الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل نجحت المملكة؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
البعض يرى أن اجتماع الأستانة بخصوص الأزمة السورية، لا بد أن يعكس إحباطا داخل المملكة السعودية، ولدى الدبلوماسية فى الرياض. 
معهم حق، فالاجتماع أصاب مساعى الرياض، وتوجهاتها بصدمة. انضمام أنقرة إلى الاجتماع، بموافقة على حل سياسى للأزمة فى سوريا، لابد وأنه أسقط فى يد المملكة. 
تركيا ليس لها أمان. مصر كانت الداعم الأقوى والأكثر حرصًا، لرغبات الرياض مؤخرًا فى الزعامة بالمنطقة. صحيح كانت هناك خلافات مع القاهرة حول الموقف السعودى من بشار الأسد، لكن الخلاف وارد عادة بين الأشقاء. لم يكن على الرياض التحول بسرعة عن القاهرة إلى أنقرة. 
حاولت السعودية تأهيل أنقرة لتكون ذراعها العسكرية فى المسألة السورية. سعت السعودية لإسقاط نظام بشار بكل بطريقة. لا بد من الاعتراف بأن الإخوة فى الرياض أصابهم التخبط. مهما كان الخلاف مع القاهرة، ومهما بلغ مداه، لم يكن من الحكمة الاعتقاد أن أنقرة قد تملأ مكان القاهرة، ولا أن تركيا ممكن أن تكون بديلًا لمصر. لم يكن من المنطقى الاعتقاد، أنه إذا لم تكن القاهرة، فإنه يمكن أن يكون أى أحد آخر، بصرف النظر عمن هذا «الأحد الآخر». 
تركيا قبلت الدعوة لاجتماع الأستانة، لحل الأزمة السورية سياسيًا. من وراء تركيا تقف روسيا، وإيران، ويقف الجيش السورى التابع للأسد رافضًا دخول جبهة النصرة، السنية، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار. الذى يحدث فى الداخل السورى، أن الأسد، أعاد التموضع، فاستعاد حلب، بينما استمرت قوات الحرس الثورى الإيرانى، وعناصر حزب الله فى مطاردة بقايا شراذم ميليشيات جبهة النصرة التى تساعدها دول خليجية. 
المعنى أن الميزان على الأرض السورية انقلب لصالح بشار، ولصالح سوريا، وما كان من تركيا، إلا أن تقبل بالانضمام للحلف الأقوى فى مواجهة رغبات سعودية لم تتحقق. 
ليس فشلًا سعوديًا، بقدر ما هو وضع سياسى عملى، خالف تصورات خليجية لا كانت عملية ولا كانت منطقية. 
طوال ٦ سنوات حرباً أهلية فى سوريا، لم تكن المملكة السعودية قد كونت شكلا منطقيا للخريطة السورية، لو سقط بشار الأسد بالطريقة التى أرادتها المملكة. 
سألت صحفيا سعوديا نافذا عن التصورات المستقبلية لو حدث وسقط الأسد؟ أجاب أنه فور سقوط نظام دمشق، فإن كل من حمل السلاح ضد نظامه سوف يسعى فورًا لوضع السلاح انتظارًا للنظام الجديد الذى سيتشكل فى سوريا!
قال إن هذا وضع لا يمكن التشكيك فيه، مؤكدًا أن هذا هو ما تراه الدبلوماسية فى الرياض على أعلى المستويات! 
مرة أخرى، لم تكن تصورات منطقية، ولا عملية. 
منذ متى، وميليشيات مسلحة تحارب منذ سنوات، تقبل بسهولة تسليم السلاح، احترامًا لمعارضة تعود من الخارج، لتشكل حكومة ونظام حكم؟ لا حدث هذا فى العراق، ولا حدث فى ليبيا. لم تستطع السعودية إحداث هذا فى اليمن للآن، فمن أين أتت الرياض بهذه نظرة مثالية لسوريا ما بعد الأسد؟ 
لا أحد يعرف الأسباب بالتحديد التى أدت بالرياض إلى الفشل فى تحقيق تطلعاتها، لكن عددًا من التفاصيل تشير بالضرورة إلى كثير من الإخفاقات. 
راحت المملكة بيد ممدودة لتركيا، غضبًا من مصر، ففوجئت بتركيا فى الصباح تمد يدها الأخرى لروسيا، وبحل سياسى للأزمة فى سوريا، ضد حل عسكرى كانت تأمل فيه وتصر عليه الرياض. 
قبلها، دخلت المملكة فى معركة اليمن فى مواجهة طهران، معتمدة على دعم الولايات المتحدة، ضد التواجد الإيرانى عند باب المندب فى الجنوب، ثم فوجئت بواشنطن تتعاقد صلحًا مع طهران فى الشمال، باتفاق لم تعرف الرياض شيئًا عن بنوده إلا من الجرائد والمواقع الإخبارية. 
ألم يحن الوقت أن تعاود المملكة وصل الود مع القاهرة، حيث الظفر لا يغادر لحما؟ ألم يتأكد للأشقاء فى المملكة، أنه ورغم الخلاف، فإن وجهات نظر القاهرة فى الأزمة السورية ربما كانت أكثر صوابا؟ 
ألم يحن الوقت، لإعادة تقييم وجهات نظر مصر، وفق الظروف والمتغيرات؟