الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الأعلى للثقافة".. شيخ يبحث عن شبابه "ملف"

المجلس الأعلى للثقافة
المجلس الأعلى للثقافة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ إنشائه فى عام ١٩٥٦، وتولى أمانته عدد من المثقفين البارزين حتى آلت حاليا إلى الدكتور حاتم ربيع، إلا أن المجلس الأعلى للثقافة ما زال لم يحظ برضا الكتاب والفنانين، خاصة أولئك الذين يبعدون عن القاهرة بمئات الكيلومترات، ويرون أنه رغم تعدد لجانه ومهامه، إلا أنه لم يضف إليهم أو إلى الثقافة ما يرجوه من هذا الكيان إلى الآن، حيث يعد منصب الأمين العام للمجلس الذى يعينه وزير الثقافة باعتباره رئيس المجلس، من أهم المناصب فى الوزارة كلها، لأنه بمثابة المايسترو الذى يشير بعصاه إلى الجوقة التى تعزف ليحدد المهام والأولويات، وأداء كل لجنة من اللجان، ومنصبه لا يقل خطورة عن منصب وزير الثقافة، لأن دور الوزير حسب ما هو مفترض، إنما يتلخص فى تنفيذ السياسات العامة التى يرسمها المجلس، إلا أن الواقع يشير إلى أنه مجرد تابع للوزير، وليس موجهًا له، باعتبار أن من يملك التعيين يملك العزل من المنصب.
أيضا أداء اللجان التابعة للمجلس عليها علامات استفهام وملاحظات كثيرة مادفع «البوابة» لفتح هذا الملف فى ظل استعداد المجلس لاستقبال التشكيل الجديد خلال الأيام المقبلة.


مثقفون يطالبون بنقل تبعية «المجلس» إلى رئاسة الوزراء 
أكد عدد من المثقفين أن أداء المجلس يتطلب إعادة الهيكلة، ليتم ترتيب البيت من الداخل، مطالبين بتبعيته إلى مجلس الوزراء، وعدم إقامة أى ندوات أو مؤتمرات لأنها مهمة مؤسسات أخرى تقوم بهذه التفاصيل.
من جانبه، قال الشاعر أشرف البولاقي: «جرى على المجلس ما جرى على كثير من مؤسسات وزارة الثقافة من عدم استقرار وثبات أمين عام له فترة طويلة، ليتمكن من ترك بصمة واضحة، وجرى تغيير أمينه العام أكثر من مرة خلال فترات قصيرة جدًا، وهو ما انعكس بالسلب عليه كمؤسسة، وليس أدل على ذلك من اللغط والارتباك اللذين يسودان قراراته ولجانه، وتكفى نظرة واحدة على أسماء أعضاء لجانه ليتساءل المرء مندهشًا مَن هؤلاء؟ وما صفتهم؟!؛ وما الأسس والمعايير التى على أساسها تم اختيار الكثيرين منهم؟».
وتابع البولاقي: «يحتاج المجلس الأعلى للثقافة إلى أمين عام مثقف، له حضوره على الساحة العربية والمصرية، وله مؤلفاته وحركته فى الوسط الثقافى، ويحتاج هذا الأمين إلى ثقة رؤسائه ليتيحوا له الوقت الكافى للعمل ومن ثم المحاسبة بعد ذلك».
وأضاف: «المجلس الأعلى للثقافة فى حاجة شديدة لتطهير كثير من لجانه، وإعادة النظر فى لوائحه التى تتيح لأمينه العام اختيار مَن يشاء كأعضاء فى هذه اللجان دون وجود جهة رقابية تتساءل عن معايير الاختيار، كما يحتاج إلى إعادة قراءة خارطة المشهد الثقافى المصرى مرة أخرى، والعودة إلى الاهتمام بالسياسة الثقافية، وليس بالنشاط الثقافى، على أن يلزم هيئات وزارة الثقافة بتنفيذ تلك السياسات».
وقال: «أخيرًا أتصور أن أكبر تحدٍ يواجه المجلس الأعلى للثقافة هو ضرورة مراجعة واجهته الأولى فيما يعرَف بفضائح وكوارث جوائز الدولة، تلك التى تثير من الأسئلة واللغط والسخرية ما تثيره منذ أعوام بسبب ما يحدث من ملابسات أثناء عمليات الترشيح والتصويت والاختيار، وهو ما دفعت ثمنه الثقافة المصرية غاليًا جدًا».
