الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عبدالله رشدي إمام مسجد السيدة نفيسة يتحدث لـ"البوابة نيوز" عن تجديد الخطاب الديني: مُحاربة الأزهر هجوم على مصر.. و"الطيب" منع سفك الدماء.. وأطالب باعتبار قضايا الدين أمنًا قوميًا

الدكتور عبدالله رشدى،
الدكتور عبدالله رشدى، إمام مسجد السيدة نفيسة ومحرر البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تجديد الخطاب الدينى هو ضبط المفاهيم وليس نسف التراث
أكد الدكتور عبدالله رشدى، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة، أن الأزهر هو عمود الإسلام، داعيًا الدولة وضع القضايا الدينية كأمن قومى لعدم الإتاحة للجميع التحدث فيها على وسائل الإعلام دون رابط، مؤكدا أن الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب انحاز إلى الإرادة الشعبية فى ثورة 30 يونيو، ومنع سفك الدماء، وقال فى حواره مع «البوابة» إن تجديد الخطاب الدينى يعنى ضبط المفاهيم وليس نسف التراث، كما يحاول البعض تفسير دعوة الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى.. فإلى نص الحوار.

■ صدر قرار من وزارة الأوقاف بتحويلك إلى التحقيق.. فما حقيقة الأزمة؟
- علمت بقرار إحالتى إلى التحقيق من وسائل الإعلام، بعدما صدر من وزارة الأوقاف، وعلى الفور تحركت إلى الوزارة لاستكمال التحقيقات، وتم حفظ التحقيق لعدم ثبوت أى من الاتهامات الواردة فى التقرير الذى أصدره مسئول الوزارة بالمنطقة التى يقع فيها مسجد السيدة نفيسة.
■ هل كان التحقيق معك بسبب موقفك المؤيد للأزهر؟
- هذا غير صحيح، فالأزهر والأوقاف مؤسستان تعملان بكل تعاون فيما بينهما، ولا يوجد خلاف كما يدعى البعض، القصة كانت عبارة عن تقرير تم إرساله من قبل المسئول عن المنطقة التى يتبعها المسجد، وبالتالى من الممكن أن تكون هذه التقارير صحيحة أو بها معلومات تحتاج إلى التصحيح والتوضيح. وهذا الأمر الذى حدث معى لا إدانة لى فيه ولا اتهام، ولكنه بمثابة الاستفسار ولم يصل إلى الاتهام، وبالفعل ذهبت وأدليت بأقوالى، ولم يتم اتخاذ أى إجراءات ضدى ومازلت مستمرا فى العمل ولم تتم معاقبتى.
وهذا ليس له علاقة بالأزهر، ولو تم اتخاذ أى إجراء جديد ضدى بالفعل سأعلنها لجميع وسائل الإعلام، وأعلن معها القصة كاملة، فالمؤسسات الدينية فى مصر كلها تعمل يدا واحدة ضد الأهداف التخريبية، التى يحاول البعض وضعها فى وجه الدولة لإسقاطها.
رأى لن ولم يتغير فى الأزهر وسأظل أقولها بأعلى صوت فى وسائل الإعلام، وعلى المنابر وفى أى مكان فى العالم، الأزهر هو عمود الإسلام، فلا يجب أن نكسر العمود فيسقط البيت.

