الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

السيسي في حوار لـ"الشرق الأوسط": الترشح للرئاسة أصعب قرار اتخذته في حياتي.. نتائج مؤتمرات الشباب رائعة.. قوى الشر تستهدف المنطقة بأسرها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي حوارا مطولا مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، تناول خلاله الأوضاع على الساحة السياسية بمنطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الوضع السياسي والاقتصادي بمصر، متطرقًا للاستفادة من المنتدى شباب العالم المقام بشرم الشيخ.

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن عدم التواصل مع الشباب من أهم أسباب الثورات التي شهدتها مصر وليبيا وسوريا، مشيرًا إلى أن بناء الجسور مع الشباب ضروري لإشراكهم في التنمية وإبعادهم عن التطرف، وتمكينهم من لعب دور في صناعة الازدهار والاستقرار.
وشدد الرئيس السيسي على أن قوى الشر تستهدف المنطقة بأسرها وليس مصر فقط، لافتًا إلى أن هذه القوى تتشكل من تنظيمات متطرفة أو دول إقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار وقلب المعادلات.
كما أكد السيسي، في حواره للصحيفة على هامش منتدى شباب العالم بشرم الشيخ- أن أصعب قرار اتخذه في حياته كان قرار الترشح للرئاسة، موضحا إنه كان يدرك حجم التحديات التي تواجهها مصر، وحجم الأعباء التي تثقل كاهل المواطن المصري.
وقال الرئيس أن نتائج مؤتمرات الشباب، رائعة وفاقت التوقعات، مشيرا إلى أنه حين نتحدث عن المستقبل، فهذا يعني أننا نتحدث عن الشباب، ونحن نتحدث في مصر عن مجتمع شاب، إذ إن 65% من المصريين دون سن الأربعين.
ووأضح: "بدأنا تجربة شملت محافظات مصرية عدة، وكان يشارك في اللقاء نحو ألف شاب وتذاع المداولات مباشرة على الهواء، ليكون المجتمع شريكا في التعرف على هواجس الأجيال الجديدة، ولا أبالغ إذا قلت إن النتيجة كانت رائعة، وأتاحت فرصة المشاركة في الهموم والآمال والتطلعات.. وفي ضوء هذه النتيجة، قررنا توسيع المناسبة، فشبابنا جزء من شباب العالم، ويتطلع مثلهم إلى فرصة عمل والعيش بكرامة، وأن تكون له مساهمته في مستقبل وطنه، واليوم وفي ضوء التطورات العلمية والتكنولوجية يملك الشباب خبرات كثيرة لا يجوز تجاهلها".
وأكد السيسي أن القوى التي تستهدف مصر تستهدف المنطقة أيضًا، موضحا أن قوى الشر تتشكل من تنظيمات متطرفة أو دول إقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار وقلب المعادلات، وقرارنا حاسم بالتصدي لهذه الاعتداءات والمحاولات، وإرادتنا صلبة، وعلينا كدول عربية أن نتكاتف دفاعا عن أمننا القومي واستقرارنا ضد محاولات تقسيم بلادنا أو إغراقها في الفوضى واستنزاف اقتصادها وفرص تقدمها، وأثق تمامًا في أننا ومع أشقائنا في دول الخليج ودول عربية أخرى نستطيع إذا وحدنا جهودنا أن نتصدى لمن يستهدف بلداننا ومنطقتنا ودورنا".
وأضاف: "موقفنا واضح في هذا المجال.. قلنا مع أشقائنا في السعودية والإمارات والبحرين اسم من يدعم الإرهاب بالمال والسلاح والإعلام، واتخذنا موقفًا قاطعًا برفض سياسات التدخل في شئون الآخرين".
