السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الوطن.. من بعيد".. مهرجان القاهرة الأدبي يروي حكايات الاغتراب واللجوء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تأتى الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة الأدبى الدولى هذا العام، والتى تستمر على مدار خمسة أيام فى الفترة من 17 إلى 22 من فبراير الجارى، لتتفاعل مع الأحداث التى تمر بها المنطقة تحديدًا والكثير من بقاع العالم بشكل عام، فجاء شعار الدورة الجديدة «الوطن.. من بعيد»، ليُلقى الضوء على حالة الاغتراب التى يعيشها الكثير من المبدعين.

ارتحل هؤلاء المبدعون بعيدًا عن أوطانهم هربًا من الحرب أو الاضطهاد أو بحثًا عن حياة أفضل، منهم من نشأ فى بلاد بعيدة غريبة، لكنه لم ينس وطنه الأصلى يومًا، ومنهم كذلك من اضطرته الظروف ليخرج حاملًا مفتاح بيته القديم بجوار الأمل الذى لا يموت فى العودة مرة أخرى، جميعهم جاء مُلبيًا الدعوة للحديث عن الوطن المفقود، رغبة فى البوح بمشاعره تجاه حياة اللجوء والاغتراب التى فرضتها عليه الحياة، فيما يجتمع حولهم جمهور آخر من المبدعين المصريين العرب والأجانب رغبة فى التعرف على تجارب شديدة الإنسانية والخصوصية فى الوقت نفسه.

المهرجان الذى تُقيمه بانتظام مؤسسة «صفصافة» للنشر، يُقام على أرض القاهرة الآمنة برعاية وزارة الثقافة المصرية، وبمشاركة كلية الألسن، والعديد من الكيانات الثقافية الدولية فى مصر.

 

محمد البعلي مدير المهرجان: نناقش قضايا الهجرة واللجوء ومغادرة الأوطان

قال الناشر محمد البعلى، مؤسس ومدير مهرجان القاهرة الأدبى، إن الدورة الرابعة للمهرجان تحاول التفاعل مع قضية شديدة التأثير حول العالم وهى قضية الهجرة واللجوء ومغادرة الأوطان «وهى الحالة التى تنعكس على الكتابات الأدبية والشعرية المنتشرة جدًا، هنا نتحاور على مدار خمسة أيام حول مدى انتشار هذه الظاهرة بشكل عام، وكذلك أبعادها الاجتماعية والسياسية ومدى انعكاسها على المجال الأدبي، وبالتالى نحن كفاعلية أدبية تتفاعل مع هذا الظهور المتزايد».

وأوضح مدير مؤسسة صفصافة للنشر أن تناول القضية التى اختيرت كشعار لهذه الدورة «الوطن.. من بعيد»، جاء من خلال مجموعة الضيوف الذين تم اختيارهم للمشاركة «فهم نماذج يعيشون تلك الحالة بالفعل، ومنهم الشعراء اللاجئين فى مصر والكثير من بلدان العالم فى الوقت الراهن، وهو ما يُعتبر التركيز الرئيسى لهذه الدورة؛ إضافة إلى القضية الأساسية التى يتناولها المهرجان كل عام وهى الترجمة وتبادل الثقافات».

وأضاف أن أهم ما يميز هذه الدورة مشاركة عدد كبير من الشعراء والمبدعين فى هذا المهرجان، بالإضافة إلى مشاركة أربعة عشرة دولة عربية وأجنبية إضافة إلى مصر منها فنلندا، كندا، التشيك، سويسرا، ألمانيا، الولايات المتحدة، سوريا، فلسطين، أنجولا، الدنمارك، إسبانيا، اليونان، ما يعكس تنوعًا كبيرًا فى الكُتّاب والضيوف، مُتمنيًا أن هذا التنوع يفيد بشكل إيجابى فى إثراء المهرجان عبر عرض تجارب الضيوف وإلقاء الضوء عليها من أصحابها أمام المتلقى المصرى المهتم بالأدب الأجنبي.

