الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كم من الجرائم ارتُكبت باسم العدالة الاجتماعية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يتوقف بحث المصريين عن العدالة الاجتماعية عبر الأزمنة المختلفة، فالملايين حلموا بتحقيقها مثل آبائهم وأجدادهم، لكنها ظلت بعيدة المنال، فهم لا يريدون سوى بعض المساواة والعيشة الكريمة التى تحترم آدميتهم. دون أى حقد أو حسد للأغنياء أو كبار رجال الأعمال وكل من ينتمى للطبقة الرأسمالية، فالعدالة الاجتماعية مطلب اجتماعى قديم نادت به المجتمعات عبر تاريخها الطويل وتناولته الفلسفة فى مذاهبها المختلفة. 
لكن فى مصر وكما يقول المثل كم من الجرائم ارتكبت باسم العدالة الاجتماعية، سواء من المطالبين بتطبيقها أو من المعنيين بتحقيقها. 
وإذا كان المعنى المتعارف عليه للعدالة الاجتماعية، أنها نظام اقتصادي، اجتماعی يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع.
للأسف الوضع فى مصر مختلف حتى عن النظريات الاقتصادية التى عرفها العالم، فهناك مفهومان للعدالة الاجتماعية يختلفان اختلافا تاما عن بعضهما، فمن وجهة نظر اليسار المصري، تتمثل العدالة الاجتماعية فى النفعية الاقتصادية، وإعادة توزيع الدخل القومي، وتكافؤ الفرص وغيرها، لكن قوى اليمين المحسوبة على الرأسمالية، ترى العدالة الاجتماعية كنوع من الاقتصاد التكافلى أو ما يشبه الصدقات التى تعطى للمساكين، فتجد دائما الحديث يدور عن زيادة معاشات وتوفير مخصصات تموينية يستفيد منها الفقراء والأغنياء على حد سواء، بسبب سوء المنظومة وفشلها، وتوفير وحدات إسكان اجتماعى دون الاقتراب من جوهر فكرة العدالة الاجتماعية القائمة فى الأساس على إعادة توزيع الدخل وتوفير فرص متكافئة للجميع. 
ويبقى السؤال الأهم وهو كيف يتحقَق العدل والمساواة بين الناس فى مجتمع يسوده التفاوت؟ وهل الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى مصر خلال الأعوام الأربعة الماضية كافية للسير فى طريق تحقيق العدل الاجتماعى بين المواطنين؟ الإجابة «نعم» على الأقل بالنسبة لى شخصيا، فربما للمرة الأولى التى يلتزم فيها نظام سياسى بالانحياز لمحدودى الدخل والطبقات الفقيرة، بعيدًا عن نظرية «التساقط» التى كان يتبناها الحزب الوطنى ولجنة السياسات فى عهد الرئيس مبارك، وفلسفتها تقوم على تشجيع استثمارات رجال الأعمال لتحقيق معدل نمو يستفيد منه الأغنياء، بينما يتساقط الفائض إلى الطبقات الفقيرة بعد ذلك. 
فأصحاب النزعة الليبرالية يرون أن المجتمع الرأسمالى يتكون من ثلاث طبقات وهى طبقة تملك وسائل الإنتاج، وطبقة تستخدم هذه الوسائل بنفسها، وأخيرا طبقة الأجراء أو العمال وهى الطبقة التى تحصل على الفتات أو ما يمكنها للعيش فقط أو بالمعنى الشائع «عايشين اليوم بيومه». 
أخيرا يشترط لتحقيق العدالة الاجتماعية فى أى مجتمع من المجتمعات تحديد أسباب الظلم والاعتماد على معيار تكافؤ الفرص، وذلك لن يتحقق إلا من خلال حزمة من القوانين يتم سنها لتضمن تحقيق ذلك.