وتابع: مطالبنا واضحة، وهي وقف دعم الإرهاب والتدخل في شئون الآخرين واحترام سيادة الدول.. وهذه المطالب بديهية ومشروعة، والكرة في ملعب قطر.. وطبعا هناك الوساطة الكويتية التي نقدرها، لكن الأمر في النهاية مرتبط برد فعل قطر.. ونحن لا نريد إملاء سياسات على الآخرين ولا التدخل في شئونهم، ولهذا نتوقع منهم أن يعتمدوا سلوكا مشابها.. نريد السلام والاستقرار في المنطقة، ولابد من وقف السياسات المزدوجة".
وحول علاقة مصر خارجيا قال: "في علاقاتنا الخارجية لم نكن يوما دعاة استفزاز أو تصعيد.. لا؛ بل إن سياستنا تقوم على بناء جسور التعاون على القواعد الدولية المعروفة ببساطة، فمصر ليست دولة صغيرة ليقرر مصيرها الآخرون.. ونحن لا نقحم أنفسنا في السياسات الداخلية للدول الأخرى ونحترم خياراتها، ونتوقع من هذه الدول أن ترد بالمثل لتكون العلاقات الطبيعية ممكنة".
وأضاف أن الهجمات الإرهابية تتم في مساحة محدودة جدًا من سيناء، وترد القوات المسلحة على هذه الهجمات الإرهابية، وتوجه ضربات قاسية إلى الإرهابيين، مع الأخذ في الاعتبار، عدم التسبب في سقوط ضحايا بصفوف المدنيين، الأمر الذي يؤخر العمليات أحيانًا حرصًا على سلامتهم، مؤكدا أن الإرهاب لم ينجح في شل إرادة الدولة المصرية التي تتابع جهودها وخططها للتنمية ومعالجة المشكلات الاقتصادية والمعيشية.
وعن العلاقات مع السعودية قال الرئيس السيسي: "العلاقة مع المملكة علاقة عميقة واستراتيجية، وهي لمصلحة البلدين والأمن القومي العربي.. وهذا يصدق أيضا على علاقتنا مع دولة الإمارات.. لهذا ترى اصطفافنا معًا من أجل الدفاع عن الأمن القومي العربي.. وبأمانة أقول إن أشقاءنا في السعودية يديرون الأمور بحكمة وحزم، ولهذا أقول لهم: نحن دائمًا معًا، وهذه المسألة واضحة تماما.. واستقرار المملكة استقرار لمصر؛ والعكس صحيح، والأمر نفسه بالنسبة إلى الإمارات والبحرين والكويت".
وتابع: "أسجل بكل تقدير واحترام ما يجري في السعودية من خطوات عملاقة على أكثر من صعيد ستكون لها نتائجها الإيجابية داخل المملكة وخارجها، وهي خطوات مدروسة وجريئة.. أنه في الحقيقة أمر مثير للإعجاب، فتحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده تحقق السعودية قفزات نحو المستقبل.. وتتسم القيادة السعودية بالحزم والحكمة معا في نهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتتحرك في كل المجالات بشكل رائع".
وأشار إلى نهج السعودية القائم على الاعتدال وتشديدها على المواجهة الشاملة للتطرف وأسبابه، وحرمان أنصار التطرف والغلو من مصادرة الدين ومنابره، وتشديدها على قيم الانفتاح والتعايش والشراكة والحداثة، كلها عناصر تثير الطمأنينة".
وتابع: "أريد أن أقول أيضًا أن تحرك السعودية في اتجاه العراق أمر رائع فعلا، وهو رسالة للآخرين أننا كعرب نستطيع أن نكون قوة هائلة إذا كنا معا.. إن أشقاءنا في السعودية والإمارات والبحرين يعون تمامًا مخاطر التدخلات وسياسات زعزعة الاستقرار، ويدركون أهمية تحصين الأمن القومي العربي.. والقيادة السعودية تظهر حنكة وحزمًا بتوازن رائع.. وأكرر: نحن معًا نستطيع".
