رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رفيق جبور.. من دبلوماسي أرستقراطي.. إلى صفوف العمال والفلاحين «6»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وهكذا كانت رسالة محمد صديق عنتر المخترعة هى البداية التى تحايل بها على الحديث عن بناء حزب جديد ليحل محل هذا الحزب الذى حله سعد زغلول وظل يتباهى بهذه الخطوة كلما ضغط عليه الاحتلال أو القصر الملكى. وينشر رفيق جبور هذه الرسالة التى تحدث فيها عن نفسه ثم أجاب عليها بنفسه أيضا ويقول على لسان محمد صديق عنتر «وإنى يحق لى لأننى رجل قد خصصت نفسى وحياتى للطبقة العاملة المظلومة التى أنا من أفرادها لماذا لا تبذلون جهودكم فى سبيل إنشاء حزب للطبقة العاملة مع أن جميع الوسائل متوفرة لديكم من وجود جريدة تحت تصرفكم وجموع كبيرة من العمال تثق بكم ثقة لا حد لها على ما أعلم. لماذا لا تدعون المفكرين من الطبقة العاملة إلى إنشاء حزب عمال يدافع عن حق الطبقة العاملة المهضوم ويجاهد فى سبيل تحسين حالتها. إنى أقدر الجهود التى تبذلها جريدة الحساب فى سبيل الطبقة العاملة ولكن عملها سيبقى ناقصا وغير مثمر ما دام لا يوجد حزب يتدرج ويقوى مع الزمن ويستلم بيديه الحديديتين حقوق ومطالب العمال. فما رأيكم دام فضلكم». 
محمد صديق عنتر 
ونفتح قوسا لنقول إن النيابة العامة أثناء تحقيقها فى قضية رفيق جبور ورفاقه اتهمت جبور بأن اصطنع هذه الرسالة وقالت « إنه قد ترجم فيما بعد كتابا فى الشيوعية ووقعه باسم محمد عنتر المصرى» «الأهرام ١٧-٦-١٩٢٥- نقلا عن تحقيقات النيابة العامة». والمهم أن رفيق جبور أسرع بالكتابة عن الحزب وأهدافه والقوى المكونة له.. «الحساب -٨-٥-١٩٢٥» ألم نقل إنه كان يسابق الزمن محاولا أن يسبق أى إجراء أمنى ضده.. وكان العنوان الذى اختاره «تأسيس حزب الطبقة العاملة من عمال وفلاحين». 
وبدأ قائلا: «إن أهم موضوع عالجناه حتى الآن وقد يكون أهم موضوع نعالجه فى المستقبل هو موضوع ذلك الاقتراح الذى أرسله إلينا محمد صديق عنتر ونشرناه فى صدر العدد السابق وقد لا نعرف وصفا ينطبق على أعمالنا أكثر من قوله لنا «إن جهودنا ستظل ناقصة وغير مثمرة ما دام لا يوجد حزب يتدرج ويقوى مع الزمن ويستلم بيديه الحديديتين حقوق ومطالب العمال على أننا لم نجهل هذا الأمر من قبل ولا أهملناه فقد فكرنا فيه بدليل تساؤل حضرته عما جرى للجنة الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين التى ما أردنا منها إلا أن تكون نواة للحزب الذى يقترح هو تأسيسه. أما لجنة الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين فقد كانت مؤلفة من بعض الأشخاص الغيورين الذين يهتمون بشأن الطبقة العاملة وكانت قد عزمت على خوض المعركة الانتخابية بكل قواها لكنها ما إن باشرت إصدار منشورها الأول الذى تضمن المطالب التى وضعتها اللجنة لتكون برنامجا لمرشحى العمال والفلاحين حتى بادرت الجهات الإدارية إلى ضبطه ومنع طبعه وانتشاره، وقامت بالتحقيق مع المسئول عن اللجنة مما اضطر أعضاءها إلى السكوت حتى تظهر نتيجة التحقيق وفى أثناء ذلك انتهت المعركة الانتخابية وتم للحكومة ما أرادت من الحيلولة دون انتشار حركة عمال كانت بلا ريب مفيدة لهم. على أن أعضاء اللجنة لا يزالون متمسكين بمبادئهم، وعند حسن ظن الطبقة العاملة بهم ولكن الظروف ألجأتهم إلى استعداد تام للعودة إلى الجهاد». ويمضى مقال رفيق جبور قائلاً «أما اقتراح محمد صديق عنتر فأوسع وأبعد مدى من مجرد تأليف لجنة للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة فهو يرمى إلى تأسيس حزب سياسى منظم يسعى لتحسين حالة تلك الطبقة وتحقيق كل مطالبها ومما يسرنا كثيرا أنه يدل على يقظة عمال مصر النبهاء خاصة وأن ذلك الموضوع ما كاد ينشر، وما كدنا نعلن فتح باب المناقشة فيه ونرجو جميع القراء أن يبدوا آراءهم على صفحات جريدتهم الحساب حتى انهالت علينا الرسائل من كل جانب كما يرى القارئ مما نشرناه فى هذا العدد وسننشره فى الأعداد القادمة. ولكى نتمكن من درس هذه المسألة الخطيرة درسا واقعيا علينا أن نتمعن فى موقف مصر الآن من جميع وجوهه وأن ننظر إلى الحالة الراهنة من جميع نواحيها عندئذ حتى يمكننا أن نجيب على هذا الاقتراح المهم إجابة مدعمة بالبرهان والدليل. هل الوقت مناسب الآن لتأسيس حزب للطبقة العاملة فى مصر؟ ثم ممن يجب أن يتألف هذا الحزب؟ وثالثا ما أهداف هذا الحزب ومراميه وما يجب أن يكون عليه برنامجه؟ ثلاثة أسئلة مهمة يتعين الإجابة عليها من الآن. فلنحلل هذه الأسئلة الثلاثة ولندرسها بإمعان ولنشرحها تشريحا دقيقا وواقعيا. وهذا ما سنحاوله فى هذا المقال. 
وهكذا بدأ رفيق جبور فى الإجابة على هذه الأسئلة باستفاضة وتحليل علمى دقيق وهو أمر كان من المفترض أن يستغرق عدة أعداد من مجلة «الحساب» لكن السلطة الحاكمة تحت نفوذ الاحتلال البريطانية لم تكن لتسمح به باستكمال بحثه.. فقبل أن يكمل أتت حملة أمنية ضارية. 
وفى مقالاتنا المقبلة سنقدم ملخصاوافيا لما أمكن لرفيق جبور أن ينشره من مقالات وسنرى منها كيف كانت رؤية رفيق جبور وافية وعميقة ومدركة إدراكا علميا وواعيا بحقيقة الأوضاع فى مصر.. والواجبات المتعلقة بها. 
ونواصل.