الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الأم.. "صاحبة السعادة".. "ست الحبايب" تكريم في السماء والأرض".. و"مريم" و"النساء" يبرزان فضلها.. وفي الحديث الشريف "أحق الناس بحسن الصحبة".. "الكتاب المقدس" ساوى المرأة بالرجل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
21 مارس.. يظل دومًا تاريخًا له خصوصية لدى الجميع، مع حلوله كل عام تتوجه الأنظار إلى "حواء" الأم.. ليأخذ الأبناء فاصلا من هموم الدنيا بالعودة إلى مصدر الحياة، كي يقولوا لها في عيدها: "كل سنة وأنت طيبة يا ست الحبايب". 
الاحتفال بفضل الأم كونها "صاحبة السعادة" ليس وليد الأرض، فالسماء كانت أسبق بتكريمها، وأديان الله حرصت على تأكيد قيمة المرأة وبداخلها الأم، وليس أدل على هذا من احتواء آخر الكتب السماوية وهو القرآن الكريم على سورة تحمل اسم "النساء" التي تتضمن كل ما يخص المرأة، وهناك سورة "مريم" التى أنزلت تكريمًا للسيدة العذراء مريم أم نبي الله المسيح عيسى.


الأم في القرآن الكريم
يطلق القرآن الكريم كلمة "الأم" على الأصل الطيب والمقدس لكلّ شيء عظيم. فمكّة المكرّمة هي "أم" القرى، لأنها مهبط الرسالات السماوية التي اختزلها الله عزّ وجلّ في "الإسلام" الذي كان غاية الرسل والرسالات جميعًا، فقال تعالى: {مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها} [الأنعام:92]، وقال: {وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًا لتنذر أم القرى ومَن حولها} [الشورى:7].

وأطلق الله عزّ وجل على خزائن علمه مصطلح "أم الكتاب"، فقال تعالى: { يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد:39]. وهي التي يصدر عنها كل ما هو مخلوق ومعلوم وما تحيط به العقول، وما لا تدركه الأبصار من أمر الدنيا والآخرة، فهي مستودع تنفيذ إرادة الله عزّ وجل بين الكاف والنون { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كُن فيكون }.

وعلى هذا النسق يفرّق القرآن الكريم بين الأم والوالدة، من حيث إن الله عز وجل يطلق "الوالدة" على المرأة التي تنجب الطفل بغض النظر عن مواصفاتها وصفاتها الحسنة أو القبيحة، بل هي مجرد عملية إنجاب تدور بين الإنسان والحيوان حين يلتقي الذكر بالأنثى وما يتبع ذلك من حمل وإرضاع، كما قال تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة} [البقرة:233].
وهذه الوالدة هي محل البرّ والإكرام كالوالد لا فرق بين السيىئ منهما والحسن من حيث وجوب ذلك البر كما قال تعالى: {وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء:23]، حتى لو كانت الوالدة بَغِيًّا أو كافرة، أما الأم فقد أطلقها الله عزّ وجل على الأصل الكريم الذي هو رمز التضحية والفداء والطهر والنقاء، والحب والحنان، وهي الأصل الذي يتشرف الولد به، ويفخر بنسبه له ونسبته إليه، وتأمل في هذا الفرق الذي جاء على لسان النبي عيسى عليه السلام، فهو حين تكلّم عن وجوب البرّ والإكرام ذكر وصف "الوالدة"، فقال: {وبرًا بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًا} [مريم:32]. وحين تكلم القرآن الكريم عن عيسى عليه السلام وعن مواصفات وصفات والدته الكريمة والمعجزة، أطلق عليها لفظ "الأم"، فقال عزّ وجل: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمّه صديقة...} [المائدة:75]، وعندما أراد الله عز وجل لفت نظر الأبناء إلى معاناة الأم من جراء الولادة، مقدماتها وآثارها ونتائجها، فإن القرآن الكريم يطلق كلمة "الأم" المضحية الصابرة المكرمة يوم القيامة والتي أمر الله بإكرامها في الدنيا إكرامًا مطلقًا لا حدود له، فمن أساليب القرآن الكريم البليغة في هذا المجال أنه يوصي ببرّ الوالدين ثم يعقبها بالحديث عن الأم فقط لشدة فضلها على الأب {ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن} [لقمان:14].

وهكذا تحدّث الله عن فضل الأم لشدة معاناتها وهنًا على وهن في الحمل وما يلزم له من تضحيات، ومثل ذلك قوله تعالى: {ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا..} وعندما أراد الله عزّ وجل بيان مدى حنان الوالدة على أولادها، ومدى إشفاقها على أولادها عبر جل شأنه عنها بلفظ الأم فقال: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من الموقنين} [القصص:10].