وحول الوضع في سوريا قال: "موقفنا من سوريا والأزمات الأخرى تحكمه ثوابت في سياستنا الخارجية.. ونحن مع الدولة الوطنية ووحدة أراضيها وضد كل محاولات التقسيم والتفتيت لأسباب عرقية أو مذهبية.. ونحن مع أن تكون سيادة هذه الدول محمية من قبل الجيوش الوطنية لا من قبل الميليشيات المسلحة.. ونحن مع الدولة الوطنية والجيش الوطني، وليس مع الميليشيات الطائفية التي تؤدي إلى تفسخ الدول وإغراقها في حروب لا تنتهي.. ونحن مع امتلاك كل دولة قرارها بعيدًا عن أي هيمنة خارجية أو وصاية.. ونحن مع احترام القوانين الدولية وسيادة الدول وحدودها الدولية، وهذا ينطبق على سوريا وغيرها".
وردًا على سؤال هل تقدم إسرائيل بشن حرب ردًا على اقتراب "حزب الله" وميليشيات موالية لإيران من الجولان قال السيسي: "أتمنى ألا يحدث ذلك؛ إذ يكفي المنطقة ما تعيشه من اهتزاز واضطراب، ثم إن التجارب تقول إن الحروب لا تحل المشكلات، وأن الأخطر من مجرياتها العسكرية هو نتائجها اللاحقة.. ويكفي سوريا أيضا ما تعيشه.. وأنا أدعو إلى احترام سيادتها وأمنها واستقرارها، وإلى احترام إرادة الشعب السوري، والمزيد من الحروب لن تحل المشكلة، والحل هو إنهاء النزاعات بالحوار وعلى أسس سليمة لتمكين الدول من معالجة مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية، وهي كثيرة".
وعن الوضع في ليبيا أضاف الرئيس: "دعمنا دائمًا كل المحاولات لإخراج ليبيا من الوضع الذي تعيشه.. فنحن لا نريد لليبيا أن تكون مصدر خطر على نفسها أو جيرانها، ولهذا أيدنا جهود المبعوثين الدوليين؛ وبينهم المبعوث الحالي الدكتور غسان سلامة.. وليبيا نموذج آخر لما يمكن أن يحدث حين تنهار الدولة وتتقدم الميليشيات لتقاسم البلد ومناطقه وثرواته.. ومطلبنا في ليبيا أن تكون مستقرة، وأن تُصان وحدتها، وأن يعيش الليبيون في ظل من يختارونهم بعيدا عن التطرف والإرهاب.. ومرة أخرى؛ نحن مع الجيش الوطني وليس مع الميليشيات".
وعن الوضع في اليمن قال: "وفق القواعد التي أشرت إليها سابقا؛ أي على قاعدة الحوار وقيام الدولة وجيشها الوطني استنادا إلى الاتفاق الداخلي واحترام المواثيق الدولية، يجب أن تنصرف الدول إلى الاهتمام بمشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية للتغلب على آثار الحروب، وألا تستخدم في عمليات زعزعة استقرار أو تهديد أمن الآخرين".
وعن مشكلة الأكراد والعراق قال: "قبل الاستفتاء أعلنا بوضوح أننا مع وحدة العراق، الذي يتمتع الأكراد فيه بحكم ذاتي، وشددنا على ضرورة حل المشكلات بالحوار.. وإننا مع وحدة العراق، ومع الحوار كأسلوب لحل المشكلات".
وعن تصاعد الشكوى العربية من التدخلات الإيرانية في أكثر من دولة قال الرئيس السيسي: "موقفنا واضح هو أننا ضد كل أشكال التدخل الخارجي في شئون الدول، وضد أي محاولة لزعزعة استقرارها وانتهاك سيادتها.. وكما قلت لك إننا معا نستطيع الدفاع عن الأمن العربي في وجه أي تحديات".
وعن لبنان قال الرئيس السيسي: "لبنان بطبيعته دولة متعددة ومتنوعة التركيبة، والتوازن في لبنان شرط من شروط الاستقرار، ولابد من الحفاظ على هذا التوازن ودون أي تدخل خارجي، وسبق وقلت إن ضعف الدولة الوطنية يفسح المجال للاضطراب والفوضى.. وأعتقد أن التجارب السابقة ستدفع اللبنانيين إلى إنقاذ استقرارهم الذي يعنينا كثيرًا، فاستقرار لبنان مهم لنا وللعالم العربي".
