الثلاثاء 04 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الضوابط المفقودة في نظام الاقتصاد الحر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت عملية الجدل الواسع النطاق التى أعقبت زيادة أسعار كروت شحن المحمول الأسبوع الماضى، عن الترهل الشديد فى منظومة ضبط الأداء فى سوق السلع والخدمات، وتكشف بجلاء أن العملية أشبه بـ«مولد» الغلبة فيه لصاحب الصوت الأعلى أو الذى يستطيع أن يصل لأكبر عدد من وسائل الإعلام المختلفة.
هذا التوصيف لم أكتشفه بشخصى ولم أطلقه بدوافع شخصية ضد التحول تجاه نظام الاقتصاد الحر، ولكن هذه هى الحقيقة المؤسفة التى تكشفت عقب اشتعال أزمة كروت الشحن، وجسدها الخلاف العميق فى الرأى بين اثنين من رؤساء الأجهزة الرسمية المعنية بالأمر، الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وجهاز حماية المستهلك.
فالأول الدكتور السيد عزوز نائب رئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، خرج إلى الرأى العام عبر وسائل الإعلام المختلفة وخاصة شاشات الفضائيات وبرامج التوك شو، متبنيا ومتعاطفا مع إقدام شركات المحمول على زيادة أسعار كروت المحمول زيادة صارخة وليست منطقية، وبدا الرجل الذى من المفترض أنه يُدير جهازا تابعا للدولة بالأساس ودوره منظم بل ورقيب على عمل وممارسات شركات التليفون المحمول، بدا مدافعا وبانفعال شديد عن شركات المحمول، قال إن الشركات تكبدت تكاليف كثيرة فى شراء قطع الغيار بالدولار بعد تعويم سعر الجنيه، وتكبدت تكاليف كبيرة أيضا بعد زيادة أسعار استخدام الوقود، ولمزيد من تخويف أى متابع لوح نائب رئيس جهاز تنظيم الاتصالات بالمشروعات القومية وشبكة الطرق وقال: إننا نحتاج من هذه الشركات تكثيف تغطياتها فى هذه المناطق، وزادت حدة انفعال السيد نائب رئيس جهاز تنظيم الاتصالات عندما كان يدافع عن شركات المحمول، قائلا: أنا مش عاوز أقول يعنى ده فيه شركة من شركات المحمول خسرانة السنة دى، ورفض أن يسميها!
أما المسئول الثانى وهو اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك، فقد اتخذ الموقف المضاد تماما لموقف نائب رئيس جهاز تنظيم الاتصالات، وبدا اللواء يعقوب، عبر وسائل الإعلام أيضا، مهاجما وبشدة الزيادات غير المنطقية التى قررتها شركات المحمول على كروت الشحن، وألمح فى هجومه ـ دون أن يصرح مباشرة ـ إلى جهاز تنظيم الاتصالات، وقال يعقوب هذه الزيادات غير منطقية وليس لها ما يبررها واستهدفت الفئة الأكثر احتياجا.
وكما فعل سابقه، جنح يعقوب إلى إدخال اسم الرئيس فى هجومه على شركات المحمول وجهاز تنظيم الاتصالات، وقال إن هذه الفئة المتضررة من زيادة أسعار كروت الشحن هى الفئة التى يسعى الرئيس وبكل جهده لتخفيف الأعباء عليها، وزاد عندما قال: أمال فين بقه الشعب الذى لم يجد من يحنو عليه!!
المهم.. أن هذا التباين فى الآراء بين هذين المسئولين، المعنيين بشئون المستهلك وحمايته، يكشف إلى أى مدى عدم وجود آليات واقعية تحقق ضبطا وانضباطا لسوق السلع والخدمات.
والحقيقة أن ما حدث مؤخرا فى مسألة كروت الشحن، حدث خلال السنوات القليلة الماضية، فى غالبية السلع الاستراتيجية وخاصة السلع الغذائية، فقد رأينا وتابعنا ماذا فعل منتجو ومستوردو الدواجن، ورأينا وسمعنا ماذا فعل مستوردو وتجار القمح والأرز.. ألخ.
للأسف لقد كان تحول الدولة تجاه نظام الاقتصاد الحر أو المفتوح، تحولا شكليا فارغا من أى محتوى، لا يتيح للدولة التدخل الحاسم بأى صورة لمواجهة عمليات الاستغلال والمتاجرة بالناس وبدت الحكومات المتعاقبة وكأنها تركت الناس، وخصوصا الفئات الأقل قدرة، صيدا سهلا فى أيادى غالبية التجار والمستوردين.
وبالمناسبة فاتنى أن أنوه إلى أن هناك جهازا معنيا بضبط أداء مستوردى ومصنعى وتجار السلع الأساسية، ولكنه غافل أو غائب دون مبرر أو عذر مقبول.. إنه جهاز منع الاحتكار والممارسات الاحتكارية.