢ طابقًا أخرى، بحسب رئيس الجهاز السابق.
علاوة على ذلك، فإن بعض المناطق فى مصر تحتاج لأساسات من نوع خاص، سواء بإضافة خوازيق أو غيره، وهى التى تكون نوعيات التربة فيها إما «ردم» أو لينة خاصة فى مدن الإسكندرية وبورسعيد، ولكن هذا لا يحدث من قبل أصحاب العقارات.
ويعيب رئيس الجهاز السابق، على أجهزة المحليات تحديدًا عدم وجود تنسيق بينها ووزارات الكهرباء والبترول وغيرها، ذلك أنه يتم توصيل المرافق إلى هذه المبانى والعقارات رغم كونها «مخالفة»، وعلى ذلك يجب مساءلة الأجهزة المحلية وإدارات المرافق حول الطريقة التى يتعاملون بها.
ويشير صالح إلى تغييب القانون بشكل كامل، رغم وجود عقوبات كثيرة بحق المخالفين، مشيرا إلى أنه بحسب القانون ١١٩ لعام ٢٠٠٨، نصت المادة ١٠٢ منه أن عقوبة البناء دون ترخيص «الحبس لمدة ٢٤ ساعة وحتى ٥ أعوام، وغرامة لا تقل عن مثل قيمة الأعمال المخالفة، ولا تجاوز ٣ أمثال قيمة الأعمال».
ولفت إلى أن عدد المبانى التى حصلت على تراخيص ولكنها «مخالفة» وصل إلى ٦٠٠ ألف عقار، منها على الأقل ٢٠٠ ألف عقار آيلة للسقوط ويجب هدمها لأنها خطر على قاطنيها. 
من جانبه يقول الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفنى الأسبق على أعمال البناء بوزارة الإسكان، إن الجهاز أجرى حصرًا خلال سنوات ما بعد الثورة حول المبانى غير المرخصة، وبلغ عددها ٣١٨ ألف عقار غير مرخصة، منها ٧٦ ألف عقار صدر بحقها إجراءات ترميم وصيانة.
ويُقدر علام حجم العقارات المخالفة بأكثر من ٣٠٠ مليار جنيه منذ ثورة ٢٥ يناير، مشيرًا إلى أن ما تم رصده من مخالفات فى المبانى بالقاهرة والإسكندرية وفى المدن الكبرى بالمحافظات وصل إلى قرابة نصف مليون مخالفة، بينما ما لم يتم الحصر فى الريف لأنه خارج عن السيطرة؛ كما أن مصر خسرت خلال هذه السنوات نحو ٣٠٠ ألف فدان من الأراضى الزراعية بسبب التعديات والبناء المخالف.
ويضيف قائلًا: «هناك تغييب للهندسة المعمارية والإنشائية بشكل كامل.. حتى لما نقوم بتنفيذ لوحات إنشائية لأصحاب العقارات يتم ركنها وإقامة إنشاءات على المزاج.. بأى حال هكذا لا تنهار العقارات».
ويوضح علام، أنه يجب على الدولة وأجهزتها إنشاء ما يُعرف بـ «النظام المقفول» حتى تُجبر المواطن على اتباع التعليمات الهندسية الإنشائية، مشيرًا إلى أن وجود أزمات ضخمة فى العقارات، وبخاصة فيما يتعلق بوجود رؤية واستراتيجية لمنع وجود خروقات العقارات.
مطالبا بضرورة منع البناء المخالف تماما وهدم أى مبنى دون رخصة وعدم التسامح معه، لأنه كارثة مؤقتة.
ويقول، إن قانون التصالح مع المبانى المخالفة الذى تتم مناقشته الآن داخل أروقة مجلس النواب، مشكلة كبرى، ذلك لأنه سيُسهل لهؤلاء الذين سلبوا حقوق المواطنين فى الحصول على مسكن كريم، علاوة على أنه سيُشجع غيرهم على البناء المخالف بحجة وجود تشريع قانوني.