مؤتمر الأزهر للسلام
■ ما تقييمك لمؤتمر الأزهر للسلام العالمى؟
- المؤتمر بعث رسالة للعالم أجمع، أن الأزهر هو بحق القوة الناعمة، التى ترعى السلام فى الشرق الأوسط، وأكد تصريحات الأمام الأكبر، وهى أن: «الأزهر بيت الإنسانية»، وهذا يعنى أن الأزهر ليس بيتًا للمسلمين فقط، بل هو للعالم أجمع، وهى الرسالة التى جلاها الأزهر وبعث بها فى المؤتمر: «عقيدتك لا تحرمك إنسانيتك»، مخالفتك لعقيدتى لا تحرمك الحق فى التعايش السلمى، وهذه الرسالة التى أراد الأزهر أن يوصلها إلى العالم أجمع.
■ وماذا عن الحملة التى يشنها بعض النواب على الأزهر.. ومحاولة تعديل قانونه؟
- الرئيس عبدالفتاح السيسى رجل مؤسسى ويعلم دور الأزهر والتنوير التى يقوده للعالم أجمع، حتى وإن كان هناك بعض الأمور البسيطة، إلا أنه يعلم دور الإمام الأكبر فى محاربة الإرهاب، وأتوقع بعد النجاحات الأخيرة للمشيخة أن تتغير هذه النظرة، وتتوقف الجملة.

الهجوم على الأزهر
■ كيف تصف الهجوم على الأزهر الآن؟
- الهجوم على الأزهر هو هجوم على مصر، لأن الأزهر يقوم على الدين وعلى رعاية علوم الإسلام.
فالإسلام كدين أصلا منذ أن بزغ فجر نوره، والحرب على أشدها عليه، ولهذا فإن من الطبيعى الآن أن يتم الهجوم على الأزهر، لأنه صاحب الدين الوسطى، فالمتطرفون يعلنون الحرب والمتميعون يعلنون الحرب.
■ بحكم دراستك الطويلة فى الأزهر.. كيف ترى خريجى الجامعة الآن؟
- لا يمكن أن نتهم الأزهر بأنه مؤسسة غير ناجحة، لأن المؤسسة لديها قامات كبيرة من العلماء، فمن الطبيعى أن يخرج عشرات والمئات من الشباب المتحدى للمستقبل والقادر على مواجهة الأفكار التكفيرية، أما عن بعض الأفعال الشاذة التى وقعت من انضمام أعداد لا تتخطى أصابع اليد الواحدة لجماعات تكفيرية، فهذه أفعال شاذة وقليلة، والنادر والشاذ لا حكم لهما ولا اعتبار بهما.

الإخوان والمشيخة
■ هل اخترقت جماعة الإخوان الأزهر؟
- هذا غير صحيح، ليس من بين قيادات الأزهر إخوانى واحد، فالأزهر الذى نزل على رغبة الشعب ورعى المصلحة العامة وحقق للمصريين آمالهم لا يمكن المزايدة عليه بأى شكل لأنها ستكون مزايدات رخيصة وهابطة. فلولا الأزهر الشريف ما كان هناك ٣ يوليو، وذلك لأنه الأزهر حقن دماء المصريين، ولولا الأزهر الشريف لتم توظيف هذه الثورة من قبل الجماعات التكفيرية وكارهى الوطن، ولتم استغلالها أسوأ استغلال، لكن الأزهر قطع الطريق عليهم لأنه أعطى شريعة كاملة للثورة.
وكل ما يتردد عن أن هناك حالة من الفرقة والخلاف بين الأزهر والرئاسة فكذب صرف ودجل ظاهر، بل العلاقة فى أبهى صورها، وأعتقد لو أن السيد الرئيس وجد فى مصر عشرة رجال بمواصفات فضيلة الإمام لانصلح حال مصر.
وللعلم ليس لفضيلة الإمام غير مستشارين اثنين لا ثالث لهما، وليس فى هيئة كبار العلماء إخوان، وكل ما يتردد عن ذلك دجل، وبالنسبة للدكتور عمارة كان ماركسيًا ثم تحول إلى الفكر الإسلامى وترك الماركسية ولم ينضم يومًا للإخوان، وكان له موقف شخصى من ثورة يونيو يخصه ويعبر عنها فقط ولا يعبر عن المؤسسة، وأيا ما كان رأيه فهو يخصه، طالما أنه لم يحرض ضد الوطن أو مؤسساته، وبالنسبة للدكتور حسن الشافعى فهو رئيس مجمع اللغة العربية برتبة وزير بتعيين من الرئيس السيسى.
■ وماذا عن المستشار القانونى لشيخ الأزهر؟
- كل ما يثار من لغط حول المستشار القانونى لفضيلة الإمام الأكبر نتاج عدم دراية، وللتثبت من ذلك فعليك بمراجعة مضابط لجنة الخمسين لكتابة الدستور، لتكتشف أن هذا المستشار هو من وقف بشدة ضد مادة العزل السياسى، ومن ساند المؤسسة العسكرية بقوة فى موادها المتعلقة بها فى الدستور.
الحرب باختصار على الدين وموروثاتنا الحضارية، ولكنهم لا يجرؤون على أن يعلنوها بصراحة، فيتجهون إلى أسلوب رخيص هو التشويه والتشويش على رموز المؤسسة، بهدف زعزعة ثقتك فى علماء دينك، ولإيهامك بأن الأزهر يسيطر عليه إرهابيون، وفى النهاية فإمامه متستر على إرهابيين، وبالتالى تزول ثقتك فى أزهرك رويدا رويدا، ثم يتدرج ذلك معك حتى لا تقبل كلام أى عالم فى الدين. وحتى تنطلى اللعبة فتجدهم يقولون «مبنهاجمش الأزهر إحنا بنهاجم علماءه!!!».
محاولة إيهامك بأن الشيخ محمد عبده كان رافضا لمناهج الأزهر، وهذا دجل أيضا، فالشيخ محمد عبده كان رافضا للعملية التعليمية وطرق سيرها ونظامها، حيث لم يكن وقتها للأزهر وللدراسة فيه قانون تفصيلى، ولكنه لم يكن ناقما على المضمون العلمى.

