تابعت ندوة تأثير الإعلام فى صنع الرأى العام الشبابى التى أقيمت ضمن مؤتمر الشباب بشرم الشيخ الذى عقد من ٢٤ حتى ٢٧ أكتوبر، وأهم ما لفت نظرى أن المشاركين فى الندوة الذين من المفترض أنهم يمثلون الأطراف الإعلامية من الإعلام العمومى والإعلام الخاص والإعلام الإلكترونى وجدت أنهم لا يمثلون سوى القنوات الخاصة، وكأنها هى فقط الموجودة على الساحة الإعلامية، وغاب أى ممثلين عن إعلام ماسبيرو رغم أنى على يقين أن فى مبنى الإذاعة والتليفزيون شبابا قادرا على نقل هموم إعلام بلاده، وهو إعلام الخدمة العامة، ولديهم الرؤية لشرح كيفية إصلاح ماسبيرو، وبالتالى سيؤثر ذلك فى انصلاح حال المنظومة الإعلامية ككل على أساس أن إعلام الدولة هو رمانة الميزان فى ضبط الأداء الإعلامى.
وتوقعت أن يكون هذا الغياب لإعلام الدولة -الذى أتمنى أن يكون سهوا وغير متعمد -مؤشرا على أن الحوار سيدور حول سلبيات الإعلام الخاص، ومنها على سبيل المثال لا الحصر خطورة الخلط بين الملكية والسياسة التحريرية وسيطرة السياسات الإعلانية على المحتوى البرامجى، وتدنى الموضوعات التى تقدم بما يتعارض مع أخلاق وقيم المجتمع، وتكريس إعلام اليأس والإحباط أى إعلام النصف الفارغ من الكوب.
ولكنى وجدت الحوار رغم وجود قامة كبيرة فيه مثل الصديق د. حسين أمين الذى تحدث عن قضايا عامة كثيرة بشكل سريع وغير متعمق ربما لكثرة عدد المشاركين على المنصة التى أدارها باقتدار أسامة كمال باستثناء الإشارة إلى موضوع التدريب الذى أثاره د. محمد سعيد محفوظ، ومطالبة الأستاذ مكرم محمد أحمد بإنشاء نقابة للإعلاميين تكون من مهامها إعداد ميثاق الشرف الإعلامى، ثم سرعان ما تم الدخول فى موضوعات سفسطائية، مثل هل الإعلام صانع للرأى العام أو دورة التأثر تخضع لحالة المجتمع من حيث الرضا أو الغضب، ومحاولة بعض المشاركين الترويج لأنفسهم وسيرتهم الذاتية، خاصة أن بعض المشاركين لم يكونوا من المتخصصين إعلاميا.
ولم يتم تناول دور إعلام الدولة إلا- على استحياء وباختصار- من د. حسين أمين عندما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بالاهتمام بهذا النوع من الإعلام، وضجت القاعة بالتصفيق، ما يؤكد أن الإعلام الوطنى الرسمى كان هو الغائب الحاضر فى هذه الجلسة التى غاب عنها أبناء ماسبيرو، رغم محاولة تنحيتهم. إن كل ما أثير فى هذه الحلقة النقاشية تحول إلى اجتهادات شخصية، لأن الذى بنى الحوار كان عليه أن يؤسسه من منطلق الحديث عن إعلام الدولة العام، وأن إصلاحه سيؤدى بالضرورة إلى ضبط الأداء فى الإعلام الخاص، ويصبح الإعلامان العام والخاص يشكلان نظاما إعلاميا جديدا، وهذا هو المطلوب فى المرحلة الراهنة، بعبارة أخرى، إن تليفزيون وإذاعة الدولة فى أى دولة من دول العالم يظلان قبلة الإعلاميين من كل الاتجاهات، شاء من شاء وأبى من أبى.
ولهذا من الضرورى تنبيه صناع القرار فى مصر على كل المستويات من خطورة الاستمرار فى تجاهل إعلام الدولة والسير وراء الإعلام الخاص الذى لا يسعى إلا لتحقيق مصلحة مالكيه، وسنظل نؤكد أن الإعلام الذى يتحرى الصدق دائما هو إعلام ماسبيرو، ومهما حاول البعض تسييس أخطائه الناجمة عن مشكلاته المهنية والبيروقراطية، سيظل هو الأساس فى تقديم الخبر الصادق والتحليل الموضوعى، وأعتقد أنه إذا ساعدته الدولة على عبور مشكلاته سنجد بذلك أول الطريق فى إصلاح الإعلام!!