وحول المصالحة الفلسطينية قال الرئيس السيسي: "المصالحة الفلسطينية مسألة حيوية ومهمة للشعب الفلسطيني، ونحن شجعنا جهود المصالحة وواكبناها ونعتبرها مصلحة خالصة للفلسطينيين.. ونأمل أن تصب نتائج المصالحة في خدمة مسيرة السلام.. والمنطقة تحتاج إلى السلام؛ لأن غيابه كلف المنطقة كثيرا واستنزف طاقاتها".
وتابع: "نحن نسعى مع كل الأطراف التي تستطيع أن تدلي بدلوها في هذا الموضوع، ونعتبر أن أمريكا هي القوة الرئيسية القادرة على دفع عملية السلام إلى آفاق أفضل.. ونستطيع نحن العرب بجهودنا أن نقنع الرأي العام الإسرائيلي بفوائد السلام التي يشكل السلام المصري - الإسرائيلي دليلا عليها.. وإن إيجاد حل للقضية الفلسطينية يدخل المنطقة في وضع جديد، وأشقاؤنا في الخليج يتفهمون هذه المسألة".
وعن العلاقات الأمريكية والروسية قال الرئيس السيسي: "نحن نعتبر العلاقات مع أمريكا استراتيجية ولمصلحة الطرفين، ونحرص على أن تكون مستقرة، ولعل هذه العلاقة تعرضت في 2011 لضغوط، لكنها في عهد الرئيس ترامب ستعود إلى ما كانت عليه وستزيد".
وتابع: "أما علاقاتنا مع كل دول العالم جيدة، وهي طيبة مع روسيا والصين أيضًا.. وإن عصر الاستقطاب قد ولى، وتهتم الدول اليوم بتنويع علاقاتها وتوسيع مجالات التعاون.. وليس من الضروري أن تكون العلاقات مع دولة على حساب العلاقات مع دولة أخرى.. والحقيقة أننا نحتاج إلى التعاون في مجالات عدة، بينها مكافحة الإرهاب، وهو أخطر عدو لنا.. لهذا يجب أن يواجه باستراتيجية شاملة متعددة المحاور ولا تقتصر على البعد الأمني.. ولطالما رفعنا الصوت وحذرنا من أن الإرهاب هو العدو الأول للبشرية، وإنه سلاح خبيث استخدم لهدم الدول وتدميرها".
وعن سد النهضة قال الرئيس: "موضوع مياه النيل موضوع حيوي وحساس جدًا.. ونحن نقاربه على قاعدة الحفاظ على مصالح مصر وتفهم مصالح الآخرين.. ولا نبالغ حين نقول إن النيل بالنسبة لنا قصة حياة أو موت.. الموضوع حساس كما قلت، والتعاون فيه يحتاج إلى المثابرة للوصول إلى معادلة تفيد كل الأطراف، وهذا جوهر سياسة مصر في هذا الموضوع".
وعن إعجابه ببعض الشخصيات قال الرئيس: "الحقيقة أنا معجب بالجنرال شارل ديجول.. لقد عاش دائما جنديا في خدمة بلاده ووضع مصلحة فرنسا فوق كل اعتبار.. ومصر ثروة حقيقية من الشعراء والكتاب الكبار.. وبالنسبة لي يأتي في طليعتهم أحمد شوقي".
وتابع: "أنا في هذا المجال ابن جيلي، وثروتنا الفنية هائلة، وبالنسبة لي أنا أحب أم كلثوم وعبدالحليم حافظ.. والحقيقة أن مصر أنجبت تجارب فنية رائعة، كما أنها كانت نقطة جذب لعدد غير قليل من الفنانين العرب الذين جاءوا واندمجوا في مناخها الثقافي والفني، كما أني لا أحب الألوان الغامقة".