الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة سبورت

"كوبر" وعالم المدربين وجديد الكتب في ثقافة الساحرة المستديرة

 المدير الفني لمنتخب
المدير الفني لمنتخب الفراعنة هيكتور كوبر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بات المدير الفني لمنتخب الفراعنة هيكتور كوبر، موضع جدل صاخب بين النقاد والمعلقين الرياضيين عقب خسارة المنتخب الوطني مؤخرا بهدف واحد امام منتخب تونس الشقيقة في المحطة الأولى لتصفيات بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المزمعة عام 2019 فإنه لا يشكل استثناء في عالم الساحرة المستديرة وثقافتها.
واذا كان الأرجنتيني هيكتور كوبر المدير الفني لمنتخب الفراعنة قد أعرب عن تفاؤله رغم الخسارة، مؤكدا على ثقته في قدرة فريقه على التعويض خاصة وان مسيرة التصفيات مازالت في بدايتها فإن الكتب الجديدة عن عالم مدربي كرة القدم تتوالى لتشكل علامة في الثقافة الرياضية بالغرب.
ومن هذه الكتب الجديدة كتاب "الحياة فوق البركان.. اسرار البقاء كمدير كروي" للكاتب والناقد الرياضي مايكل كالفين وبمقدمة لأرسين فينجر المدير الفني لفريق ارسنال الانجليزي وهو كتاب صدر بالانجليزية ليسرد ملامح مسيرات ورحلات المسير والمصير لأكثر من 20 مديرا فنيا في فرق كروية ذات مستويات مختلفة ودوريات مختلفة في اللعبة الجميلة.
كتاب بديع حول ثلة من المدربين مثل بريندان رودجرز المدرب السابق لفريق ليفربول وروبيرتو مارتينيز الذي كان مديرا فنيا لفريق ايفرتون كما درب فريق سوانزي سيتي وكريس هوتون المدرب السابق لفريق نوريتش سيتي.
وبين هؤلاء المدربين من يضرب الحائط بقبضة يده في غمار الغضب ومن يشكو من شعوره بأنه غريب في نظر من يحبهم وآخر يعترف بأنه كان يفضل لو احترف التدريب في لعبة الكريكيت بدلا من الساحرة المستديرة بمفاجآتها وغرائبها التي قد تكون صادمة وأحيانا مهينة كما حدث عندما خسر فريق الأرسنال بخمسة أهداف أمام بايرن ميونيخ بينما لم يسجل سوى هدف واحد في مرمى منافسه الألماني !.
ذلك طرف من عالم المدربين الذين يعيشون "فوق البركان" حسب عنوان هذا الكتاب الذي حظى باعجاب المدرب الفرنسي ارسين فينجر والذي وجد نفسه في الموسم الأخير للدوري الانجليزي الممتاز وايضا بعد واقعة خسارة مهينة لفريقه امام فريق بايرن ميونيخ الألماني في دوري ابطال اوروبا على فوهة بركان تتدافع منه حمم غاضبة من جانب جماهير مشجعي الأرسنال واحيانا من تعليقات بعض النقاد الكرويين!.
وكأن ارسين فينجر عندما كتب مقدمة هذا الكتاب كان يقرأ ماسيحدث معه وله بعد هزيمة فريقه امام فريق بايرن ميونيخ وهو يخاطب المدير الفني لأي فريق مستندا على تاريخه كأقدم مدرب في الدوري الانجليزي الممتاز:"في اي يوم واي مباراة قد تكون نهايتك" !.
تحدث هذا المدرب الموهوب بمرارة وبكلمات تنزف ألما عن الإرهاق الذهني وانعدام الشهية الكروية والقدرة على تذوق متعة تسجيل الأهداف لفريقه الكبير!!..واذا كانت نتائج الأرسنال في الموسم الأخير قد وضعت في نظر البعض مصير ارسين فينجر في مهب الريح فان هذا المدرب الفرنسي الكبير قد ظفر مؤخرا بتجديد تعاقده رسميا مع فريق ارسنال لمدة عامين.
