الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إحنا بتوع الحكومة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• قد لا يعرف الكثيرون من الشباب بصفة خاصة الفيلم الشهير «إحنا بتوع الأتوبيس»، وهو من إنتاج عام ١٩٧٩ وبطولة الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولى والفنان عادل إمام، ومن تأليف الكاتب فاروق صبرى عن قصة حوار «خلف الأسوار»، للكاتب الصحفى الكبير جلال الدين الحمامصى، ومن إخراج المبدع حسين كمال، وكان يتناول قصص التعذيب خلف أسوار السجون فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر..
• وتدور قصة الفيلم حول مشاجرة جرت داخل أتوبيس نقل عام بين جابر وهو عادل إمام، ومرزوق، وهو عبدالمنعم مدبولى، من ناحية، ومحصل الأتوبيس من الناحية الأخرى، وذهبوا إلى قسم الشرطة، وتم الإفراج عن المحصل وحجز الاثنين جابر ومرزوق بطريق الخطأ بتهمة معاداة نظام الحكم وتعرضا للتعذيب..
• وضاعت كلمات وهتافات وصرخات جابر ومرزوق داخل المعتقل وفى ساحة المحاكمة، وهم يقولون «إحنا بتوع الأتوبيس»، ولاعلاقة لهما بتهمة معاداة نظام الحكم، حتى قامت حرب ١٩٦٧، وتمرد المعتقلون داخل السجن، وقد أثار الفيلم ضجة كبرى وقت عرضة أسوة بأفلام أخرى، مثل «الكرنك»، ولكن ظل اسم الفيلم «إحنا بتوع الأتوبيس» يتردد باستمرار على أذهان كل من يتعرض لموقف مشابه..
• والنسخة الجديدة من هذا الفيلم إنتاج ٢٠١٧ لن تكون إحنا بتوع الأتوبيس، ولكن ستكون إحنا بتوع الحكومة، بعد أن أصبحت الحكومة الحالية تحظى بكم كبير من المؤيدين والمناصرين لها، ليس فى الشارع المصرى، ولكن فى أوساط النخبة المصرية، وفى داخل الأحزاب السياسية، بل فى داخل البرلمان، رغم أنه برلمان الشعب وليس برلمان الحكومة..
• وأصبح أكبر حزب سياسى فى مصر الآن هو حزب «إحنا بتوع الحكومة»، وأصبح هو الحزب المهيمن على أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة، وأيضا على الصحافة القومية والخاصة، ولا تجد الحكومة أى معاناة أو مشاكل فى تمرير ما تشاء من قرارات، وأيضا قوانين بفضل دعم ومساندة ومؤازة حزب إحنا بتوع الحكومة..
• وأعضاء حزب إحنا بتوع الحكومة لم يساندوا الحكومة فقط، ولكنهم أيضا يلعنون كل من يعارض الحكومة أو يرفض قراراتها أو ينتقد سياستها، بل قد يصل الأمر مستقبلا مع أعضاء هذا الحزب لطرح مشروع قانون تحت القبة لمحاكمة ومعاقبة كل من يلوح بمعارضة الحكومة..
• ففى ظل حزب إحنا بتوع الحكومة تسابقت وزارات الحكومة فى تحميل المواطنين مزيدا من الأعباء المالية من خلال قانون ضريبة القيمة المضافة، وتسترت تحت قانون فرض ضرائب جديدة على أسعار السجائر والتبغ بدعوى الحفاظ على صحة المدخنين، رغم علمها بأن آثار تلك الزيادة سوف تصل لغير المدخنين أيضا، علما بأننى لست مدخنا..
• وفرضت الحكومة غرامات مالية على وثائق الأحوال المدنية رغم زيادة قيمة هذه الخدمات من قبل وتحميل المواطنين أعباء مالية جديدة، إلى جانب فضل الحكومة فى مراقبة الأسواق وجشع التجار باعتبار التجار فى طليعة حزب إحنا بتوع الحكومة..
• فالحكومة الحالية من أكثر حكومات مصر حظًا بسبب حزب إحنا بتوع الحكومة، الذى يكسب كل يوم أرضا جديدة، ولكنه يخسر رصيدًا شعبيًا، خاصة من جانب الفقراء ومحدودى الدخل الذين لا يجدون حزبا يدافع عنهم ويساندهم ويقف بجوارهم، لأن الأحزاب السياسية صاحبة الكلمة الآن تقف فى خندق إحنا بتوع الحكومة..
• فإذا كانت النسخة القديمة من فيلم «إحنا بتوع الأتوبيس» انتهت بتمرد جابر ومرزوق وباقى المعتقلين داخل السجون فإننا نخشى أن النسخة الجديدة من فيلم إحنا بتوع الحكومة تنتهى بصرخات وهتافات المواطنين الغلابة والفقراء ليس فى وجه الحكومة فقط ولكن فى وجه حزبها إحنا بتوع الحكومة.