رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خطوات على طريق الإصلاح الاقتصادي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ نوفمبر الماضي حصلت جمهورية مصر العربية على عدة دفعات بقيمة أربعة مليارات دولار ومن المقرر أن تحصل على الدفعة الثالثة بقيمة اثنان مليار دولار فى الربع الأخير من العام الحالى ليكون إجمالي ما حصلت عليه الدولة المصرية من قرض صندوق النقد حوالى ستة مليارات دولار، أي خمسين بالمائة من قيمة القرض الذى وقعته جمهورية مصر العربية مع البنك الدولي بقيمة اثنى عشر مليار دولار، ومن المتوقع أن تستلم الدولة المصرية دفعتين أخرتين فى العام 2018 بينما من المقرر الحصول على آخر دفعة فى مارس 2019.
لا شك أن الدفعة الجديدة التي تنتظرها الدولة المصرية خلال الشهور القليلة القادمة قد ينظر لها البعض على أنها مجرد مبالغ مالية سيتم إضافتها للاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، ولكن تلقى الدولة المصرية لهذه الدفعة له بعد أعمق من ذلك بكثير، حيث يعنى ذلك أن الدولة المصرية حققت ما يقرب من الخمسين بالمائة من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهو البرنامج الذى بدأ أول خطواته بإعادة صياغة منظومة الدعم، ثم الخطوة الأهم والتي تم تنفيذها وهى تحرير سعر الصرف للعملات الأجنبية والقضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي، وهو ما أدى إلى توحيد سعر صرف الدولار محليا، واستيعاب السيولة الموجودة في السوق المحلى، والتي كان يتم تداولها خارج الأطر الرسمية للبنوك.
أيضا تحقيق هوامش في الموازنة سمحت بزيادة حجم المخصصات للبرامج الاجتماعية لمساعدة الفئات التي تضررت من الخطوات الأولى لعملية الإصلاح الاقتصادي من خلال زيادة حجم المخصصات التموينية وزيادة المعاشات وعلاوة الغلاء وبرنامج تكافل وكرامة، وهي برامج مرنة تستند إلى قاعدة بيانات سمحت بدخول فئات جديدة تستحق الدعم وخروج فئات أخرى من الخاضعين لمظلة الدعم والتي لم تكن من الفئات التي تستحق الحصول عليه من الأساس.
اعترف صندوق النقد الدولي في مؤتمر صحفي أن برنامج الإصلاح الاقتصادي له مخاطر وأن الحكومة تتحمل حاليا أعباء هذه المخاطر وأنها فى مرحلة السيطرة على هذه المخاطر والتي تتمثل تحديدًا فى التضخم الذى نتج عن تلاعب التجار فى السوق السوداء بالعملات الأجنبية وجشع التجار للحصول على مكاسب ضخمة سواء على مستوى السلع المحلية أو التى يتم إستيرادها. كل هذه التبعات كانت تقل حدتها إذا ما تم معالجتها فى أوقات سابقة بشكل صحيح وبشفافية، ولكن الحكومات السابقة كانت تفضل استقرار أوضاعها على تحمل مسئولية الإصلاح الاقتصادي لعدم قدرتها على المواجهة وتحمل رد فعل تلك القرارات الصعبة.
اللحظة الحالية تفتح الحكومة المصرية كل الملفات لتكون عملية الإصلاح الاقتصادي بالتوازي فى جميع القطاعات التى تمثل أعباء على الموازنة العامة للدولة، بداية من مراجعة دعم السلع التموينية ومستحقيها وكذلك دعم الطاقة للمرافق والخدمات وتحرير سعر الصرف.
لقد مرت المرحلة الحرجة من برنامج الإصلاح الاقتصادي على مستوى المواطن البسيط فى المجتمع المصرى، ولكن يبقى استكمال باقى البرنامج للحفاظ على مرونة منظومة سعر الصرف وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ووضع آليات ضبط السوق والحفاظ على مرونة برامج شبكة الضمان الاجتماعي.
فى هذه المرحلة يستحق التحية والتقدير في المقام الول المواطن المصري الذي تحمل ما يكفي من ظروف اقتصادية صعبة أثرت بشكل مباشر على حياته وتحمل مسئولياته وتحلى بالشجاعة الكافية لمواجهة تبعات تلك القرارات الاقتصادية الضرورية لإتمام عملية الإصلاح، ولن نخوض فى حق المسئولين الذين يتهربوا من مسئولياتهم فى هذه اللحظة الحرجة وقرروا الانزواء والهروب والتخفي حفاظا على مناصبهم التي لن يطول بقائهم فيها كثيرا.