كما وجد أوفياء يؤازرونه في محنته مثل اللاعب الفرنسي المعتزل تييري هنري الذي كان يوصف "بأيقونة الأرسنال" كما كان أحد أساطير برشلونة وأحد ملوك فن المراوغة على المستطيل الأخضر..فقد دافع تييري هنري عن مدربه السابق ارسين فينجر بقدر ما ألقى باللوم على لاعبي الأرسنال.
ولئن كان بعض النقاد والمعلقين المصريين قد انتقدوا هيكتور كوبر بشدة وتحدثوا عن حالة "الغيبوبة أو الانهيار الذهني التي أصابت منتخب الفراعنة أمام نسور قرطاج" وذهب الناقد والكاتب حسن المستكاوي إلى أن "الإرهاق الذهني" للاعبي منتخب الفراعنة وصل إلى المدى بعد دقائق قليلة من بداية المباراة فإن كوبر المدير الفني لمنتخب الفراعنة قد اعتبر ان لاعبيه لم يكونوا غائبين عن المباراة وكانوا الأفضل في الشوط الثاني.
وعلى اي حال فحالة الغياب او حتى "الانهيار الذهني" هي حالة واردة دوما في عالم كرة القدم حتى أن تييري هنري استخدم ايضا مصطلح "الانهيار الذهني" لوصف حالة فريقه السابق بعد ان هزم بخماسية امام بايرن ميونيخ، معتبرا أن لاعبي الفريق الحالي بحاجة "لروح الصمود وأن يكونوا على مستوى تحديات المستطيل الأخضر" بدلا من إلقاء مسؤولية الهزيمة المهينة على عاتق مدربهم الذي "يتلقى الرصاص في صدره دفاعا عنهم وهو الرجل الذي شيد الصرح المعاصر لفريق المدفعجية ومنح النادي الكثير من المجد".
نعم لا أحد يحب الخسارة بمذاقها الموجع كما يقول ارسين فينجر الذي يصف نفسه "بالمقاتل" ولكن حتى الفرق الكبرى في عالم كرة القدم قابلة للانهيار الذهني والانكشاف الكامل أمام الخصم في بعض المباريات التي لاتنسى مثل مباراة الأرسنال وبايرن ميونيخ وكان الأرسنال نموذجا للانهيار والانكشاف في الدقائق الخمس والعشرين الأخيرة من تلك المباراة باعتراف المدير الفني للفريق.
ويستحق فينجر التحية لأنه لم يبحث عن أي ذريعة مثل إصابة نجمه المدافع لوران كوشيلني ليعلق عليه أسباب ما حدث لفريقه مشيدا في الوقت ذاته بأداء المنافس الألماني كما أن هيكتور كوبر لم يتهرب بدوره من تحمل مسؤوليته عن نتيجة اللقاء الأخير مع "نسور قرطاج" وأقر بوقوع أخطاء من جانب منتخب الفراعنة "خاصة فيما يتعلق بتبادل ونقل الكرة" مؤكدا أن منتخب تونس قدم أداء جيدا فيما نال المدير الفني للمنتخب التونسي نبيل معلول الكثير من الثناء لخططه اثناء هذه المباراة.
وارسين فينجر رجل قضى اكثر من 20 عاما كمدير فني في الدوري الانجليزي الشهير "بالبريمير ليج" مع ان متوسط المدة لأي مدير فني اخر لأي فريق من الفرق المتنافسة في هذا الدوري لاتزيد عن 17 شهرا ومع ذلك لم يفلت من الحياة فوق البركان الغاضب!.
إذا كان الأمر كذلك فلن يكون من الغريب أن يلاحظ مؤلف كتاب "الحياة فوق البركان" مايكل كالفين أن العامل المشترك بين المدربين الذين التقاهم اثناء اعداد هذا الكتاب هو "الشعور بعدم الأمان" أما ما يخلص له الكتاب فمفيد جدا عندما لخص بحكمة الصفات الواجب توافرها في المدير الفني الناجح فاذا بها"تجمع مابين الحزم والعطف..وبين المثالية والدهاء".
هكذا تتوالى الكتب عن عالم الساحرة المستديرة وتتوالى الوقائع المدهشة والقصص الغريبة التي تنسحب على اللاعبين كما تنطبق على المدربين ومن بينهم المدرب الشهير يرجن كلوب والمدير الفني الحالي لفريق ليفربول الذي يفخر في سيرته الذاتية كما وردت في كتاب بقلم ايلمار نيفيلنج بأن فريقه الشهير "بالريدز" والذي بات مديره الفني منذ عام 2015 من الفرق المحبوبة على مستوى العالم كما ان النادي ليس بالنادي العادي.
