الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"كان حلمه يموت وفي إيده الفاس"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الساعة الواحدة وعشر دقائق من صباح يوم الثلاثاء 24 ديسمبر من العام 2013، فجر الإرهابيون سيارة ملغومة في مبنى مديرية أمن الدقهلية بمدينة المنصورة، وسكن البيوت غضب عنيف، وتسمّر سكانها أمام أجهزة التليفزيون يتابعون وقائع وأحداث الموت الغادر بأيدٍ إرهابية جبانة.
وبين تصريح جاء كإسفنجة لامتصاص بعضٍ من الغضب المشتعل في القلوب والعقول، حيث صرح أحد مستشاري رئيس مجلس الوزراء بإعلان جماعة الإخوان المحظورة جماعة إرهابية، ولم تمر سوى ساعات على إسفنجة التصريح حتى خرج علينا الدكتور حازم الببلاوي - بشحمه ولحمه - بتصريح مراوغ هو: "هذا عمل ارهابي سواء قام به فرد أو جماعة"، وهكذا فسّر الببلاوي الماء بعد الجهد بالماء. 
مرت الساعات ثقيلة وحزينة وغاضبة ونحن نتابع إخراج الضحايا من تحت الأنقاض، ليصلوا إلى سبعة عشر شهيداً وأكثر من مئة مصاب، وفي حمّى المتابعة على شاشات التليفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يكتب الشاعر الشاب حسن يوسف قصيدته، غير منتظر لا عزاء ولا تصريحا من الواقفين أمام كاميرات التليفزيونات:
"الأم المستنية الواد يجيها أجازة 
واقفة في شبّاكها في عزّ البرد 
ورابطة على راسها الشال 
خبزت له امبارح عيشها الصابح
عارفاه بيحبّه
قلبها بيزغرد لمّا تشوفه 
تحلف له لاتحزّم وارقص 
يوم ما يا "واد" تتجوّز 
بس ما جاش
****
الواد كان حلمه بسيط 
كان حلمه يعيش لمّا يعجّز 
يرجع متعاص بالطين م الغيط 
يتلمّوا عياله حوالين الطبلية 
يتخانقوا على حتة لحمة راس 
ويزعّق فيهم زيّ أبوه 
كان حلمه يموت وفي إيده الفاس 
بس ما جاش".
كتب حسن يوسف، كتب ليس عن الأم التي انتظرت "الواد يجيها في أجازة" وقتله الإرهاب في مديرية أمن الدقهلية فقط ، لكنه كتب أيضا عن الأم التي انتظرت ابنها، واقفة في شباكها في عز البرد، بينما كان الصهاينة يدفنونه مع زملائه أحياء في أرض سيناء عام 1967، لم يعد" الواد" ولم ترقص أمّه في يوم عرسه، كتب الشاعر قصيدته عن الأم التي ترتدي السواد على "الواد" الذي لن يعود، "الواد" الذي كان حلمه أن يموت وفي يده الفأس.
هي الأم التي انتظرته وخبزت له "عيشها الصابح"، انتظرته صائمة وكان هو وزملاؤه العساكر الواقفون على أرض سيناء صائمين أيضاً في شهر رمضان عام 2012، ولم يقتلهم الصهاينة، كان القتلة من حماس أو بيت المقدس أو القاعدة، أو من أيّ مسمّى لجماعة كافرة بحق الأم في حياة ابنها.
كان "الواد" - الذي كتب عنه الشاعر القصيدة - هو نفس "الواد" الذي عاد إلى قريته غارقا في دمه ولم يعش ليحقق حلمه، "كان حلمه يعيش لما يعجز.. يرجع متعاص بالطين م الغيط"، لم يعد "الواد"، فقد قتله هو وأصحابه الإرهابي "حبارة " في عام 2013، كانت الأم - ونفس الأمهات اللواتي انتظرن من قتلهم عاصم عبد الماجد وجماعته الإرهابية في مذبحة مديرية أمن أسيوط عام 1981 - تنتظر ابنها الذي قتله الصهاينة والإرهابيون من أبناء جلدته، قتلوا "الواد" وقتلوا زغرودة قلب الأم "لما تشوفه": 
الواد كان حلمه يتلموا عياله حوالين الطبلية
يتخانقوا على حتة لحمة راس 
ويزعق فيهم زيّ أبوه 
كان حلمه يموت وفي إيده الفاس
بس ما جاش".