الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وتفرغوا للمعارك مع الإدارة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى لجنة القوى العاملة بالبرلمان الأسبوع الماضى، ناقشوا أزمة المصانع المغلقة. أسباب كثيرة كانت السبب، الأوضاع الاقتصادية، والحركات والنقابات المستقلة. 
كثير من أعضاء اللجنة، تذكروا أيام النقابات المستقلة، تذكروا عندما ناطح العمال الإدارة، وأوقفوا الإنتاج، وأوقفوا العمل تحت بند الحرية العمالية وحقوق المظلومين. 
لا كان فى المسألة حقوق، ولا كان هناك مظاليم. إنما كانت هوجة، استخدمت فيها سلاح «النقابات المستقلة» غير الشرعى، بعدها ضربنا فكر «الاستقلال»، إدارات مستقلة لمؤسسات الدولة، دخلت فى صراع مع الإدارات الرسمية، اتحادات أطباء مستقلون.. ائتلافات مستقلة.. مليون اتحاد وائتلاف ونقابة وجمعية.. والنتيجة فوضى نحاول لملمتها لليوم. 
رئيس اتحاد عمال مصر جبالي المراغى قال فى البرلمان إن النقابات المستقلة أثرت سلبًا على الاقتصاد المصرى وأنتجت الإضرابات، وأثرت على أوضاع المصانع بالسلب، وكانت سببا فى إغلاق أكثر من ٤ آلاف مصنع، مع أسباب أخرى. 
عنده حق، ويجب أن يقال هذا الكلام، مرة ومرة ومرة، مليون مرة، حتى نذكر أنفسنا بما فعلناه، وما اقترفناه، وما تعمدناه دون أن نعرف النتائج، ودون أن نستشرف المستقبل. 
نحن الذين دعمنا الحريات فقلبت فوضى، ونحن الذين دعمنا «الثورة على الفساد» فقلبت ثورة على النظام الحاكم، وعلى النظام فى الشارع أيضا. نحن الذين دعمنا الحقوق، فانقلبت إلى افتئات على الحقوق، وتطاول على منصات القضاء، وعلى المشرعين، وعلى كل منصب، وكل سلطة. 
ليس هذا استعادة لأحداث شعبوية شرختنا بها ثورة يناير الميمونة، كما أنه ليس جلدا للذات ليس وقته ولا محله، إنما هى محاولة للاستفادة من دروس الماضى.. والعبرة ببلاوى سابقة. 
مثلا فين «أبوعيطة» النهاردة؟ 
المناضل كمال أبوعيطة، لمن لا يذكر قيادى عمالى كان بارزا يوما ما، ثم تضخم بروزه مع أحداث يناير ٢٠١١، حتى أسقطه العمال فيما بعد. فى يناير تحول أبوعيطة لطابع بوستة على الفضائيات وفى الصحف مساء.. ونجم التظاهرات العمالية والوقفات الاحتجاجية صباحا. 
أبوعيطة كان أيقونة نقابات العمال المستقلة، كان أباها الشرعى.. أو واحدا من آبائها الأوائل. هو أول من دعم النقابات المستقلة ودورها وكيانها قبل ثورة يناير الميمونة وبعدها، وكان هو نفسه أول من عادى النقابات المستقلة لما توزر القوى العاملة. 
لما توزر أبوعيطة، تبين لرؤوس النقابات المستقلة أنه كان ثأرا ليوزروه. لذلك دب العداء بينه وبين العمال المستقلين، والنقابات المستقلة، وأسطوات النقابات المستقلة. أما عنه فقد طالب المستقلون بإنهاء الإضرابات. 
طالبهم بالكف عن طلبات قال إنها «فراغية» لا يمكن ان تتحقق، وآمال ليست موضوعية، وشروط وصفها بالتعجيزية، التى ليست فى محلها، لذلك ستتسبب فى إغلاق المصانع، وتسريح العمال. 
تصور أبوعيطة، أن فوضى «الاستقلال» التى غزلوها فى سنوات، يمكن أن تنتهى فى دقائق. ممكن حل خيوطها فى ساعات، وممكن خلع ثوبها فى يومين. كان وهما. 
لماذا دب الصراع بين أبوعيطة والنقابات المستقلة بعدما توزر؟ لأن كثيرا من قيادات النقابات المستقلة لم يكونوا توزروا هم الآخرين. لذلك قامت «خناقة» بين طالبى مصالح وراغبى مناصب. لما توزر أحدهم اختلفت الأمور، ولما لم يتوزروا هم صعدوا الأمور. وكل ابن آدم ووزره، «ولا تزر وازرة وزر أخرى». 
فكرة النقابات المستقلة كانت وزرا.. وعمل رضى. تسأل النهاردة عن مصانع مغلقة.. النقابات المستقلة كانت سببا، تسأل عن عمالة مشردة فكرة النقابات المستقلة كانت البداية. 
تريد أن تعرف أبعاد المشكلة أجب الأول عن هذا السؤال: ما الذى كانت تعنيه «مستقلة»؟ مستقلة عن إيه ؟ هل مستقلة عن الدولة؟ هل مستقلة عن الإدارة؟ كيف يكون عمال فى مصنع ما.. ومستقلين عن إدارة المصنع؟ كيف تعمل فى مكان، لا تود أن تنتمى له، ولا تراه يمثلك؟ 
انتشار أفكار «شعبوية» بامتياز فى سنين «غبرة» كانت قد منحت العامل ثقة غير مبررة فى أنه الأقدر من الإدارة والأكثر قدرة على الإدارة والأكثر حرصا من الإدارة. أى إدارة.. من أول إدارة الدولة.. انتهاء بإدارة المصنع لذلك لم يستمر العمال فى الإنتاج.. فقد تفرغوا للمعارك مع الإدارة. 
ذكريات.