فالألماني كلوب يعرف ان سكان ليفربول "يتنفسون بأكسجين كرة القدم" وان ادارة النادي عندما تعاقدت معه كانت تطمح لاستعادة العصر الذهبي للريدز والتتويج ببطولة البريمير ليج وهو اللقب الغائب عن الفريق منذ عام 1990.
ومع ان يورجن كلوب كمدرب مجدد وصاحب فكر ابتكاري فضلا عن سجل ناجح من قبل مع فرق دربها واهمها فريق بروسيا دورتموند فانه مازال بعيدا عن تحقيق حلم جماهير ليفربول في استعادة لقب البطولة الذي غاب طويلا كما فعل من قبل عندما توج فريق بروسيا دورتموند بلقب بطولة البوندسليجا في عام 2011 بعد غياب لسنوات امتدت طويلا.
والكتاب الذي يحمل صفحات سيرة حياة يورجن كلوب في الملاعب يظهر اهتمامه كمدرب بفرض السيادة التكتيكية لفريقه مع نزعة نحو تبني فلسفة التفرد وابتكار الجديد من الأفكار في تطوير هجمات الضغط العالي المضادة ومايعرف بهندسة الحيز او المستطيل الأخضر وهي فكرة ابدع فيها ايضا الأسباني بيب جوارديولا المدير الفني الحالي لفريق مانشستر سيتي.
ولكن هذا الألماني الذي ولد يوم السادس عشر من يونيو عام 1967ولعب كمدافع ومهاجم وتمكن من فرض كلمته كمدرب في الدوري الألماني ويجعل من فريق بروسيا دورتموند الذي كان مغمورا بطلا لهذا الدوري مازال يبدو تائها في غمار الدوري الانجليزي كما تجلى في الموسم الأخير رغم تمتعه بسجايا عديدة ومهارات ادارية رفيعة المستوى فضلا عن حب لاعبيه واحترام الكثير من النقاد والمعلقين الرياضيين.
وكان كل ما يهم جوارديولا وكلوب الخروج بنتيجة مشرفة في هذا الموسم العصيب للدوري الانجليزي الذي انتهى مؤخرا بتتويج فريق تشيلسي وبعدها يكون لكل حادث حديث إن استمر كل منهما في موقعه الحالي رغم ان تعاقد كلوب مع ليفربول من المفترض انه مستمر حتى عام 2022 ولكن هل يمكن ان يبقى حتى هذا العام وفريقه بعيد عن حلم التتويج ببطولة الدوري الانجليزي الممتاز ؟!!.
مسألة صعبة للغاية مع فريق محبوب من قاعدة جماهيرية عريضة مرتبطة بناد عريق تأسس عام 1892 وصدرت عنه كتب بأكملها لعل احدثها كتاب "حلقة النار..ليفربول في القرن الواحد والعشرين" لسيمون هيوز ليتحدث عن احلام لم تتحقق بعد "للريدز" في هذا القرن لاستعادة امجاد سبق وان حققها الفريق.
ففريق ليفربول يعد أكثر الفرق الانجليزية تتويجا بالألقاب الأوروبية كما أنه صاحب صولات وجولات في منافسات الداخل الانجليزي في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين وتوج من قبل 18 مرة بلقب بطولة الدوري لتتغنى جماهير المشجعين المبتهجة في "ملعب الأنفيلد" بنشيد نادي ليفربول:"لن تسير وحيدا ابدا".
لكن تلك الجماهير لم تجد بهجتها الكبيرة منذ مطلع العقد الأخير في القرن الماضي لغياب التتويج ببطولة الدوري الانجليزي وتجتر ذكريات في كتاب "حلقة النار" بينما لم تتحقق حتى الآن آمال رموز تحدثت في هذا الكتاب ولاعبين تألقوا من قبل في الفريق وتحدثوا لسيمون هيوز مؤلف الكتاب مثل جيمي كاراجر ومايكل اوين اللاعب الأسباني تشابي الونسو.