فيما طالب الناقد محمد الروبي، بضرورة إعادة هيكلة المجلس الأعلى للثقافة، عن طريق الإجابة على سؤالين مهمين وهما: ما طبيعة ودور هذا المجلس الذى هو (أعلى)،؟ والثانى: إلى أى جهة يفترض أن يتبع هذا المجلس؟
وأضاف الروبي: «أعتقد أن المجلس الأعلى، وبما أنه «أعلى» ليس دوره إقامة الندوات والمسابقات ولا طباعة الكتب، كما نرى الآن، ولكن مسئوليته الأساسية كما أتصورها هو وضع الاستراتيجية الثقافية العامة والشاملة، وأن يراقب أعضاؤه المشكلون الذين من المفترض أنهم نخبة الثقافة المصرية فى مجالاتها المختلفة، كيفية تنفيذ هذه الخطط عبر الهيئات الثقافية، وعلى رأسها وزارة الثقافة».
وتابع الروبي: «إن الهيكلة تكمن فى ضرورة أن يخرج المجلس الأعلى عن وصاية وزارة الثقافة، وأن يتبع رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء»، مقترحًا أن يتم تشكيل هيئة المجلس من قامات ثقافية كبيرة لها إسهامات مشهود لها فى المجالات الثقافية المختلفة، إلى جانب ممثلين عن وزارة التربية والتعليم، ومن اتحاد الإذاعة والتليفزيون، على أن يكون من حق هذا المجلس حق المحاسبة على عدم تنفيذ الخطة السنوية.
أما الناقد ياسر جاد فقال: «تأتى ماهية المجلس الأعلى للثقافة بمثابة ماهية هيكلية تأخذ حيزا من الفراغ الثقافى الحالى دون تحقيق أدنى فائدة.
على الرغم من كونه يضم عددا من القامات الثقافية والفنية الجيدة والفاعلة على مستويات موازية، ولكن تبقى مشكلته الرئيسية وإن لم تكن الوحيدة، وهى أنه لا يمتلك قوة القرار، فهو بأفكاره ومفاهيمه ورؤيته الثقافية والفنية لا ينفك عن كونه مجلسا استشاريا تضرب بآرائه عرض الحائط من قبل موظف منغلق الفكر لا يملك مرونة المواءمة بين قوانينه العتيقة والجامدة وبين أطروحات لجان المجلس الأعلى للثقافة، التى بلا شك تحمل بعضا من بصيص الأمل فى التطوير والتجديد للخطاب الثقافى والفنى.
فكل لجانه مهما اجتهدت وثابرت وعملت على وضع استراتيجيات ثقافية تهدف إلى تطوير الخطاب الثقافى، نجد حائط البيروقراطية الحكومية حائلا بين تلك الاستراتيجيات وفعل التطبيق على أرض الواقع الثقافى المنهار».
وأضاف جاد: «بالعودة إلى أصل المشكلة، نجد أنفسنا فى حيرة لفهم وضعية المجلس الأعلى للثقافة بلجانه المتعددة وما يشغله من مكان على خريطة المنظومة الإدارية للثقافة المصرية، كما نجد عجز وزير الثقافة الواضح والمتكرر فى حسم تلك الإشكالية، بل نجده واحدا من هؤلاء الموظفين الذين يضربون بتوصيات المجلس الأعلى للثقافة عرض الحائط، إذا كانت تلك التوصيات تخالف سياسته، والتى غالبا ما تكون وفق وجهة نظره الشخصية، وليست وفق خطط ثقافية (طويلة / متوسطة / قصيرة) المدى، ورغم كونه مشاركا فى تلك الأزمة من زاوية أخرى، وذلك من خلال مجاملاته بتعيين بعض أشخاص فى تلك اللجان، وهم مع الاحترام لشخوصهم لا يمتلكون مهنية واحترافية المستشارين.

هل تستمر «ثقافات الشعوب».. بعد تغيير لجنة الترجمة ؟
توقيع بروتوكول التعاون بين المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة، لإطلاق سلسلة جديدة من الكتب المترجمة التى تعنى بثقافات الشعوب، وهى المرة الأولى التى يصدر فيها المجلس كتبا مترجمة، الكثير من المتابعين، إلى التساؤل عن أهمية هذه السلسلة، وما إذا كانت «سبوبة»، خصوصا أن هيئة الكتاب تصدر سلسلة «الجوائز»، وهى معنية بالإصدارات المترجمة، كما تصدر هيئة قصور الثقافة سلسلة «آفاق عالمية» تعنى بنفس الأمر، وتعانى من أزمة مالية تتسبب فى عدم صدور أعدادها الشهرية بانتظام.