وتابع مدير المهرجان «كما تحمل هذه الدورة مناقشة مجموعة من المحاور الهامة التى تتعلق بالترجمة، وتناول الأدب لصورة الوطن الذى يراه المبدع عبر الحدود؛ بالإضافة إلى الحديث عن المحور الأساسى وهو الوطن من بعيد، وعرض نماذج من الأدب المعاصر، وعن كيفية إلهام الحروب والأزمات للأدب، وتطورات الآداب المكتوبة بالإنجليزية، بالإضافة إلى الأمسيات الشعرية»، متمنيًا ثراء ونجاح هذه الدورة التى تُلقى الضوء على قضية هامة على المستوى الثقافى والأدبى وهى قضية الهجرة واللجوء ومغادرة الأوطان للكُتّاب والشعراء والمبدعين.

 

الأنجولي جوناس نازاريت: من يرى الوطن من بعيد يحمل دومًا الأمل

قال الكاتب الأنجولى، جوناس نازاريت، إن الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة الأدبي، تحمل محورًا هامًا، وهو الوطن من بعيد «فهذا إبداع، فمن يرى الوطن من بعيد يحمل دومًا الأمل»، مُضيفًا أن تجربته الأولى فى كتابة روايته «للحياة رأى آخر» التى تم إطلاق نسختها العربية عن دار «صفصافة» للنشر خلال فعاليات المهرجان تمثل له سعادة كبيرة وأنها أتاحت الفرصة للجميع للقراءة لكاتب أنجولى ومترجمة للغة العربية.

وأضاف «نازاريت» خلال حديثه لـ«البوابة» بصحبة مترجمه الدكتور جمال خليفة، الذى نقل حديثه من البرتغالية إلى العربية، أن أحداث الرواية تدور داخل المجتمع الأنجولى، وتسودها الكثير من الأحداث الحزينة التى استقاها من خبراته فى الواقع «لكى تعبر عن الواقع الحقيقى لذلك المجتمع، والمتعلقة بمشاكل عديدة منها مشكلة الأطفال الذين يلقون فى القمامة فى بلاده نظرًا للظروف الاقتصادية التى تمر بها الأسرة لعدم القدرة على المعيشة؛ بالإضافة إلى العلاقات التى تتعرض لها الفتيات من قبل الكبار، وهذا ما يؤدى إلى عدم تكوين أسرة والقدرة على المعيشة بسبب كثرة المشاكل الاجتماعية المترتبة على الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد».

ولفت «نازاريت» إلى أن روايته كذلك بها معالجة لمشكلة رجال الأعمال «الذين يمتلكون المال ولكن لا يمتلكون الخبرة على الإدارة، وهذا سبب من عوامل انهيار الاقتصاد فى أنجولا، فالكثير منهم يتعرض للإفلاس نظرًا لعدم الخبرة الكافية لنجاح أى منظومة اقتصادية»، وأن الرواية معالجة للواقع الذى يعيشه رجال الأعمال هؤلاء، وذلك يقوم من خلال شراكة مع مستثمرين أجانب هم الأكثر خبرة وكفاءة لتبادل هذه الخبرات التى تعمل على انتعاش الحركة الاقتصادية مرة أخرى فى المجتمع الأنجولي، وكل هذه الموضوعات حاول أن يجمعها ويدونها داخل الكتاب من خلال المشاكل والواقع الأنجولى «وهذا الكتاب يتيح للقارئ الأنجولى عند قراءته إعادة التفكير فى كل هذه المشاكل والتعايش معها والتعامل مع هذه الأخطاء وتلافيها والعمل على حلها حتى يصبح جزءًا منها».