واذا كان يورجن كلوب يسلم بأن البريمير ليج اصعب بطولة للدوري في العالم فهناك من النقاد من يرى ان بطولة بقوة واثارة وشراسة الدوري الانجليزي الممتاز هي الاختبار الحقيقي لأصالة اي مشروع لأي مدرب..فالبريمير ليج بيئة كروية مختلفة وعلى هذا المدرب ان يقبل اشتراطات هذه البيئة مادام قد قبل التنافس فيه.
وفي الموسم الأخير للدوري الانجليزي الممتاز برزت نزعة جديدة تتمثل في "ذبح المدرب عند اول علامة فشل" حتى ان احصائية اظهرت مؤخرا ان ربع مجموع المدربين للفرق المتنافسة في الدوري الانجليزي الممتاز هذا الموسم جرى تغييرهم في غضون 100 يوم فحسب وهي ظاهرة سلبية بالتأكيد بل وتمتد آثارها السلبية لاقتصاديات الأندية وتجعل من التعاقد الطويل الأمد مع اللاعبين مسألة عبثية!.
وحتى على المستوى التكتيكي هناك مضاعفات سلبية لهذه الظاهرة لأن التعاقدات القصيرة الأمد تفضي للاستسهال وعدم التفكير في معالجات عميقة او حلول طويلة الأمد للمشاكل المزمنة والهيكلية التي يواجهها فريق ما..فالمدرب الذي يرى سيف الاقصاء على عنقه ينحصر همه في نتيجة المباراة القادمة وليس مستعدا للتفكير في حلول طويلة الأمد او حتى الاقدام على مخاطر تكتيكية ناهيك عن فرض نظام يتطلب وقتا للاستيعاب من جانب اللاعبين.
واذا كان من الطبيعي بعد انجازه الكبير مع غريق تشيلسي الشهير "بالفريق الأزرق" ونجاحه المدوي في موسمه الأول بالبريمير ليج ان يدخل انطونيو كونتي قائمة اغلى المدربين في العالم فان الدوري الذي يوصف بأنه الأكثر صعوبة وشراسة في العالم لم يمنح مدربا كبيرا وشهيرا هو بيب جوارديولا ماكان يحلم به !.
وكم كان من المؤلم ان يقول المدرب الذي تألق مع فريقي برشلونة وبايرن ميونيخ انه سيجد ابواب الناديين الكبيرين مغلقة في وجهه بسبب سجله مع فريق مانشستر سيتي حتى تمنى ان يصل هذا الفريق للمركز الثالث في نهاية هذا الموسم الأخير للبريميرليج!.
والطريف أنه وسط مأزق مدرب كبير مثل بيب جوارديولا في نهاية موسم كروي عصيب وسخرية بعض النقاد الكرويين الانجليز منه ومن زميله جوزيه مورينيو المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد واللذين كانا يتنافسان من قبل كمدربين عظيمين على لقب "الأعظم" فيما خرج كل منهما خالي الوفاض من اي القاب في الدوري الانجليزي الممتاز يصدر كتاب يذهب مؤلفه الى ان كلاهما لايستحق هذا اللقب!.
ذاكرة الساحرة المستديرة قوية للغاية ولاتنسى ابدا عظماء اللعبة الجميلة وتستدعي سيرهم حتى ان كتابا جديدا صدر عن لاعب ومدرب مجري عظيم هو بيلا جوتمان الذي ولد في مطلع العام الأخير من القرن التاسع عشر في العاصمة المجرية بودابست وقضى عام 1981 في فيينا عاصمة النمسا والكتاب الذي جاء بعنوان:"عودة الأعظم" بقلم دافيد بولشفر يفتح مجددا ملفات هامة عبر سيرة حياة شخصية كروية مثيرة للجدل.
وفي كتابه الجديد الصادر بالانجليزية وهو رابع كتبه في عالم الرياضة وادارة الأعمال والتي يمزج فيها خبراته ليتناول طرق التدريب الكروي واهم المدربين من وجهة نظره يعتبر دافيد بولشفر ان بيلا جوتمان كمدرب هو "الأعظم" ويصفه بأنه "الأول في سلالة المدربين السوبر ستارز" فيما يلتفت بسخرية نحو جوارديولا ومورينيو ليقول في كتابه:" لقد حقق بيلا جوتمان اعظم النجاحات واروع الأمجاد قبل ان يولد بيب جوارديولا او جوزيه مورينيو".
