السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل نحن جادون في مكافحة الإرهاب؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قولًا واحدًا: مصر غير جادة فى مواجهة الإرهاب.. والذى أقصده بالإرهاب هنا هو تيارات الإسلام السياسى، بل لن أكون مبالغا إذا قلت إن ما نشاهده الآن تحت لافتة «مواجهة الإرهاب»، هو فى الحقيقة حرث وتهوية وتسميد لتربة بكر، كى ينمو فيها التطرف الدينى بصورة أشد شراسة.
تتبع ودقق فى تاريخ الأسماء التى تتولى مناصب يقال لنا إنها تواجه الإرهاب، ستكتشف بوضوح تام أنها تعمل فى مصلحة جماعات الإسلام السياسى، حتى ولو أقسم القائمون والداعمون لهذه الهيئات والجهات أنهم ضد الإرهاب.
بعيدًا عن التجريد والتعميم، سنضرب مجرد مثال واحد ووحيد لاسم من أبرز هؤلاء والذى يقدم كرمز من رموز الاستنارة لمواجهة الإسلام السياسى وهو د. صلاح فضل الحاضر دومًا فى ندوات وملتقيات ومؤتمرات تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الإرهاب.
بمجرد معرفتى بكتابه: «وثائق الأزهر.. ما ظهر منها وما بطن».. الصادر عن «دار بدائل»، سعيت لقراءته لأقف على خلفيات هذه الوثائق المعنية بالدولة المدنية وتجديد الخطاب الدينى.
لكن أثناء قراءة الكتاب، وجدت ما هو أخطر من الأزهر ووثائقه.. وجدت أن صلاح فضل نفسه إرهابى - باعترافه -.
وإذا كنا جادين فى مواجهة الإرهاب، فيجب أن يطبق عليه قانون الإرهاب بدلًا من دعوته لتجديد الخطاب الدينى، ومواجهة جماعات التطرف الدينى، فالرجل «عضو محب» لتنظيم الإخوان الإرهابى.
لكن قبل الحديث عن هذه النقطة، نشير إلى أمر ورد فى الكتاب يجب التوقف عنده لأهميته. 
خصص المؤلف - الإرهابى المستتر - فصلًا بمثابة سيرة ذاتية مقتضبة صب خلاله جام غضبه على الأزهر ومناهجه. 
فى البداية أوضح أنه درس بالأزهر كُرهًا بعد وفاة والده الذى كان أزهريًا ومن ثم قرر جده إلحاقه بالأزهر عوضا عن الفقيد - والد صلاح فضل - لكن العجيب أن «الناقد الإرهابى» يعلل غضبه من قرار جده لحرمانه من الدراسة مع فتيات قريته فى المدارس الحكومية، لأنه كان يحب التقرب إليهن وما زال حتى اليوم وفى فقرة أخرى قصّ علينا مغامراته فى تتبع ومصاحبة فتيات دار العلوم.. يعنى بوضوح شديد الرجل ناقم على الأزهر لأنه «يحب الجنس الناعم».
ويبدو أن «الشيخ صلاح» لم يسمع بمقولة: إن كنت كذوبًا فكن ذكورًا.. فرجل فى مثل عمره - متعه الله بالصحة - ينتمى إلى إحدى قرى الدلتا يستحيل أن تكون طفولته - أربعينيات القرن الماضى - وبيئته قد شهدت تعليمًا مختلطًا حتى يصاحب الفتيات، هذا إذا سلمنا أن هناك فتيات كن يتعلمن وقتها من الأساس!
فى هجومه أيضا على الأزهر يقول الرجل إنه دخل دار العلوم هربًا من الأزهر مثلما هرب طه حسين إلى كلية الآداب للغوص فى اللغة العربية!