وأشار الكاتب الأنجولى إلى أن هناك الكثير من الصعوبات التى تواجه عملية النشر فى بلاده «فصناعة النشر ضعيفة للغاية فى أنجولا، لذلك يُفضل الكثيرون نشر أعمالهم فى البرتغال أو البرازيل، حيث توجد حركة ثقافية حقيقية»؛ ووجه رسالة من أرض مصر إلى الشعب الأنجولى قائلًا، «إن مصر وجنوب أفريقيا مثال للشعوب المتقدمة التى يحتذى بها» ونحن كشعب أنجولا نتعلم من تجربة مصر كدولة يسودها الأمان بالإضافة إلى أشياء أخرى كثيرة لا بد أن نتعلم منها كثيرًا من خلال العلاقة الترابطية والتعاونية بين البلدين.

 

الفنلندية سمية الهذيلي: "العربية" الأكثر صعوبة في الترجمة

أعربت المترجمة الفنلندية سمية الهذيلى، عن سعادتها بالمشاركة الأولى فى الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة الأدبى، وما تحمله هذه الدورة من عدة فعاليات على مستوى الاختلاف الثقافى والاتجاهات المختلفة، بالإضافة إلى مجموعة من المثقفين داخل بلدان مختلفة، وهو ما تتميز به هذه الدورة.

أما عن الوطن من بعيد فقالت المترجمة: إن والدى من أصول تونسية، وأمى تعيش فى فنلندا، لكننى عشتُ طفولتى كلها بقطر، ثم انتقلت من مكان إلى آخر، ولا أعرف أن أحدد الوطن، عشت بقطر 16 سنة، ثم بتونس ما يقارب حوالى 8 سنوات وفى فنلندا سنتين، والآن أعيش فى أوسلو بالنرويج، لكن أصبح من الغريب تحديد هذا الوطن، أحيانًا أقول إنه العلاقات مع الآخرين، لكن الجو العائلى فى تونس حيث الذكريات التى تربطنى بها علاقة قوية بهذا المكان المقرَّب كثيرًا إلى قلبى، على العكس فى قطر كنت أراها كوطن ولكن أرى فيها ذكريات مع العائلة فقط.

أما فنلندا فكنت أعيش بها أيام العطلات فقط وبالقرب من العائلة ولكنها محطة العطلة، ولا أشعر بها أنها وطنى، ولكن أراها من الناحية الثقافية كوطن، أما على مستوى المكان فكنت أراها مزيجًا بين التونسية والفنلندية، فلا أستطيع تحديد الوطن فأين وطنى الحقيقى وأين منزلى، وهذا شىء يمثل لى تعقيدًا كثيرًا، حاليًّا أعيش فى أوسلو لمدة طالت لـ6 سنوات، فهى مكان يأخذ الطابع التاريخى وأكثر البلدان المقرَّبة إلى قلبى، وهذا ما يؤثر فيّ كثيرًا، لكن الأغرب فى هذه البلدة أنها تتعايش وتتكيف مع الآخرين بأكثر سلاسة وبساطة، وهذا ما يدفعك للحب بهذا المكان، فهناك مزيج بين بلدى قرطاج، وأوسلو، ووجدت حياة جديدة وبداية مشرقة.

