السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثلاث هوانم من قصر الرئاسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثلاثة وأربعون عامًا مضت على يوم العزة والكرامة العربية، نصر أكتوبر العظيم، نتذكر الأحداث ونستمع إلى الأغانى ونشاهد الأفلام، بجوار سماع من تبقوا من أبطالنا وهم يروون لحظات الحرب، ونعود لنسبح في بحر النسيان!!..هذا العام انتهز الإعلاميون المناسبة لعمل لقاءات مع السيدة «جيهان السادات»، وهى نموذج مشرف للمرأة المصرية بما قدمت من أدوار في خدمة المجتمع والوقوف بصلابة لعلاج مشكلات المرأة والمساعدة في سن قوانين لحمايتها حتى أطلق العامة على تلك القوانين اسمها. والسيدة جيهان محببة للقلوب وحكاءة من طراز فريد، كلماتها كالمغناطيس تجذب الأذن وتأمر العقل بالإنصات، سعدت ومعى ملايين بتلك البرامج التي حققت للقنوات الخاصة عائدا كبيرا من الإعلانات، ولكن أثناء الحوارات لاحظت بعض النقاط.. عندما تسأل عن أحوالها بعد استشهاد الزعيم السادات، تظهر امتعاضا يظهر ضيقها للمتابع، ومعه لوم مغلف للرئيس مبارك أنه لم يعطها حقها.. وبمتابعة اللقاءات ظهر أن معاش السيدة جيهان كان تسعمائة جنيه من الشئون الاجتماعية وليس من القوات المسلحة، وهو ما تراه إجحافا لحقها سنوات طوالا، قبل أن يعيد الرئيس السيسى الأمور إلى نصابها الصحيح.. وهنا أتساءل: لماذا لم تتقدم السيدة جيهان لوزارة الدفاع للمطالبة بحقها؟!..وهل كان معاش السيدة «تحية» زوجة الرئيس جمال عبدالناصر من القوات المسلحة أم من الشئون الاجتماعية أيضا؟!..وما قيمة هذا المعاش؟!..وماذا فعل السادات لزوجة عبدالناصر؟!.. وخاصة أن بينهم تاريخا طويلا من العلاقات الاجتماعية، بالإضافة لشراكة الزعيمين، عبدالناصر والسادات، في النشاط السياسي وعضوية تنظيم الضباط الأحرار.. كما أبدت السيدة جيهان استياءها من عدم دعوتها لاحتفالات أكتوبر ثلاثين عامًا.. وهنا أسأل: هل دعيت السيدة تحية لاحتفالات يوليو أو أكتوبر طوال حكم الرئيس السادات؟!.. ربما لو تمت دعوتها آنذاك لكانت المراسم تعودت على دعوة زوجة الرئيس السابق في كل مرة وأصبح بروتوكولا؟!.. لا أعرف إجابة لأسئلتى ولكننى بالبحث تعرفت على السيدة تحية وقرأت أنها التزمت الصمت بعد وفاة الرئيس جمال، ولم تطلب سوى توفير مدفن لها بجوار زوجها.. ولم تدافع عن نفسها فيما قيل عنها بعدم ممارستها لأى دور اجتماعى كزوجة لرئيس الدولة، وهو مخالف للحقيقة لأنها كانت تشاركه الزيارات، وتستقبل الضيوف وممثلى الدول الأخرى، وكان لها دور اجتماعى، ولكنه بالطبع ليس بقوة دور السيدة جيهان أو السيدة سوزان مبارك.. والتي كان لها دور عظيم في الشأن العام والقضايا الاجتماعية وكل ما يخص المرأة والطفل، والاهتمام بحملات التطعيم حتى استطاعت المساعدة في القضاء على شلل الأطفال، بالإضافة لدورها البارز في الثقافة والمكتبات وإعادة طباعة أمهات الكتب.. وروت السيدة جيهان أنه قد تم التشكيك في قدرتها على الحصول على الماجستير بمرتبة الشرف أثناء فترة تولى الرئيس السادات، ونفت مجاملتها وبرهنت على ذلك بأنها حصلت على مرتبة الشرف في الدكتوراه أيضا بعد وفاة السادات بست سنوات، وبمفهوم المخالفة يعد ذلك شهادة للرئيس مبارك ونظامه بعدم التدخل بشكل سلبى أو استهداف أسرة الرئيس السادات.. تظهر السيدة جيهان بعض اللوم للرئيس مبارك لإهمالها، ولو كانت السيدة تحية بيننا وتحدثت، لنال الرئيس السادات منها لومًا أكثر..وبالقطع السيدة سوزان والرئيس مبارك يلوماننا جميعا عما يريانه من جحودنا وتجاهلنا لهم، وخاصة أثناء الاحتفال بذكرى النصر الذي شارك في أهم أدوار نجاحه الرئيس مبارك قائد القوات الجوية.. وذلك لأنها الحرب الأولى التي يكون للطيران العربى دور حقيقي فيها، فدائما ما كانت القوات الجوية نقطة ضعفنا والتي تجاوزناها في حرب ٧٣، لذلك كان لها اهتمام خاص في سنوات ما قبل ٢٠١١، ومن يقرأ كتاب «كلمة السر» ـ وهو مذكرات الرئيس مبارك من عام ١٩٦٧وحتى١٩٧٣ ـ يعرف جيدا أننا لم نستثمر وجود ضابط فذ وقائد عظيم من أبطال أكتوبر بيننا، ولم نستمع له ولشهادته بكل حيادية لنعلم ونتعلم ونتلاشى الأخطاء.. وبالعودة إلى السيدة جيهان فقد قالت إنها لم تشعر هي والرئيس السادات بالسعادة بعد تولى الرئاسة حزنا على الرئيس جمال، وأذكرها أن الرئيس مبارك والسيدة سوزان بالتأكيد لم يسعدهما تولى الرئاسة في ظل اغتيال الرئيس السادات وما تلاها من أحداث إرهابية وسيطرة من الإرهابيين على مديرية أمن أسيوط وقتل ضباطها وأفرادها، وما مر بمصر وقتها من أحداث جسام.. أحب السيدة جيهان وأقدرها ولكنى أيضا أحب شريكة حياة الرئيس جمال، وأحب السيدة سوزان التي تفتحت عيناى وجيلى وما يليه وهى الأم التي نحتفى بها، ونعزف ونغنى أمامها، وتمد يديها بحنو وعطف لتسلم علينا.. يا ليتنا نحب تاريخنا الماضى ونحترمه، ونحب حاضرنا ونسانده ونقف في ظهره، لنستطيع أن نبنى مستقبلا يليق بمصر كالرواسى الشامخات.. ولا نأخذ من أجدادنا الفراعنة أسوأ عاداتهم، وهى محاولة الحاكم طمس اسم من سبقه.. فيا ليتنا نبدأ من حيث انتهى الآخرون، ونتذكر دائما أنه كما تدين تدان.. فمن المفارقات أن نسمع ابنة الرئيس عبدالناصر ـ بإيعاز من هيكل ـ تتهم الرئيس السادات بقتل والدها ودس السم له في فنجان القهوة..ثم تأتى ابنة الرئيس السادات لتتهم الرئيس مبارك بقتل والدها أيضا..فكفانا تلويثًا لتاريخ قادتنا، ولنتذكر قول الله تعالى «وتلك الأيام نداولها بين الناس».