الخطاب الديني
■ من وجهة نظرك.. ما تجديد الخطاب الديني؟
- تجديد الخطاب الدينى هو ضبط المفاهيم الدينية بالعودة بالدين لما كان عليه الرعيل الأول فى قضايا العقائد والأحكام الثابتة والأخلاق، لا فى قضايا الأحكام المتعلقة بتاريخ أو علل تدور معها وجودا وعدما، وقد توارث المسلمون ذلك عن صحابة رسول الله والسلف الصالح، ولذا فما لم يكن دينا يومهم فليس اليوم دينا، والتفرقة بين المقبول والمرفوض تضبطها المناهج والقواعد الفقهية التى دونها الأئمة الأربعة، إذن علينا أن نبين للناس مناهج الشرع وأحكامه بما يناسب عصرهم وفهمهم دون خروج عن أحكام الشرع.
فهذا المراد من التجديد، وبعض الناس فهم أن تجديد الخطاب الدينى هو تغيير أحكام الله فى الأرض، وهنا لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يفعل ذلك، لأن القرآن الدستور الربانى، قال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}، فالمسألة منتهية تمامًا فى هذا الجانب وليس هناك نصوص ما تحض على الإرهاب، ولكن استخدام النصوص والأحكام فى غير موضعها هو سبب الطعن فى الدين.
فتجديد الخطاب يأتى من عند ضبط الخطاب، وذلك من خلال عدم إتاحة الفرصة لكل من هب ودب، فى عرض الأفكار الشاذة على المجتمع كخلع الحجاب، وغيرها من الطعون فى أساسيات الدين، لأن هذا من شأنه محو الخطاب الدينى، وللأسف فالقوى التخريبية تستخدم مثل هؤلاء الذين يظهرون فى وسائل الإعلام المختلفة لتزعم أن الدولة تحارب الدين وتدعو إلى الفسق والفجور.