وعن تجربة «سمية» للترجمة أضافت أنها بدأت الترجمة فى الحياة اليومية، فمثلًا أمى تتحدث اللغة العربية، لكنها لا تفهم كل شىء عنها إلا قليلًا، وكذلك والدى أيضًا كانت تواجهه بعض الصعوبات فى التحدث بالفنلندية، لكن كانت اللغة الإنجليزية هى اللغة السائدة بينهما فى التعامل، فكنت أقوم بدور المترجمة عندما كانت أمى تشاهد التليفزيون من برامج ومسلسلات إلى غير ذلك، فكنتُ المترجم الفورى للعائلة، فلا تقتصر الترجمة على العائلة، وإنما كنت مترجمة ثقافية فى بلدان أخرى، فحياتى ترتبط كثيرًا بالترجمة الفورية، فكنت أبحث كثيرًا فى السفارة الفنلندية بتونس، والتى كان لديها ديوان شعر بعنوان «تحت الهلال» لشاعر فنلندي، وهو يتحدث عن أماكن كثيرة بتونس فلا يوجد الكثير من العرب يترجمون الفنلندية بتونس سوى اثنين فقط، وحالفنى الحظ لهذه التجربة وتحديت نفسى كثيرًا لترجمة هذا الديوان، ولم يكن صعبًا من ناحية التقنية، ولقي نجاحًا باهرًا ونشر هذا الديوان المترجم، وكانت هذه البداية التى فتحت لى أبوابًا كثيرة فى الترجمة، كما ترجمت أيضًا لدار «صفصافة» للنشر عملًا أدبيًّا يتحدث عن الهجرة غير الشرعية، وهو عمل يمتاز بالحرفية.

تختلف الثقافات بين البلدان وبعضها ومدى تأثيرها على الترجمة، فقالت سمية: ليس هناك مكان كامل، ولكن أحاول أن آخذ منه حس الحياة العائلية، فى فنلندا أخذت منها الضمير المهنى والصراحة، وهذا ما تمتاز به هذه البلدة، على العكس من البلدان الأخرى، ففى الدول الأجنبية لا تسودها الحياة المادية، عكس الدول العربية تبحث كثيرًا عن المال فى كل شىء، ولكن فى البلاد الأجنبية تبحث عن الإنسان ذات القيمة الفردية والثقافية.

أما عن الصعوبات التى تواجه الترجمة فأكدت سمية أن هناك نوعين من الصعوبات تواجه الترجمة، وهما اللغة والثقافة، ففى اللغة تجد «ديجلوستا» وهى الفرق بين اللغة العامية والفصحى، وفى البلدان الأخرى التى تسودها اللغة اللاتينية المختلفة عن الإنجليزية والفرنسية فلا يوجد فرق كبير بينهما، وعندما تتم الترجمة إلى هاتين اللغتين لا تجد صعوبة فى الترجمة.

أما اللغة العربية التى تضم الفصحى والعامية فهى تمثل الإشكالية الكبرى، هناك الكثير من الكتب تسودها العامية، وفى البلدان العربية عندما تتم الترجمة إلى الفصحى، قد تفقد اللغة قوتها وتتغير لشىء صلب فتؤثر كثيرًا على الكُتاب والأحداث والرسالة التى نفتقدها تمامًا، فهذه مشكلة كبيرة، على العكس فى الترجمة الفنلندية إلى العامية، فهى بعيدة كل البعد عن الشخصية الفنلندية، حتى مع القراء، فنجد قلة القراءة فى العالم العربى وهى مشكلة الفرق بين العامية والفصحى، فى بلدان أخرى لا تجد فرقًا كبيرًا بينهما كما نرى فى البلدان العربية الفصحى بعيدة عن الواقع الذى نعيشه، وهذا يخلق مشكلة كبيرة تجعل القراء أكثر كسلًا عن القراءة.

أما من الناحية الثقافية التى تتمثل فى الرقابة، فهى تمثل إشكالية كبرى وتنتشر فى البلدان العربية أكثر وتختلف من بلد لآخر، وذلك يرجع إلى الأحكام السياسية والثقافية للدولة، أى تترك القارئ يقرر ما يريده من خلال فكره النقدى وتجعله يكتشف الصواب من الخطأ، فالقارئ العربى فى الوقت الحالى يفقد الفكر النقدى، على عكس اختلاف الفئة المثقفة، وهذا ما يواجه عامة الشعب، لكى نتلافى هذه الصعوبات قد تحتاج إلى عدة مراحل، من بينها شجاعة الناشرين وإعطاء القارئ الفرصة لتحديد الفكرة النقدية للعمل وربطه بالمجتمع، فالقراءة هى مرآة المجتمع، فكلما تغيرت ثقافة المجتمع تغيرت ثقافة النشر.