وقد اعترضت اللجنة العليا للنشر بوزارة الثقافة على تعدد هذه السلاسل، واختصت المركز القومى للترجمة بذلك، باعتباره الجهة الوحيدة لنشر الإصدارات المترجمة.
واللافت أن السلسلة الوليدة سيكون النشر فيها مقصورا على أعضاء لجنة الترجمة بالمجلس، وهو أمر له دلالات كثيرة، لأن هذه اللجنة «استشارية» ليس لها دور تنفيذى، ليثور تساؤل: كيف تخلق لأعضائها عملًا تنفيذيًا تختص نفسها به؟ وهل معنى ذلك أننا سوف نرى لجنة المسرح تنتج أعمالا مسرحية، ولجنة القصة تصدر مجموعات قصصية، ولجنة الشعر تنتج دواوين شعرية، أم أن الأمر سيقف عند هذا الحد؟
برر الدكتور أنور مغيث، رئيس المركز القومى للترجمة، إطلاق هذه السلسلة بأنها لها خصوصية، إذ ستصدر أعمالا تتناول تراث الشعوب من الحكايات والأساطير، وستكون تكلفة إصدارها مقتسمة بين المركز والمجلس الذى يضم لجنة ترجمة، أعضاؤها لهم باع فى الترجمة عن لغات متعددة.
وحضر توقيع البرتوكول كل من المستشار أحمد السيسى، المستشار القانونى للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور محمد حمدى إبراهيم، مقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، والكاتب محمد ناصف، رئيس الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات، والدكتور عبد الرحمن حجازى، مدير إدارة التحرير والنشر بالمجلس، وعزة أبو اليزيد المسئول عن إدارة التحرير والنشر.

منح التفرغ.. محاولة للخروج من جحيم المثقفين
ألاعيب عديدة قامت بها وزارة الثقافة، خلال اختيار الفائزين بمنح التفرغ هذه الدورة، والتى كان يعتبرها الكثير من الأدباء فى عصر مبارك، بابا من أبواب «حظيرة المثقفين»، ويبدو أن الوزارة تسعى إلى أن تعيد الأمور إلى سابق عهدها، تحت ذرائع عديدة.
وبعد أن دأبت إدارة المسابقات والجوائز خلال العامين الماضيين على وضع قواعد صارمة للجنة لاختيار الفائزين بالمنح، وكان الحد الأدنى للاختيار هو حصول المتقدم على ٦٥٪ من درجات اللجنة فى الفروع الثلاثة «الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية» دون أى تفرقة بين المتقدمين فى كل المجالات، إلا أن هذه الدورة شهدت كسرا لهذه القاعدة، حيث خفضت اللجنة نسبة الحصول على المنح فى فرع الآداب إلى ٦٠٪، بينما ارتفعت بالنسبة فى فرع الفنون إلى ٨٥٪، وهو الأمر الذى فسره البعض بأنه يجافى منطق العدالة فى توزيع المنح، ويقدمها باعتبارها هبات ورشاوى، يتم تقسيمها حسب المزاج، وليس وفق شفافية وقواعد معروفة يتم تطبيقها على الجميع.
وقد رفض وزير الثقافة هذا الاقتراح، عندما عرض عليه قبل موعد إعلان الجوائز، لكن الأمر تم تمريره والتصديق عليه «دون أن يعلم» فى شكل توصيات للجنة التحكيم والاختيار، وهو ما ينافى الوائح التى تسير عليها الجائزة.
ويفسر البعض هذا الأمر باعتباره محاولة لتوريط الوزير، خاصة إذا علمنا أن ميزانية المنح تبلغ ٦ ملايين و٤٠٠ ألف جنيه، والنتيجة النهائية ترتب عليها توفير مليونى جنيه يرجح أن يتم ضخها فى بند الاستثناءات، وهو بند يسمح بالاختيار المباشر دون أى ضوابط، عن طريق الاستثناءات.
وأكد الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف، مدير الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات السابق، أن هذه التفاصيل تخص اللجنة فقط، وهى «شغل داخلي»، والقانون لا يمنع مثل هذه التنظيمات، واللائحة تحدد عدد المنح التى تقدمها الإدارة، ومن يحدد الفائزين وشروط فوزهم هى اللجنة العليا، كما أن الوزير يملك الاستثناءات حسب القانون، واللجنة تستطيع أن ترفع القبول للدرجة التى تراها ملائمة وفق الميزانية.
