الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا عود الحطب بات يخدعنا ولا "فتاة الحصيرة" باتت تُلهينا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت رائحة «الفراخ المشوية» تداعبنا أينما ذهبنا، كنا نتخيلها وهى تتمايل على الشواية ونحن نقتطع من جسدها دون رحمة، لنسد نهمنا، «وليد» رأى ذلك فى أعيننا، وشمه فى حديثنا ذات ليلة فقال: «ما رأيكم لو جمعنا من بعض وعملنا عشوة فراخ مشوية»، هو كان يعرف أن الحالة «ضنك»، وأن مقتنا للجبنة القديمة بات أكثر من مقتنا للصهاينة، استطرد فى الحديث عن سر التتبيلة وروعة مذاق الفراخ، التى ستستغرق على النار فقط ساعتين، هما ساعتان من جوع بعدها «تملأ النساير بطوننا» أقتنعنا تماما بالفكرة، وباتت المعضلة أمامنا هى الأموال، من أين نأتى لـ«وليد» بثمن الفراخ ومستلزمات الشوى، والتى غالى فيها «وليد» جدا ورفع سعر الكيلو مستغلا مقتنا للجبنة القديمة وتطلعنا إلى الفراخ المشوية، وبعدما ضربنا أخماسًا فى أسداس، قررنا إحضار «فلوس الفراخ» ولو سرقناها، أمير صديقنا تسلل إلى غرفة أبيه واصطاد من «جيب الصديرى» بضعة قروش، ورؤوف ذهب إلى الأرض وجمع بعضا من المحصول ليلا وذهب به إلى السوق، أما أحمد فكان معه فلوس الدروس، وأنا كان لدى «كاوتش أميجو بينور» بعته بثمن بخس قروش معدودة حملتها إلى وليد، الذى طمأننا أن كل شىء يسير على ما يرام، أعطانا موعد التجمع فكنا هناك، انتظرناه لم يأت.. فتحنا أنوفنا علنا نستنشق رائحة الشواء لم يدخلها إلى التراب.. كذبنا حدسنا بأن «وليد» خدعنا، واختلقنا له الأعذار.. ربما لم يجد دجاجا.. أو فحما.. أو ربما التتبيلة تأخذ وقتا.. ربما الأموال لم تكف.. ساعات وربما هذه تأخذنا فى الشارع ذهابا وإيابا حتى تململنا منها.. وهنا ظهر «وليد»، أسرعنا إليه أين الفراخ.. طأطأ رأسه وقال: «يظهر إننا مش مقسوم لنا ناكلها.. حاجة غريبة حصلت»، فى صوت واحد «إيه اللى حصل يا وليد؟»، قال: «على اتفاقنا ذهبت إلى بائعة الفراخ وأعطيتها ما معى من نقود فقالت لى من عينى بعد أسبوعين تعالى.. وحسب الموعد ذهبت إليها لأحضر الفراخ فقالت لى إن سعر الكيلو زاد إلى الضعفين وما تركته من نقود لا يساوى حتى ثمن دجاجة واحدة.. لكن لأننا تعاهدنا.. سأمنحك بيضا.. خذ بيض.. سيكون طعمه جيدا مع الجبنة»، صرخنا جميعا فى وجه «وليد»: «هى ناقصة بيض؟»، أقدم رؤوف ومسكه من رقبته وأخذ يصفعه، واستعد أمير ليركله، فإذ به يخرج «عود حطب» ويقول لنا، تعالوا سأعوضكم عن «الفراخ المشوية»، سرنا خلفه حتى وصلنا إلى نافذة دار قديمة دفعها بيده، وإذ بفتاة تنام على حصيرة، أدخل «وليد» عود الحطب من النافذة وأخذ يرفع طرف ثيابها، تدافعنا إلى النافذة نطالبه بترك «عود الحطب لنا»، بضع دقائق مرت ونحن مشغولون بعود الحطب والفتاة، حتى «لوت بطوننا من الجوع»، فرمينا «عود الحطب»، ومسكنا فى نحره، وقلنا له: «نريد أن نأكل يا وليد.. نريد الفراخ أو أموالنا.. لا عود الحطب بات يخدعنا ولا «فتاة الحصيرة» باتت تُلهينا.