الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

المسلم بين الإيمان الحق والتأسلم (35)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ونأتي الآن إلى بعض من عبارات كانت ولم تزل أشد فعالية في ميدان الإرهاب المتأسلم من الرصاص والقنابل، ألم نؤكد ونكرر “,”أن الإرهاب يبدأ فكراً“,”؟، فلنر ما ردده سيد قطب من فكر أباح له إجازة القتل “,”حتى بالنسبة للمسلمين الأبرياء“,” [لأنهم في نظره ليسوا بمسلمين حقاً] وأباح له التفجيرات التي هزت العالم.
إن كلمات سيد قطب كانت ولم تزل وستظل مظلة للإرهاب المتأسلم الذي أخشى أن يطالنا في زمن ليس بالبعيد ولعل أكثر من ظلم سيد قطب هم من يوالونه ويتمسكون بالولاء له.. فقد جعلوا من كتاباته شماعة يعلقون عليها جهلهم بحقيقة الإسلام ويبررون بها تأسلمهم ورصاصهم الذي يرتد في حقيقة الأمر إلى صدر الإسلام الصحيح المسلمين والمتمسكين بالإسلام حقاً وصدقاً، فحتى عندما يتحدث سيد قطب عن السلام العالمي يعود ليؤكد “,”ضرورة الجهاد لحماية المؤمنين ونشر الدعوة والقضاء على أي ظلم في الأرض حتى تسود الحاكمية لله وتتحقق ربوبية الله على الأرض“,” [سيد قطب – السلام العالمي الإسلام – (1992) – صـ170] أما الحضارة الغربية “,”فقد استنفدت أغراضها ولم يعد لها ما تعطيه للبشرية من قيم تصلح لبقائها ورقيها، لقد أصيبت بالعقم، وهي نبت شيطاني وتحمل في طياتها عوامل انهيارها“,” [سيد قطب – المستقبل لهذا الدين – صـ48] وفي كتاب آخر يقول “,”ليس الذي ينقص البشرية لقيام مجتمع إسلامي هو وجود فقه إسلامي متطور إنما الذي ينقصها ابتداء هو اتخاذ الإسلام نهجاً وشريعته شريعة“,” [الإسلام ومشكلات الحضارة – صـ184] ويمضي سيد قطب قائلاً: “,”وألف كتاب عن الإسلام، وألف خطبة في مسجد، وألف بعثة من الأزهر، كل أولئك لا يغني غناء مجتمع صغير يقوم في ركن من أركان الأرض يعيش بمنهج الإسلام ويعيش لمنهج الإسلام وتتمثل فيه خصائص هذا المنهج“,” [المرجع السابق – صـ180] .. إنها ذات فكرة إمارة بن لادن في “,”تورا بورا“,”ً وذات ما حاوله شكري مصطفى، وما هو موجود الآن في سيناء ويواصل قطب “,”وكل فقه تراد تنميته وتطويره لا يعترف ابتداء بحاكمية الإسلام هو عملية استنبات للبذور في الهواء، وهو عبث لا يليق بجدية الإسلام“,” [صـ88] ثم نأتي إلى الكتاب الأساس “,”في ظلال القرآن“,” والذي راجع قطب وهو في السجن ثلاث عشرة جزءًا منه، عدل وأضاف واستبدل كلمات بأخرى كالرصاص تجسد فكر التأسلم الذي يأمر حتماً بالإرهاب ونقرأ “,”الجاهلية ليست اسماٍ لمرحلة تاريخية سابقة على الإسلام، بل إنها تنطبق حرفياً على كل وضع بصرف النظر عن اعتبارات الزمان والمكان، إذا كان الوضع مشابها لتلك المرحلة التاريخية السابقة على الإسلام“,” [سيد قطب – في ظلال القرآن – الجزء الأول – صـ10] ثم إلى عبارة أخرى نقلها هو حرفياً إلى كتابه “,”معالم في الطريق“,” “,”يدخل في المجتمع الجاهلي كل مجتمع ملحد كالدولة الشيوعية، وكل مجتمع وثني كالهند وأواسط أفريقيا واليابان، وكل مجتمع كان ولا يزال يعد من أهل الكتاب كالمجتمعات الرأسمالية، أيضاً تلك المجتمعات التي خلفت المجتمعات الإسلامية وورثت أرضها وديارها وأسماءها تدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة، لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها فهي وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله، تعطي خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، وتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها“,”[الظلال ـ الجزء الثامن – صـ1023] ويقول “,”إن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده، ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته، ولو قدمت الشعائر التعبدية له وحده“,” ثم “,”إن المشقة الكبرى التى تواجه حركات الإسلام الحقيقية تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين، في أوطان كانت في يوم من الأيام داراً للإسلام يسيطر عليها دين الله وتحكم بشريعته، ثم إذا هذه الأرض، وإذا هذه الأقوام تهجر الإسلام حقيقة وتعلنه اسماً، إذا هي