وعن اللغات الأكثر صعوبة فى الترجمة أضافت المترجمة أن اللغة العربية أكثر اللغات صعوبة فى الترجمة؛ بسبب مشكلة اللغة الفصحى والعامية التى تعد المعضلة الكبرى عن كيفية توصيل الرسالة، وهذا ما يرتبط بالمترجم نفسه ومدى معرفته الجيدة باللغات، فعندما كان المترجم على درجة عالية المستوى حتى إتقانها تجعله أكثر مرونة وبساطة فى الأداء، فاللغة هى الأم، وفى ترجمة اللغة الأدبية لا بد من امتلاك مقومات الترجمة، ويرجع ذلك إلى كثرة القراءة للغة نفسها.

أما عن الإحصائية التى أعدّتها "سمية" فى الأمم المتحدة عن القراء فى الدول العربية والأوروبية فأوضحت أنه فى الدول العربية بلغت نسبة القراءة 4 صفحات فى السنة، على العكس فى الدول الأجنبية، فمثلا القراء الفنلنديون تصل نسبة القراءة هناك إلى 17 كتابًا من قِبل المكتبة العمومية بفنلندا فى السنة، بالإضافة إلى الكتب المشتراة، وهذا ما يشبه بالثقافة الروتينية مثل الحياة الطبيعية للأفراد، كما أنه عندما يطلب القارئ مجموعة من الكتب التى يريد قراءتها توفرها له المكتبة لاقتنائها، لذلك نجد الدولة هناك تساعد القارئ على ما يحتاجه للقراءة، فالثقافة وراءها أسباب كثيرة تدعو إليها قراءها.

تواجه البلدان العربية والأجنبية ظاهرة الإرهاب، فقالت المترجمة: أعتقد أنه يحمل وراءه أسبابًا كثيرة، ولسوء الحظ هذا ما تعانى منه البلدان العربية والعالم أجمع من ظاهرة الإرهاب، وقد ترجع إلى الأسباب السياسية، فهى الهدف الرئيسى الذى تسعى إليه قوى الإرهاب، فمثلًا عندما تجد الحروب ونذهب إلى بلدان أخرى تجد الجيوش الأمريكية عندما ذهبت إلى العراق وبلدان أخرى، وتسقط عليها نظامًا معينًا تسقط من الخارج حتى تغيير النظام الذى تسير على نهجه تلك البلاد، فكل البلاد تقرر مصيرها، فلا شىء جيدًا يأتى من الخارج فهو لا ينجح، فكل شىء يبدأ من الداخل، فالسياسة العربية لها دور كبير، كما نجد البطالة والفقر دائمًا يؤديان إلى يأس، وهذا ما يلعب عليه الخطاب الإرهابى على أن يصبح جهاديًّا وإلى آخره، فيجب على العالم العربى العمل على حل مشاكل الشباب حلًّا جذريًّا من الناحيتين الثقافية والاقتصادية؛ حتى يحس العالم بالنجاح وغرس روح الانتماء للوطن واحترامه؛ حتى لا يقع فريسة فى يد الإرهاب.

وعن الرسالة التى توجهها المترجمة إلى بلدها تونس، قالت: «إن مصر بلد يحتوى على كثير من العلاقات بين البلدين، قد نختلف بسيطًا فى الأمور الكروية، ولكن نحن شعب يحب مصر كثيرًا، كما أتمنى من دولة فنلندا التعامل مع البلدان الصغيرة واكتشافها من ناحية القارئ العربى، بالإضافة إلى اكتشاف ثقافات أخرى تغير حال الترجمة».