وبيلا جوتمان درب منتخب النمسا في موسم 1964-1966 كما تولى تدريب العديد من الفرق في المجر والولايات المتحدة وهولندا وايطاليا والبرازيل والبرتغال واورجواي واليونان ولعل اشهر الفرق التي كان مديرا فنيا لها ايه.سي.ميلان الايطالي وساو باولو البرازيلي وبورتو وبنفيكا في البرتغال الذي فاز بقيادته مرتين ببطولة دوري ابطال اوروبا والتي كانت تسمى حينئذ بكأس ابطال اوروبا.
ويستدعي هذا الكتاب الجديد وقائع هروب بيلا جوتمان من معسكر اعتقال اثناء الحرب العالمية الثانية في المجر عام 1944 ورحلته للنمسا ويتوقف عند علامة كبيرة وهي توليه منصب المدير الفني لفريق بنفيكا في عام 1961 وفوز الفريق ببطولة دوري ابطال اوروبا.
ويرى المؤلف ان بيلا جوتمان الذي اقتنص لفريقه اهم بطولة اوروبية بعد ان كان يوما ما مهددا بالموت في معسكرات الاعتقال التي تعرض فيها للأهوال حتى نجح في الهروب رجل جدير كمدرب بلقب "الأعظم" كما ان عودته للملاعب كمدير فني بعد ان ودع المستطيل الأخضر كلاعب هي " اعظم عودة لرجل في التاريخ الكروي" لأن قصته تجسد "انتصار ارادة الحياة كما انها ملهمة للباحثين عن الانتصار في مواجهة الأهوال والشدائد".
غير ان قصة بيلا جوتمان كمدرب مع بنفيكا تحولت الى "لعنة" تتردد من حين لآخر كلما اخفق هذا الفريق البرتغالي في التتويج بلقب اي بطولة اوروبية !..واصل القصة الغريبة التي راجت بين عشاق الساحرة المستديرة ونوادرها يرجع الى عام 1962 عندما حصد بنفيكا بطولة الدوري البرتغالي الممتاز كما توج للموسم الثاني على التوالي بلقب بطولة دوري ابطال اوروبا وتصور بيلا جوتمان ان هذا النجاح الاستثنائي جدير بزيادة راتبه.
وعندما رفض مجلس ادارة بنفيكا الاستجابة لمطلبه قرر جوتمان ترك النادي وقال في غمار غضبه عند الرحيل:" بنفيكا لن يتوج بأي بطولة اوروبية لمائة سنة قادمة" وعندما تحققت مقولته في الواقع بعجز مزمن لهذا الفريق الشهير وصاحب الشعبية الأكبر في البرتغال عن الفوز بأي بطولة اوروبية تحولت المقولة في اعتقاد مشجعي هذا الفريق الى "لعنة" وراح كثير من المشجعين يتحدثون عن "لعنة جوتمان !!.
والطريف انه حتى عندما اقام بنفيكا في عام 2012 تمثالا لبيلا جوتمان قبالة النادي على امل كسر اللعنة استمرت خسائر الفريق في البطولات الأوروبية وفي مقدمتها دوري ابطال اوروبا !.
واذا كان هذا الكتاب الجديد يذكر القاريء بنادرة من نوادر الساحرة المستديرة وقد يجدد الجدل حول حقيقة "اللعنة" او "النحس" او حتى "السحر" في كرة القدم ويفتح شهية هؤلاء الذين يطيب لهم تفسير مجريات المستطيل الأخضر بعوامل ابعد ماتكون عن العقلانية بقدر ماهي مضادة للرصانة فان كتابا جديدا صدر بعنوان مغاير ودال وهو:"رصين: كرة القدم.قصتي.حياتي" والمؤلف هو المدرب توني آدمز بينما قام الكاتب ايان ريدلي بالمساعدة في تحرير الكتاب الذي يتناول السيرة الذاتية لهذا المدرب واللاعب الانجليزي الذي يعد من اصحاب الشخصيات الكاريزمية في كرة القدم حتى ان نادي الأرسنال بحث فكرة اقامة تمثال له تكريما لمسيرته الطويلة مع "المدفعجية.