المجددون الجدد
■ وما رأيك فى المجددين على شاشات وسائل الإعلام؟
- هم مجموعة لديهم نضب فى المعلومات ويحبون الشهرة ويحاولون أن يشتهروا ولو على حساب الدين، وهنا مساءلة تقع على الإعلام، فمثلا يخرج أحدهم ويقول إن الظهر ليس ٤ ركعات، فهذه الظاهرة ليس لها خطورة على المدى القريب ولكن على المدى البعيدة ستكون من أشد المسائل خطورة، لأن هذه المسائل المستقرة لا يجب أن نطرحها على الإعلام دون رابط أو رجوع للأزهر الشريف.
وأطالب بأن يصبح الكلام فى الدين أمنا قوميا، كغيره من القضايا التى يمنع تداولها فى الإعلام بسهولة، ولهذا؛ فإنه يجب الرجوع إلى الأزهر قبل مناقشة أية قضية دينية تجنبا لإحداث البلبلة دون داع.
والعجب أن المهاجمين للأزهر يقومون بالحرب عليه، رغم أنه يحارب الأفكار التكفيرية، ورغم ذلك لا يقومون بمحاربة أعداء الإسلام لتكون حملاتهم أكثرًا فعالية ونضوجًا، بل يتركون الخطأ ويحاربون أداة التصحيح. كما أطلب من التليفزيون الرسمى للدولة والقنوات الخاصة التى تدعى حبها لمصر وشعبها، أن يخصصوا برامج دينية لمناقشة الأفكار التكفيرية، وإعطاء فرصة للأزهر لاستكمال دوره التنويرى والمحارب للأفكار الظلامية.

داعش.. والتكفير
■ اتهم البعض الأزهر بأنه مفرخة الدواعش.. فما ردك؟
- لو افتراضنا جدلا أن الأزهر هو مفرخة الإرهابيين... فلماذا يضع التنظيم على رأس القوائم الخاصة به من المطلوبين للاغتيال شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب والبابا تواضروس بابا الكنيسة المصرية؟
والأزهر قال إنه يجب أن يقام على داعش وغيرها من الجماعات التكفيرية أعلى حد فى الإسلام، وهو أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
فالجماعات التخريبية كداعش وغيرها، تقول إن رفضك للإسلام يعنى إهدار دمك، أما الأزهر يقول إن اختلافك فى العقيدة حرية لك، وهذا الكلام ليس حديث الأزهر، فهو كلام القرآن والسنة المحمدية، كقوله تعالى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وقول رسول الله: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمهاجر من هاجر وما نهى الله عنه».
■ لكن.. لماذا لا يكفر الأزهر داعش؟
- إذا فتحنا باب التكفير أمام داعش فمصر كلها ستصبح كافرة، فكل واحد يموت له أحد سيكفر بعدها القاتل، ونتحول خلالها إلى جمهورية مصر الداعشية، والأمر فى هذه المرة لن يقف عند القتل فقط، فكل سارق سيتم تكفيره من قبل المسروق وإهدار دمه، كما أنه لا يوجد أى مذهب من المذاهب الأربعة يكفر مسلمًا عاصيًا إلا منهج الخوارج.
والإخوة الذين يقولون عن أنفسهم إنهم تنوريون عايزينا نكفر داعش، وهذا هو أسلوب داعش نفسه، وهو منهج الخوارج، وهذا ثقب فى الفكر رهيب، وهنا يأتى سؤال: ما الاستفادة من تكفير داعش، سوى استخدام التنظيم لمثل هذه الفتاوى لتسويقها لصالحهم، لتقول إن الأزهر الشريف خرج عن مذهب أهل السنة وانتهج مذهب الخوارج وتخلى عن أهل السنة؟
■ ما الدور الفعلى للأزهر فى تجديد الخطاب الدينى العالمى؟
- الأزهر له دور كبير على مستوى العالم أجمع، فالمشيخة تعتمد على تفنيد أفكار وفيديوهات التنظيمات الإرهابية، ويتم ترجمتها إلى جميع اللغات، وإرسالها إلى جميع الدول كفرنسا وألمانيا وأمريكا، كما أن أغلب الدول الأوروبية ترسل طلبات إلى مرصد الأزهر للحصول على ردود الأزهر والتفنيدات لعرضها على الشباب المسلم هناك.