 

الأمريكي مايكل مارش: "الوطن.. من بعيد" شعار يُعبر عن حالة أعيشها

أعرب الشاعر الأمريكى مايكل مارش، عن سعادته بوجوده بمصر التى أكد أنها بلد الأمن والأمان، لافتًا إلى اهتمامه بالمشاركة فى الدورة الرابعة للمهرجان التى «تُعبر عن الحالة التى يعيشها»، حسب قوله، وأنه بدوره كالكثير من لاجئى العالم الذين يعيشون بعيدًا عن أوطانهم، ما يجعل القضية التى يُناقشها المهرجان تمسه بشكل شخصي.

وأشار «مارش»، الذى يعيش فى مدينة براغ التشيكية منذ عدة أعوام، فى حديثه إلى «البوابة» إلى أن هذه الدورة تحمل عنوانًا مهما جدا للغاية وقضية يجب إلقاء الضوء عليها، «فهى تناقش قضية الوطن كما نراه من بعيد، أى فكرة المهاجرين واللاجئين الذين تركوا أوطانهم نظرًا للظروف السياسية والحروب، وما تتعرض له هذه الأوطان من دمار فيسعى الكثير إلى اللجوء للدول الأوروبية وأيضًا العربية، ومدى المشاكل التى تواجه هؤلاء اللاجئين والبحث عن الهوية».

وأضاف «مارش» الذى سبق وقابل شعراء عرب عانوا مثله فى المهجر مثل الراحلين الفلسطينيين محمود درويش وسميح القاسم فى تسعينيات القرن الماضي، أن البحث عن الهوية «شيء مؤلم بالنسبة للآخرين أكثر من الشخص ذاته»، حسب تعبيره، وأضاف: «إننى آخر شخص يبحث عن تلك الهوية، لقد كانت تلك الفكرة أن آتى إلى هنا والحديث عن هذا الأمر تتطلب مثل هذه الشجاعة كثيرًا»، مؤكدًا أنه قد تسلم مؤخرًا جائزة فى السلام «ولكنى لا أشعر بهذا السلام بداخلى»، مُستعيدًا حديث مواطنه الكاتب الأمريكى جوزيف رووف، والذى قال إنه يمكن أن يموت وسط الناس ولكنه لا يتمنى أن يموت خارج موطنه «الرجل عاش حياته متنقلًا من فندق إلى آخر، ولكنه فى نهاية المطاف مات سكيرًا».

وبلغة أدبية تليق بأشعاره، قال الشاعر الأمريكى الذى يهتم كثيرًا بالثقافة العربية «كل الوعود الآن خائنة ما عدا الموت، وهكذا يتأرجح الشعر بين الخيال والموت، لكن ما نحتاج إليه ليس كلمات للتعبير عن الأشياء، فالوطن ينتج فى الماضى»، مؤكدًا -وهو الذى قرأ ترجمات عربية عديدة للكثير من الشعراء العرب وقاطنى الشرق الأوسط- أنه يرى أن السياسة هى مجال الوصف أكثر من الشعر «فنحن نعيش فى الوقت الحالى فى ديمقراطية، بينما أصبح الشعراء والفلاسفة بلا أوطان، وأصبح على الجميع التضحية الآن من أجل أن يبقى الوطن حاضرًا، فإذا ما تحدثت عن الولايات المتحدة فإن الكثير من الشعراء والكتاب تركوا نيويورك ويعيشون الآن فى بلاد أخرى».

وبينما أكد مؤسس مهرجان براغ الدولى للكتاب، والذى لم تصل إلى القارئ العربى سوى مجموعته الشعرية «مجرد وعد» التى تُرجمت إلى العربية مؤخرًا وصدرت بالقاهرة عن دار «آفاق» أن الشعر يلعب دورًا مهما فى اللحظة الحالية من حياة الشعوب، لفت كذلك إلى أنه «يجب الاقتباس كثيرًا من الآخرين»، حسب تعبيره، مُضيفًا «هو شيء يمُثل ما يُمكن أن نُطلق عليه «كود خاص بذاته» فيعتمد الشعر على المزاج الخاص أو أشياء أخرى عديدة، فالشعر أقرب طريق للتفكير فى العالم ويعد شيئًا فرديًا»، واختتم حديثه بالقول «الشعر يُعبر عن طريقك للحياة».