وأشار إلى أن الميزانية التى سيتم توفيرها ستصرف على الأنشطة المصاحبة للنتيجة طوال العام، مثل «صالون التفرغ ومؤتمر المتفرغين ومعارض الإبداعات والتجوال للمثقفين بالأقاليم»، مؤكدا أن تغيير نسب القبول يعود إلى تقليل الفائزين فى مجال الفنون التشكيلية، لأن عددهم كان سيصل إلى ٢٢٠ فنانا، وهو رقم يصعب على الوزارة توفير ميزانية له.

الأمين العام: لن أجامل أساتذة عين شمس.. لأنى ضد الشللية
أكد الدكتور حاتم ربيع، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، أنه يسعى خلال الفترة الحالية لتلافى كل السلبيات التى وجهها المثقفون للمجلس، مشيرا إلى أنه سيشكل لجنة لمتابعة التطوير ومتابعة التوصيات التى صدرت خلال الفترة الماضية عن المؤتمرات التى نظمها المجلس، مثل مؤتمر تجديد الخطاب الثقافى وملتقى النقد وغيره من المؤتمرات، وكذلك التوصيات التى صدرت عن اللجان حتى تتم الاستفادة منها ولا تذهب هباء.
وأضاف ربيع: «من الأمور التى سوف أركز عليها خلال دور الانعقاد الجديد، سيكون العمل على التنسيق والربط بين اللجان المختلفة، حتى لا تعمل اللجان بشكل منفرد، فمثلا لجنة القصة لا يجب أن تتماس مع لجنة الشعر أو الرواية وهكذا».
أما عن كيفية تشكيل اللجان خلال الفترة المقبلة، فقال: «لن أختار أعضاء لجان المجلس، وإنما سيختارهم مقررو اللجان الذين سنختارهم خلال الفترة المقبلة وفق آليات محددة سيتم الاتفاق عليها خلال الفترة المقبلة»، نافيا فى الوقت نفسه أن يتم اختيار الأعضاء من هيئة تدريس جامعة عين شمس التى ينتمى لها ربيع، لأنه كان ينتقد هذه التصرفات وكان ينتقد الشللية فى الاختيارات، ويطالب بضرورة الشفافية، فكيف يأتى نفس الأعمال التى كان يطالب بتغييرها؟.

أصغر عضو بالمجلس: نعانى من الانفصال عن الشارع
أكد مصطفى عز العرب، أصغر عضو فى المجلس، وينتمى للجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، أن المجلس يعانى مما يعانى منه القطاع الإدارى فى الدولة من روتين، إضافة للانفصال عن الواقع المجتمعى.
وقال: «إن تأثير المجلس ينتهى عند باب المدخل، رغم وجود كفاءات إدارية ومجموعة من المثقفين الكبار، غير أن هناك نوعًا من البعد عن الشارع، قائلا: «أتحدث هنا من رؤية ووجهة نظر الجيل القادم الشباب الذى أوصى الرئيس السيسى بدعمه».
وأضاف عز العرب: «لا أنكر أننى أحيانا أتلقى الدعم والتشجيع من أصحاب الرؤى، لكن دائما ما يحدث الصدام مع الروتين العقيم والحركة الحكومية البطيئة، وفوق هذا كله ليس هناك ثقة بالشباب من كثيرين من القيادات والمثقفين الكبار، ولا أعلم لماذا، مع أن شباب اليوم تتاح لهم كمية ضخمة من المعارف تسمح لهم بالاكتساب السريع».
وتابع عز العرب: «على الكبار أن يأخذوا الصغار تحت أجنحتهم، لأن هذا سيضمن تسليم الراية من جيل إلى جيل بطريقة شرعية، وسيضمن للكبار الاستفادة من ابتكارات الصغار، ولا أنكر أننى قد تعرضت للتهميش أحيانا، لكن بدعم الكثيرين استطعت أن أتخطى تلك المرحلة، فأصابع اليد ليست مثل بعضها، وأشكر وائل حسين، المسئول عن أمانة المؤتمرات ودكتور أمل الصبان، ودكتور أبو الفضل بدران أمناء المجلس السابقين، لأنهم لولا دعمهم لما كنت حققت شيئًا أو أصبحت أصغر أعضاء المجلس سنا».