ولو أن «فساد فضل» كان صادقًا، لنقل ما قاله طه حسين عن دار العلوم فى مقدمة كتابه «فى الأدب الجاهلى»، حيث طالب عميد الأدب العربى بإغلاق دار العلوم، لأنها تفسد الذوق العربى، بل إن طه حسين قال فى الكتاب ذاته إن الأزهر قبل أن تطاله يد التطوير، كان يربى الذوق العربى السليم لدى الطلاب وضرب أمثلة من دراسته هو.. «فساد» هذا هو الاسم الذى كان يطلقه عليه شيوخه فى الأزهر بدلًا من «صلاح»، وكان يثير إعجابه لظرفه.
فضلًا عن ذلك فدار العلوم هى مهد الإرهاب فى العصر الحديث فمنها تخرج مؤسسا الإرهاب الدينى العالمى.. حسن البنا وسيد قطب.
وفى سياق آخر يخبرنا «الشيخ صلاح» - أبوعمة مايلة - أنه كان يصلى مع جده الفرائض كلها وأكثر من ٤٠ ركعة تطوعًا، وذات مرة قال له جده: أخشى ألا تركعها عندما تكبر.. ثم يعقب: وهذا ما حدث بالفعل!
طبعًا لـ«فساد» أن يحب الجنس الناعم وألا يركعها، لكن السؤال: أمثل هذا الرجل يدعى فى الأزهر لتجديد الخطاب الدينى؟ إن من يقول هذا الكلام الأنسب له أن يجلس فى «مجالس الأُنس» لا «مجالس تجديد الخطاب الدينى»، لكن كل ما سبق «كوم» والآتى «كوم» آخر.. فعندما أجاب «الناقد الكبير» - الذى لا يجيد نقدًا ولا صرفًا - عن سؤال: لماذا لم يصبح متطرفا؟ قال نصًا: الشيء المؤكد فى وجدانى الآن هو «أن الجرعة الدينية المكثفة التى تطعمت بها وتشبعى بالنص القرآنى والبلاغة النبوية والمكتبة الإخوانية، هى التى أدين لها اليوم بوقايتى من الإصابة بأمراض الهوس الدينى».. فالذى حمى «فضل» من الهوس الدينى المكتبة الإخوانية.
ويوضح تحديدًا ما الذى يقصده بالمكتبة الإخوانية، فيشير إلى كتب: سيد قطب ومحمد قطب وعبدالقادر عودة.. وهؤلاء تعرف عليهم فى مكتبة عمه الإخوانى.
ما هذا يا مصر؟ أبمثل هذه الأشكال تواجه مصر جماعة الإخوان الإرهابية؟ كيف يترك هذا «الكاتب العقور» ليدرس فى الجامعات المصرية ويشرف على رسائل الطلاب؟ ماذا لو كتب أحد الطلاب الذين يدرس لهم «فساد فضل» أو يناقش رسائلهم الجامعية أن عبدالقادر عودة كان متطرفا؟ المؤكد أن فضل سيغلط الطالب ويعلمه أن عودة كان رجلًا معتدلًا.
لم يكن ما سبق مجرد أمر هامشى، فعلى امتداد سيرته تجد مثلًا حديثه عن عطف ورقة سيد قطب وغضبه من إعدامه وذكريات مع كوادر إخوانية تدل على اندماجه فى التنظيم، فضلًا عن إعجابه بأدباء الإخوان!
بل إن الرجل حل لغزًا كان مستعصيًا علىّ - وأظنه استعصى على كثيرين - وهو: لماذا دافع العلامة الأزهرى الراحل د. محمد عبدالله دراز عن الإخوان خلال ستينيات القرن الماضىرغم أنه ليس إخوانيًا؟ حيث كشف لنا صندوق أسرار «الإخوانى القرارى» -صلاح فضل - أن دراز كان متزوجًا من سيدة إخوانية، وكان صهرًا للباقورى.
الخلاصة: ستكون مصر جادة فى مواجهة الإرهاب، عندما تتخلص من هؤلاء المنافقين والأفّاقين.