 

السورية رشا عمران لـ"البوابة": الوطن هو الذاكرة والرائحة والأمان والامتداد

وصفت الشاعرة السورية المقيمة بالقاهرة، رشا عمران، فكرة الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة الأدبى بأنها «فكرة مهمة للغاية وتُمثل حدثًا حاليًا»، مُشيدة فى الوقت نفسه بنجاح الدورات الثلاث السابقة وأعربت عن تمنياتها بأن «تلقى هذه الدورة نجاحًا مبُهرًا».

وأضافت «رشا»، التى اختارت مصر بلدًا للعيش بها، نظرًا لما تتعرض له سوريا على مدى سنوات من حروب والبحث عن الهوية، أن عنوان هذه الدورة يتضمن فكرة البحث عن الوطن «وما معنى كلمة وطن، فالوطن يمُثل لى الذاكرة والرائحة والأمان والامتداد»، وتابعت «فى النهاية الوطن هو «جلدك»، فمعظم الكتاب السوريين توزعوا ليس على الدول العربية فقط ولكن الكثير منهم لجأوا إلى أوروبا لأنها أكثر تسامحًا تجاه السوريين، وذلك بعد أن ضاقت إجراءات اللجوء إلى الكثير من الدول العربية، ولكنى فضلت اختيار مصر موطنى الثانى بعد أن هاجرت من سوريا إلى هنا فى عام 2011 عقب اندلاع الأحداث الدموية، فما تتعرض له سوريا الآن من الحروب ونزيف الدم جعلت كل لاجئ سورى يحمل فى عنقه مفتاح داره كما يفعل الفلسطينيون أيضًا على أمل العودة مرة أخرى لموطنه.

ولفتت الشاعرة السورية إلى أن الشاعر يكتب لنفسه «تمامًا كما تحدثت عن طرطوس مسقط رأسي، ثم عن دمشق وما تتعرض له الآن من حروب، ثم اللجوء لمصر البلد الآمن الذى يعيش بدون حروب»، متمنية العودة إلى موطنها الأساسى دمشق مرة أخرى، وبدا عليها التأثر لحال السوريين الآن وما يتعرضون له من أحداث العنف وتطرف ودمار الحرب.

وأكدت «رشا» أن تجربة الشعر السورية والمصرية تختلف كثيرًا، بداية من خلال العيش بمجتمع آخر عما كانت تعيشه، وعن التجربة الشعرية عما يحدث فى سوريا فى الوقت الراهن قالت «أثّر ذلك كثيرًا على لغتى الشعرية، وهذا الاختلاف طبيعى لما يحدث للمعايشة فى مجتمع آخر تختلف لغته وثقافته، ومدى تأثيرها الشديد على تجربتى الشعرية السورية»، مؤكدة أنها لم تقرأ لأحد من الشعراء بعينه، ولكنها تقرأ الشعر لشباب الشعراء؛ بالإضافة إلى الشعر العربى القديم وأيضًا المترجم.

ووجهت رشا رسالة للشعب السورى من داخل أرض الكنانة «من مصر البلد الحاضنة لكل الشعوب، أتمنى أن تحدث المعجزة بسوريا ويتوقف نزيف الدم الذى لم ينته منذ سنوات داخل الأراضى السورية، والإفراج عن المعتقلين بالسجون وأن يعود المهاجرين واللاجئين إلى مواطنهم مرة أخرى».

وأضافت على هامش حديثها أنها تعكف حاليًا على الانتهاء من ديوان شعرى جديد، ولكنها لم تستقر على اسم حالى للديوان الذى سوف تعلن عنه قريبًا.