الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خطورة الإرهاب المتوحش على المستقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عنوان سلسلة مقالاتنا التى نكتبها بانتظام فى «البوابة» هو «العبور إلى المستقبل» وليس هناك من شك فى أن العبور إلى المستقبل يقتضى فى المقام الأول رؤية سياسية متكاملة تتبناها الدولة التنموية التى برزت معالمها بوضوح بعد ٣ يوليو، وتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الجمهورية، والذى أعلن منذ بداية ولايته عن مشروعات قومية كبرى فى مقدمتها الفرع الجديد لقناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع المليون ونصف المليون فدان.
غير أننا نؤكد أن الدولة التنموية بقيادتها السياسية ومؤسساتها المتنوعة لن تنجح فى مشروعها السياسى - كما أكدنا فى كتاب «الدولة التنموية» الذى نشره منذ فترة المركز العربى للبحوث - بغير أن تتجدد باقى الأطراف المجتمعية التى تكوّن أركان أى نظام سياسى. وفى مقدمتها الأحزاب السياسية والنخب السياسية والنخب الثقافية ومؤسسات المجتمع المدنى. بمعنى ضرورة أن تتحول جميعًا إلى عناصر تنموية فاعلة لا تقنع فقط بالاعتراض على بعض سياسات الدولة التنموية، وإنما تقدم سياسات بديلة لما هو مطروح على الساحة.
ومن هنا تبدأ حركة التجديد فى النظام السياسى المصرى. غير أنه لا بد من بعد ذلك رسم خطط واقعية لمواجهة المشكلات الاقتصادية التى تراكمت فى الفترة الأخيرة نتيجة موروثات النظم السياسية السابقة.
وفى هذا المجال لا يجوز الاعتماد أساسًا على التمويل الداخلى أو الخارجى فقط بل لا بد من إحياء القوى الاقتصادية الفاعلة فى المجتمع من أول رجال الأعمال والذين استفادوا استفادات ضخمة فى العصور السياسية السابقة والتى كانت - للأسف الشديد - نتيجة تحالف غير مقدس بين أهل السلطة وأهل الثروة، ما أدى إلى الاتساع الواسع المدى لشبكات الفساد التى تسد الطريق أمام فئات الشعب المكافحة لكى تحصل على حقوقها من التنمية العادلة.
ليس ذلك فقط بل لا بد من الإصلاح الجذرى لنظام التعليم لتخريج خريجين أكفاء لديهم القدرة على متابعة التطوير التكنولوجى العالمى، بل ينبغى فوق ذلك الدخول بقوة فى عالم الإبداع فى سياق ينتقل فيه المجتمع العالمى من إطار مجتمع المعلومات العالمى إلى مجتمع المعرفة.
غير أن تجديد الرؤية السياسية لمؤسسات الدولة التنموية والتخطيط الاقتصادى الواقعى - الذى من شأنه أن يعطى جماهير الشعب حقها فى العمل وتكوين الأسر والسكن والرعاية الصحية المتكاملة والتأمينات الاجتماعية الشاملة - كل ذلك يواجهه شيوع الفساد فى غالبية مؤسسات الدولة مما يؤثر سلبًا على عملية صنع القرار ويؤدى إلى خسائر مالية ضخمة تتحملها ميزانية الدولة المنهكة.
وفى مجال الفساد ينبغى التفرقة بين الفساد الكبير الذى يمارسه «حيتان» رجال الأعمال، والفساد الصغير الذى يمارسه بعض أفراد الطبقات الدنيا والوسطى بأسًا من إصلاح الأحوال الاقتصادية.
وكل نوع من أنواع الفساد هذه لا بد من صياغة سياسات اجتماعية وثقافية وجنائية لمواجهته بالحلول الفعالة، والتى تمنع من نشوئه من المنبع قبل أن يستشرى موجاته لتشمل كل مجالات الحياة فى البلاد.
غير أن تجديد المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لن يجدى إلا إذا قمنا بعملية إحياء ثقافى متكاملة بالاستناد إلى سياسة ثقافية فعالية فعالة على الوصول إلى ملايين المواطنين البسطاء. وإذا اعتمدنا على بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لاكتشفنا أن معدل الأمية فى البلاد ٢٦٪ وأن هناك ٢٦ مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، وأن ١٨ مليونًا من المصريين يعيشون فى العشوائيات، لأدركنا حجم الجهد القومى الذى ينبغى أن يبذل لمواجهة كل هذه المشكلات المتراكمة.
غير أن المجال الثقافى زاخر بالظواهر السلبية وأهمها على الإطلاق شيوع الفكر الدينى المتطرف، والذى هو وقود الإرهاب المتوحش الذى تعددت جرائمه ضد كل طوائف الشعب، كما تابعنا أخيرًا الحادث الإرهابى الذى وجه لمجموعة من المصريين فى الكنيسة البطرسية ذهبوا رجالا ونساء وأطفالا لكى يعبدوا الله سبحانه وتعالى فواجههم الإرهاب الذى قامت به مجموعة من المتطرفين الجبناء الذين ينتمون إلى الميليشيات المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
ولن تخدعنا البيانات الكاذبة لهذه الجماعة التى تنصلت من مسئولية هذا الحادث، وخصوصًا أن أعضاءها بعد ٣٠ يونيو قاموا بسلسلة اغتيالات لكبار رجال الدولة ولبعض ضباط الشرطة والقوات المسلحة.
ومن هنا يحق لنا القول إن الإرهاب يسد أمام الشعب طريق المستقبل، وإن مواجهته باستراتيجية متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية أصبح ضرورة ملحة. ولن تنجح جهود الدولة فى هذا المجال إلا إذا تكاتفت القيادة السياسية مع النخب السياسية والثقافية بل وجموع المواطنين فى مجال خوض المعركة.
eyassin@ahram.org.eg