رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مفتية النساء نادية عمارة في حوار خاص مع "البوابة": الإسلام لا يلزم المرأة بزي معين

 الدكتورة نادية عمارة
الدكتورة نادية عمارة الداعية الإسلامية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رفضت الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية وعضو اللجنة الثقافية للمجلس القومى للمرأة، محاولات بعض شيوخ السلفية لتقييد حريات النساء، وتصوير الإسلام على أنه جاء ليكمل فكر الجاهلية فى وأد البنات وجعلهن سبايا وجوارى، مدللة على ذلك بآيات من القرآن ومواقف من السنة النبوية الشريفة.
■ هل تجدين صعوبة فى ممارسة عملك باعتبارك تعملين فى مجال الدعوة وأنتِ امرأة؟
- لم يعد الأمر حاليًا هكذا، فالناس أصبحت تتقبل عمل النساء فى جميع المجالات، فالعبرة فيما تقولين وفيما تصوغين من الآراء الفقهية وسياق الأدلة معها، العمل عامة فى مجال الفتوى والفقه هو موهبة وعلم من عند الله لا يميز به بين رجل وامرأة، فكل إنسان على قدر اجتهاده وأمانة نقله للعلم.
■ يطلق على الجيل الجديد من الداعيات «فقهاء النساء»، فهل حدث أن لجأ إليك رجال لطلب فتوى؟
- نعم كثيرًا ما أجد بعض التساؤلات من الرجال، ويقومون بمداخلات هاتفية معى فى البرنامج، والفترة الأخيرة الموضوع زاد كثيرًا، حتى أننى فى بعض الأحيان أواجه أسئلة من رجال أتعجب من أنهم قرروا توجيهها لامرأة، فى إحدى الحلقات سألنى زوج أنه اكتشف خيانة زوجته له، ولكن لا يريد تطليقها، لأنه يشعر بالتقصير تجاهها، تعجبت كثيرًا من سؤاله، والناس هاجمته كثيرًا ولكنى احترمت صدقه.
■ كيف تتعاملين مع الانتقادات التى توجه إليكِ ولبعض الشابات اللاتى يعملن فى مجال الدعوة من التيارات المتشددة حول أسلوب ملابسكن والشكل الذى تخرجن به على الشاشة؟
- الموجودات على الساحة القليلات جدًا، والداعيات معظمهن يظهرن بالشكل التقليدى والمحتشم، ولكنهم يتوجهون بمثل هذا الكلام تجاهى أنا، خاصة أننى أول من خرجت ضد أفكارهم المتطرفة، وأؤكد أن الإسلام لا يلزم المرأة بلباس أو لون محدد، وخرجت كداعية بزى هم يرفضونه، وكسرت قاعدتهم الباطلة، «فمعجبهمش»، فمن قال إن الإسلام فرض على النساء «التسود»، فهؤلاء يريدون أن يصدروا ثقافة الأسود فى أسود فى كل ما يخص المرأة، وهذا بخلاف ما يوجد فى الإسلام، فقد ثبت أن السيدة عائشة أم المؤمنين كانت تحرم فى الزى المورد «أى المنقوش عليه ورود»، والصحابيات كن يحرمن فى الأثواب المُرحلة، أى المرسوم عليها رحيل الجمال، وكن يرتدين الأحمر والأصفر والأخضر.
■ البعض يقول إن كل ما ترتديه النساء إلا الأسود فهو تبرج.. ما رأيك فى ذلك؟
- الإسلام يقول إن خير طيب النساء ما بهر لونه وخفى ريحه، بالتالى ليس هناك لون للمرأة ترتديه، ولكن هؤلاء المتطرفين يحاولون محاربة تلك الأفكار الوسطية بشدة، ويرون أن سلاحهم الأول فى مواجهتها بمحاربتنا نحن، خاصة أن «نادية عمارة» هى أول من جاء بالمصادر للحديث حول هذا الجدل الفقهى، ولكنهم لم يقدروا على مواجهتى، لأنى كنت أتحدث بالصحيح من المصادر، فكبار أهل العلم أكدوا أنه ليس هناك شرط فى لون ملابس المرأة، فلكل مجتمع ثقافته وتتجلى تلك الصورة بوضوح داخل الحرم المكى، فالنساء يرتدين ما يناسب ثقافتهن، ولكن الاشتراط فى الالتزام بآداب الزى الشرعى من حيث إخفاء عورتها، ولكن هذا لا يتناقض مع التزين واختيار الرداء الراقى، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، فمعنى هذا أن التزين مسموح به، وبالتالى فمن حق النساء ارتداء اللون والطراز الذى يردنه.
■ يؤكد بعض الشيوخ السلفية أن الإسلام يرفض وجود فقيهات.. ما رأيك؟
- هؤلاء يتحدثون عن جهل وأفكار لا أعرف تخرج عن أى دين، فالإسلام حفل بكثير من الفقيهات والداعيات، وحتى الإمام ابن تيمية الذى يتشدقون بأفكاره، فبعض الآراء تقول إنه ينسب إلى جدته «تيمية» وهى تعد كبرى فقيهات الشام، كما أن بيت النبوة كان مليئًا بالنساء الفقيهات، فالسيدة عائشة زوجة رسول الله صلي الله عليه وسلم، كانت من أوائل من نقل العلم النبوى إلى الصحابة، وبالتالى فهؤلاء المتشددون غفلوا أن العطايا الربانية من منحة الفهم وفهم العلم وهذه المواهب التى يعطيها الله، لا يمنحها للرجال دون النساء، ولكن يمنحها لعباده أجمعين.