وعندما عبّر القرآن الكريم عن مدى سعادة الوالدة وفرحها بعودة ولدها الغائب من خطر عليه أطلق عليها كلمة "الأم" فقال عز وجل: {فرجعناك إلى أمك كي تقرّ عينها ولا تحزن} [طه:40]، وللدلالة على القدسية والاحترام الشديد أطلق الله على نساء النبي في القرآن الكريم الله عليه وسلم كلمة "الأمهات" وليس الوالدات فقال: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب:6].
وهناك الحديث الشريف الذي ذكر فضل الام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أبوك) متفق عليه.

وقبل القرآن الكريم حمل الكتاب المقدس العديد من الآيات التي تشير لأهمية دور المرأة في الحياة، اذ أكد الكتاب المقدس على المساواة بين الرجل والمرأة، وذكر ذلك بوضوح فى الايات ( خر 15: 20، قض 4: 4، 2 مل 22: 14 )، كما ان حب الذرية عميق الجذور في قلب المرأة العبرانية، ولهذا كانت للأمومة أرفع منزلة.
وفي عصر الآباء، شغلت الأمهات مكانا بارزا، فعند زواج رفقة، يبدو أنه كان لأمها رأي في ذلك مع أبيها بتوئيل وأخيها لابان ( تك 24: 28 و50 و53 و55 ) كما أن يعقوب " سمع لأبيه وأمه " ( تك 28: 7 ) بل كانت أمه هي مشيره الأول، وقد أمر الناموس بإكرام الأب والأم ( خر 20: 12 ) والابن الذي يضرب أباه أو أمه أو يشتم منهما كان يقتل قتلا ( خر 21: 15 و17 )، كما كان نفس المصير ينتظر الابن المعاند والمارد الذي لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه ( تث 21: 18 – 21 ).

سفر اللاويين ذكر الأم قبل الأب

بل جاءت الأم قبل الأب في اللاويين ( 19: 3 ) في الوصية: "تهابون كل إنسان أمه وأباه " ويصف المرنم الحزن العميق بالقول: " كمن ينوح على أمه " ( مز 35: 14 )، ونجد في كل سفر الأمثال تشدديدا قويا على احترام الأبناء وطاعتهم لأمهاتهم، وأعظم راحة أو تعزية يمكن تصورها، هي التعزية التي تعزي بها الأم ابنها (اش 66: 13).

 

وضع المرأة في العهد الجديد:

وأيضا في العهد الجديد، نفس المستوى الرفيع للمرأة، ونفس الاحترام والتوقير للأم، فمولد المسيح سما بمقام الأمومة إلى أرفع مكان، وجعله قبلة الأنظار، وأحيانا كان يطلق لفظ "الأم " على زوجة الأب ( تك 37: 10 )، وأحيانا على الجدة مهما علت كما فى الآيات (تك 3: 20، 1 مل 15: 10)، كما قالت دبورة عن نفسها " قمت أما في إسرائيل " ( قض 5: 7)

كما يطلق لفظ " الأم " مجازيا على " الأمة " لأنها أم الشعب وأفراد الشعب هم أبناؤها ( اش 50: 1، ارميا 50: 12، هو 2: 4، 4: 5 ).

 

ويطلق لفظ "الأم " على المدن الكبيرة ( 2 صم 20: 19 – انظر غلى 4: 26 )، بل إن أيوب يقول عن الأرض إنها أمه: "عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود إلى هناك" (أيوب 1: 21 ).

 

والكتاب يوصي الأمهات بمحبة أطفالهن في تيطس 4:2-5 ويقول: "لكي ينصحن الحدثات أن يكن محبات لرجالهن ويحببن أولادهن. متعقلات، عفيفات، ملازمات بيوتهن، صالحات، خاضعات لرجالهن، لكي لا يجدف على كلمة الله". وفي أشعياء 15:49 يقول الكتاب المقدس: "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟" فمتى تبدأ الأمومة؟".

 

ويخبرنا الكتاب أن للأم دورا هاما ومتميزا في حياة أطفالها، فالأمومة ليست عبئًا أو مهمة غير مرغوب فيها، وكما تحمل الأم الجنين أثناء فترة الحمل، وتعتني وتطعم رضيعها بعد ولادته يستمر دور الأم في رعاية أولادها سواء كانوا أطفالًا، مراهقين، أم شبابًا