تتنكر لمقومات الإسلام اعتقاداً وواقعاً وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقاداً“,” و“,”في الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين، ولكن لا الأقوام تشهد أن لا إله إلا الله بهذا المدلول، ولا الأوطان اليوم تدين لله بهذا المدلول، وأيما رجل لم يشهد أن لا إله إلا الله بهذا المدلول فإنه لم يشهد ولم يدخل الإسلام بعد، أيما كان اسمه أو لقبه أو نسبه، وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة لا إله إلا الله بهذا المدلول فهي أرض لم تدن بدين الإسلام ولم تدخل في الإسلام بعد“,” [الظلال – الجزء السابع – صـ939] ، ونقرأ “,”إنها معركة وجود أو هي معركة بين وجودين [أسماها بن لادن بعد ذلك فسطاطين] لا يمكن أن يكون بينهما تعايش أو سلام“,” وهنا يكمن التحريض على العنف ضد كل من ليس من جماعته.. فهو يؤكد “,”لا يمكن أن يكون بينهما تعايش أو سلام“,” ويوضح قطب الواجبات على جماعته “,”فهي تواجه هذا الواقع بما يكافئه، وتواجهه بالقدوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات، وتواجهه بالقوة والجهاد لإزالة هذه الأنظمة والسلطات القائمة عليها“,” [سيد قطب – معالم في الطريق – صـ57] وفي كتاب المعالم تكون الكلمات أكثر حدة وأكثر صراحة “,”إن الأمة الإسلامية قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بالشريعة من فوق ظهر الأرض جميعاً“,” [المعالم – صـ6] ذلك أن “,”الأمة الإسلامية ليست أرضاً كان يعيش فيها الإسلام، وليست قوماً كان أجدادهم في عصور سابقة يعيشون بالنظام الإسلامي، إنما الأمة الإسلامية جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم كلها من المنهج الاسلامي، وهذه الأمة بهذه المواصفات قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض [صـ5] ثم يؤكد “,”فهذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله على الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية، إنها تسند الحاكمية إلى البشر فتجعل بعضهم لبعض أرباباً ليس في صورة الجاهلية الأولى الساذجة وإنما في صورة وضع التصورات والقيم والشرائع والقوانين بمعزل عن نهج الله للحياة“,” و“,”القانون الوضعي لا يستحق السيادة والسماوية فهذه المنزلة حققها الله بقانونه الذى يجب على الناس اتباعه“,” ثم ينادي رجاله “,”ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي ولا أن ندين له بالولاء، بل علينا أن نستعلي عليه، وألا نعدل من قيمنا وتصوراتنا قليلاً أو كثيراً.. نحن وإياه على مفترق طريق، وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله ونفقد الطريق“,” [صـ146] .
ويواصل قطب تصلبه “,”الإسلام لا يقبل أنصاف الحلول مع الجاهلية.. فإما إسلام وإما جاهلية ووظيفتنا هي إقصاء الجاهلية..“,” ثم هو يتحدى “,”إننا لن نتدسس لهم بالإسلام، بل سنكون صرحاء معهم، هذه الجاهلية التي أنتم فيها بخس، والله يريد أن يطهركم، وهذه الأوضاع التي أنتم فيها خبث، هذه الحياة التي أنتم فيها دون، والله يريد أن يرفعكم“,” [صـ150] ثم يوجه حديثه إلى كل مسلمي العالم “,”هذا ليس إسلاماً، ولستم مسلمين والدعوة اليوم إنما ترد هؤلاء الجاهلين إلى الإسلام، ولتجعل منهم مسلمين من جديد“,” [صـ134] ثم “,”إن هناك داراً واحدة هي دار الإسلام التي تقوم فيها الدولة المسلمة فتهيمن عليها شريعة الله وتقام فيها حدوده.. وما عداها دار حرب، علاقة المسلم بها إما القتال أو المهادنة على عهد أمان“,” ثم يؤكد “,”والذي يدرك طبيعة هذه الدين يدرك حتمية الانطلاق الحركي الإسلامي في صورة الجهاد بالسيف إلى جانب الجهاد بالبيان“,” [صـ162] ثم يقول “,”المسلمون أجراء عند الله وحينما وكيفما أرادهم أن يعملوا عملوا فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير“,”[صـ172] .
وهكذا لم يترك سيد قطب أمام رجاله منفذا، فهم مجبرون مأمورون بالقتال ضد المجتمعات الجاهلية التي هي كل الأرض وكل الناس ما عدا هذه الحفنة التي وقفت معه وأطاعت تعاليمه“,”.
ولا يبقى من حديث عن سيد قطب إلا متابعة التعليقات على كتاباته ومحاولة نقدها أو تفسيرها.