العلاج بالمسكنات وسيلة غير مجدية فى علاج الأمراض المستعصية علي المديين المتوسط والطويل، مقولة توقفت أمامها عندما سمعتها من أحد الأطباء، ما دفعنى إلى محاولة قياس نفس المقولة على أوضاع بلدنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى أراها تعانى مشكلات حياتية وتحديات مفروضة على شعبنا داخليًا وخارجيًا، ومن بين هذه الأوضاع على سبيل المثال لا الحصر، حالة الإعلام المصرى الذى يعانى فوضى وانفلاتًا منذ سنوات بحيث أصبح من الأهمية بمكان وبعد ثورتين البحث عن صيغة مناسبة نعالج بها أمراض الإعلام سواء كان عامًا أو خاصًا، وقد تعرضنا لها من قبل فى أكثر من مقال.
وأعتقد أن الأمر أكبر من الإعلام، فنحن فى حاجة ماسة لفكر جديد فى كل مجالات حياتنا نستعيد به فى البداية النسق القيمى لأمة عرفها العالم عبر العصور من خلال حضارتها الضاربة فى أعماق التاريخ، والتى ربطت بين الدين والعلم والفكر والفنون والأخلاق.
وأتصور أن سياسة أنصاف الحلول أو كما قيل «المسكنات»، لن تمكن من الانتقال إلى مرحلة التنمية المستدامة بلا مشاكل مزمنة، لأنها فى التحليل الأخير تشكل عائقًا أمام مسيرة التقدم، واتفق مع الرأى الذى يقول إن فكر الرئيس السيسى وسرعة استيعابه لمشكلات الوطن، لا يتلاءم مع فكر وسرعة مسئولين فى مؤسسات كثيرة بالدولة، حيث يتسم فكرهم بالتقليدية وتتسم سرعة تفكيرهم بالبطء والخوف من كل جديد، حتى أن بعضهم ليست لديه القدرة على اتخاذ القرار.
وربما هذا ما جعل الرئيس يدعو القوات المسلحة إلى تحمل مسئولية إنجاز مشروعات قومية عديدة من المفترض أن مؤسسات الدولة المدنية هى التى تقوم بإنجازها، مثل مشروع ازدواج المجرى الملاحى لقناة السويس والطرق بطول البلاد وعرضها، واقتحام مشكلات الإسكان والعشوائيات حتى محاربة ارتفاع الأسعار كان للجيش دور فى مواجهة جشع بعض التجار بتعميم منافذ بيع منتجات جهاز الخدمة الوطنية لبيع اللحوم والدواجن والخبز والخضراوات والفاكهة وغيرها من السلع التى يحتاجها المواطن بشكل يومى.
ولا شك أن هناك مجالات عديدة تنتظر حلولًا وأفكارًا غير تقليدية لمعالجة مشكلاتها مثل التعليم والصحة والزراعة والصناعة والسياحة والكهرباء والطاقة، وحل مشكلة البطالة والنظافة والتخطيط المرورى والعمرانى. وأعتقد أنه ليس فى صالح الوطن الاعتماد الكلى على مؤسسة غير مدنية فى تطوير هذه المجالات، حتى لا يتهكم البعض بالقول ما فائدة الحكومة ؟.
لقد أصبح من الضرورى إحداث ثورة إدارية فى الوزارات والمحليات، للقيام بدورها فى التخطيط السليم والتطوير العلمى والعملى، حتى يتم البعد عن المسكنات فى حل المشكلات، ومن بينها عدم اللجوء لفكرة التواكل على الغير فى حل المشكلات، خاصة المتعلقة بحياة المواطن اليومية، ويجب التخلص بسرعة من فكرة «أنصاف الحلول» أو دعونا نقول «الترقيع»، لأن ما نحتاجه اليوم بالفعل هو رؤية استراتيجية للمستقبل، ويا حبذا لو قامت مؤسسات الدولة بمشاركة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى باستعارة الانضباط والالتزام من المؤسسة العسكرية، حتى يمكن العبور بالوطن من عنق الزجاجة وترك قواتنا المسلحة، كى تتفرغ للدفاع عن حدودنا وتحمى أمننا القومى، وأتذكر أن الرئيس السيسى عندما تولى زمام المسئولية عام ٢٠١٤ دعا إلى تواجد القيادات والمسئولين فى مكاتبهم من الساعة السابعة صباحًا، وأعتبر ذلك ترجمة لمبدأ الالتزام، وأشك أن يكون هناك من ظل ملتزمًا بهذا الحضور حتى اليوم غير الرئيس السيسى نفسه.