وتوني آدمز الذي ولد عام 1966 استمر كلاعب في الآرسنال من عام 1983 وحتى عام 2002 كما انضم لمنتخب انجلترا كمدافع أساسي وبكلمات تنبض بالوفاء تحدث توني آدمز في هذا الكتاب عن ارسين فينجر المدير الفني للأرسنال الذي ساعده في التغلب على محنة ادمان الكحوليات ودفع به نحو افاق النجاح غير ان هذا المدرب الفرنسي الكبير والذي يدرب الآرسنال منذ عام 1996 كان بدوره على موعد مع الشقاء في الموسم الأخير للبريمير ليج بعد ان تحول الوصول للمربع الذهبي للدوري الممتاز الى حلم عصي لفريق كبير حمل فيه توني آدمز شارة الكابتن مابين عامي 1988 و2002 وتوج فيه الفريق خلال تلك الفترة اربع مرات بلقب بطل البريمير ليج !..
لئن اعتبر دافيد بولشفر في كتابه "الأعظم" ان قصة حياة اللاعب والمدرب بيلا جوتمان تجسد ارادة الانتصار للحياة فان توني آدمز بدوره قد حقق انتصارا لاارادة الحياة عندما تغلب على الادمان اللعين فيما يحفل الكتاب بنصائح مفيدة لكل من يتطلع لتجاوز هذه اللعنة.
وبعد اعتزاله كلاعب شارك في أكثر من 650 مباراة لفريق الأرسنال كما حمل شارة كابتن منتخب انجلترا في 66 مباراة دولية اتجه توني آدمز للتدريب وحقق انجازات يعتد بها مع فريق بورتسموث الذي فاز بكأس الاتحاد الانجليزي عام 2008 وعرف التدريب خارج بلاده ليثري خبراته ويوسع منظوره كما يقول مابين هولندا واذربيجان والصين وهاهو قد بدأ هذا العام مسيرته كمدرب مع فريق غرناطة الذي كان من ضحايا الليجا الأسبانية في هذا الموسم ليهبط لدوري الدرجة الثانية.
لكن "الرصين" توني آدمز وإن عبر عن حزنه لهبوط فريقه الأندلسي من دوري الأضواء لم يتخل عن التفاؤل مؤكدا على أن المستقبل أفضل وأن "لون غرناطة سيظهر من جديد في الليجا" !..والأصالة تتجلى دوما في اللحظات الصعبة والمواجهات العصيبة التي تضع اي فريق على المحك..وغياب عنصر الأصالة عن هوية بعض الفرق يؤدي في حالة الخسارة لتبادل الاتهامات داخل الفريق لتخلف مرارات وتصدعات تقوض الثقة وهي نزعة اقرب "لتدمير الذات".
وحتى في لعبات غير كرة القدم مثل لعبة كرة الرجبي ستجد اهتماما بمسألة الأصالة والتراث المضيء كما هو الحال في كتاب "تراث" لجيمس كير الذي يتناول مسيرة فريق "أول بلاكس" النيوزيلاندي لكرة الرجبي والذي يعرفه عشاق هذه اللعبة بملابسه السوداء ويشجعه الكثير منهم باعتباره من ابطال العالم في الرجبي فيما يؤكد المؤلف على ان عنصر الأصالة او التراث المضيء لهذا الفريق الذي يرجع تاريخ منافساته الدولية الى عام 1893 يشكل احد اسرار نجاحه وقدرته على مواجهة ضغوط وتحديات تهدد استدامة النجاح.
لكن الخسارة واردة تماما كالفوز في أي مباراة لكرة القدم ولعل الذاكرة تحفل بكثير من المشاهد الدالة عندما صفقت الجماهير لفرق خسرت مباريات لكنها قدمت ماكل مالديها واستبسلت حتى اللحظة الأخيرة لتخرج وكأنها منتصرة وتستحق تحية الجماهير..ومنتخب الفراعنة بمقدوره ان يستأنف مسيرة الفوز لأنه فريق يتمتع حقا بعنصر الأصالة والاحتفاء بثقافة النصر..أيها الرجال:"المستطيل الأخضر ينتظر خطى الابداع واستعادة ذاكرة الفوز" !.