■ إذن.. لماذا يحاول البعض تصدير فكرة أن الإسلام يصور المرأة باعتبارها آلة إنجابية لا يحق لها إلا «السواد فى السواد» كما قلتِ؟
- هذا هو إسلامهم هم، ولكن حقيقة الإسلام أمر آخر، فالإسلام دين يسر وسلاسة، دين يحرص على الحياة المجتمعية الإنسانية، ولا يمكن أن تكون تلك الحياة بشق واحد، فالإسلام يؤكد أن المجتمع يطير بجناحى الرجل والمرأة، ولذلك النبى عليه أفضل الصلاة والسلام، علمنا أن النساء شقائق الرجال، ليدفع عن الأذهان والعقول مثل هذه التصورات الخاطئة التى لا تمثل إلا أفكارًا منتهية ومن الجاهلية، لكن قيمة الإسلام أن جعل هناك سورة قرآنية يتعبد بها العباد إلى يوم القيامة اسمها سورة «النساء»، لكن لم يرسل الحق بسورة تحت عنوان الرجال، وأتى الإسلام يحكى سيرة الكثير من النساء، سواء سيرة السيدة مريم سيدة نساء العالمين، أو حتى المرأة التى جادلت الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، باعتباره الرجل الأول للدولة الإسلامية، ولم يحكم الحق عليها بالموت، وإنما سجل القرآن جدالها، فالإسلام احتفى بالمرأة ولكن لمن يعقل ويتدبر.
■ ما رأيك فى تحريم خروج المرأة إلى العمل؟
- لن أتحدث عن رأيى، ولكن سأتحدث عن النبى عليه الصلاة والسلام، فعندما وجد امرأة بارعة فى الطب بنى لها خيمة طبية، وكانت بديلًا للمستشفيات فى الوقت الحالى، ولم يقل الرسول لرفيدة الإسلامية: اجلسى فى بيتك، وإنما وجدها عنصرًا مهمًا يفيد المجتمع، فاستفاد من موهبتها، وهو كان يشجع جميع النساء الموهوبات، فكان يشجع «رفيدة» على السفر للصين مع والدها لالتماس الطب، ولكن هؤلاء «المتفيقهين» لا يفهمون سوى أطراف قرأوها فى كتب متناثرة لم يتتلمذوا على أيدي أساتذة كبار، يقولون إن الرسول سمح لها بذلك فقط فى وقت الحرب، ولكن إذا كان هذا، فلماذا لم يحضر النبى واحدًا من الصحابة وجعله مكانها، لأنها تفوقت على الرجال بموهبتها وعلمها، فالنبى عليه الصلاة والسلام، كان يسمح للنساء بأن يشاركنه الغزوات، وكان البعض منهن يخلفه فى الغزوات، فشيوخ السلفية لا يراعون السياق الذى تأتى فيه الآيات، ويقتصون من القرآن ما يتماشى مع أهوائهم دون تحليل ما قبله أو بعده.
■ كيف يمكن تصحيح التفسيرات المغلوطة التى تسبب شيوخ الوهابية فى ترسيخها فى المجتمع المصري؟
- لا بد من إعادة هيكلة الخطاب الدينى لدى المجتمع المصرى، وهذه قضية بالغة العمق والصعوبة، لأنها لا تقع على عاتق مؤسسة واحدة، وإنما تؤول إلى مؤسسات عدة، بداية من مؤسسة الأزهر، وهم يقومون بدورهم بشكل جيد لإصلاح الأشياء المغلوطة، ثم الأوقاف وغيرهما من المجامع العلمية، فعليها احتضان الكوادر النسائية، ليكن سفراء عن هذا الدين ويكنّ على دراية وأمانة فى نقل العلم الصحيح والتدقيق فى التراث، وهناك شق آخر بمنهج التعليم العام والتعليم الدينى، ولا بد من إعادة النظر فى المناهج التى نقدم فى إطارها التعليم، ولا بد من إيجاد صيغة للتعامل مع كتب التراث، وهذا ليس بمعنى ما يتقول به بعض الجهلة بضرورة «حرق التراث»، لأننا لسنا فى حاجة إلى حرقه أو تركه، ولكننا فى حاجة إلى مناهج رصينة فى التعامل مع التراث، فهو ثمين وليس أى شخص قادرًا على التعامل معه.
■ هل خدمة الزوجة لزوجها فرض عليها؟
- بالطبع لا، إن خدمة المرأة فى بيت زوجها تُعد تَفضّلًا منها تحصل من خلاله على صدقة، ولكن يجب أن تقوم به فى وجود من يساعدها، والله سبحانه وتعالى أقر مبدأ الحقوق والواجبات وفكرة القوامة، والشرع يوجه الرجال إلى أن السيادة على المرأة ليست استبدادية، أو بالاستعلاء إنما السيادة بحسن الخلق، «على الزوجة مباشرة أمور المنزل، والإقرار بحقوقها وكل إنسان ينفق على قدر يسره وعسره، وهكذا الشرع الحنيف، والمرأة راعية ومسئولة فى بيت زوجها.
■ ما نصائحك للنساء للاستفادة من الشهر الكريم؟
- على الجميع اغتنام الوقت بشكل جيد والانشغال بذكر الله وقراءة القرآن الكريم والصلاة والدعاء، مع ضرورة البعد عما يلهى عن العبادة، إن الفتن والملهيات بدأت تتفشى منذ فترة، وأصبح التنافس على هذه الملهيات واضحًا بشكل كبير وفى مقدمتها المسلسلات والأفلام.
لا بد من شحن البطارية الإيمانية، حتى يستمر الإنسان لفعل الخير لما بعد رمضان، كما يجب عدم تفويت ليل رمضان إلا ويصلى بضع ركعات لله تعالى، كما يجب كف اللسان عن الكلام السيئ والغيبة والنميمة والقول السيئ بصفة عامة الذى يبعد الصائم عن أنوار الله.